الأربعاء، فبراير 29، 2012

تاريخ الولايات الثلاث أكبر من أن يلتف عليه أحد.... أحمد المهدي

ولايات ليبيا الثلاث (برقة وطرابلس وفزان) هي تاريخ راسخ لأنه يمتد لآلاف السنين. و بالتالي فإن أي محاولة للقفز على حقيقة راسخة في جذور وأعماق التاريخ ولآلاف السنين لاستبداله بوضع لا يزيد عمره عن 48 سنة، هي محاولة فاشلة لأنه وببساطة وزن آلاف السنين أكبر بكثير من وزن 48 سنة

48 سنة 3000 سنة ولمن لا يعلم أن ليبيا كانت ثلاث أقاليم مختلفة طول سنين التاريخ حتى سنة 1963، فعليه مراجعة التاريخ وتثقيف نفسه لكي يناقش بعلم وعلى بينة.



1963 هو ذلك العام الذي أفاق الليبيون فيه ذات صباح على إلغاء الأقاليم الثلاث التاريخية دون أن يستشيرهم أحد!!!. لم يتم استفتاء الشعب الليبي على أمر عظيم كهذا و الذي استلزم تغيير دستوري كبير!!. هذا التغيير الدستوري حدث دون أخذ رأي أصحاب الشأن والذين هم الشعب الليبي.
إن تغيير الدساتير دون استفتاء الشعوب هو أمر دكتاتوري وضد حقوق الإنسان. ولمن يحتاج لمثال، فإنه عندما مات رئيس سوريا الأسبق حافظ الأسد وأرادوا تنصيب ابنه بشار، اضطروا لتغيير الدستور لأن به مواد تمنع تعيين بشار كرئيس، وطبعاً دون استفتاء الشعب.
والذي اقصده هو أن تغيير الدساتير يمكنه أن يتم بدون استفتاء الشعوب و لكن هذا لا يعني أنه سيتم دائماً بشكل ديمقراطي وفيه احترام لإرادة الشعب، وهذا ما حصل في سوريا سنة 2000 وحصل في ليبيا سنة 1963 عند إلغاء الولايات الذي استلزم تغيير دستوري خطير ولكن دون استفتاء الشعب.
الولايات الثلاث هو الوضع الصحيح والطبيعي لأي فدرالية للأسباب التالية:
  1. تاريخياً ليبيا مكونة من 3 ولايات وهو ما فرض اختلافات (وليس خلافات) في العادات والتقاليد واللهجة والتراث وأيضاً التاريخ والتركيبة السكنية المختلفة الجذور بكل وضوح.
  2. الثلاث ولايات هو وضع معترف به دولياً و ليبيا عندما نشأت بقرار مجلس الأمن نشأت على أساس الثلاث ولايات. وعقد الشراكة الليبي الذي تم بين إمارة برقة المستقلة آن ذاك و إقليم طرابلس الذي كان جمهورية قبل ذلك وإقليم فزان، هذا العقد الذي تم بين الأقاليم الثلاث كان بين ثلاث متعاقدين وبالتالي الوضع القانوني والدولي كله قائم على أساس الثلاث ولايات. ولذا فإن أي مراجعة أو تعديل في العقد لا تتم إلا من خلال جمع المكونات الثلاث لتجديد أو تعديل بنود عقد الشراكة المبرم بينهم.
  3. بناءاً على النقطتين السابقتين فإن المطالبين بالفدرالية هم سكان ولاية برقة بشكل خاص وفزان بشكل عام والرافضين هم سكان ولاية طرابلس. أي أن الجدل حول القبول والرفض هو جدل يدور بين ثلاث ولايات ويرسخ الحقيقة التي تؤكد أن الأقاليم الثلاث بينها فروق اجتماعية وثقافية وتاريخية وعرقية لا يمكن إنكارها.
وفي المحصلة نحن رجعنا لنقطة الصفر كالتي كنا عندها سنة 1951 وما زالت التركيبة السكانية والثقافية والتاريخية هي نفسها لأنه مر من الوقت 60 سنة فقط والتي تعتبر لا شيء في عمر الشعوب التي أعمارها تقدر بآلاف السنين. فـ 60 سنة، زمن غير كافي لإحداث أي تغييرات جذرية تتغير معها التركيبة الاجتماعية والسكانية والثقافية. ولهذا ما زال واقع الثلاث ولايات والتركيبة الاجتماعية والسكانية والثقافية لم تتغير، وبالتالي فإن هذا يفرض علينا إتباع نهج الآباء المؤسسين سنة 1951. وهنا أنا استخدم لفظ آباء وليس أجداد، لأن الزمن لم يتباعد بعد لنتكلم عن الأجداد خاصة وأننا نتكلم عن عامي 1951 و 1963.
اليوم نرى الكثير من أهل برقة يريدون العودة إلى الوضع الصحي والطبيعي ذي الجذور الضاربة في أعماق التاريخ. فهم يسعون إلى عودة النظام الفدرالي العادل وإلغاء كل تجاوزات الماضي القريب، فإلغاء الفدرالية من الدستور الليبي مخالف للأعراف الدولية ومضاد لمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان. وكذلك العودة للمسميات التاريخية التي سعى الطاغية لطمسها. فما معنى أن نقبل بعودة النشيد والعلم الذي ألغاهما الطاغية، ونـُبقي على مسمياته التي أراد بها طمس التاريخ عندما غير أسم برقة إلى المنطقة الشرقية؟.

ولهذا، فمن يدعي أن برقة تسعى للانفصال أو التقسيم، فمثل هذا الإدعاء يدحضه الدم الذي قدمته برقة والتي كانت لديها الفرصة سانحة للانفصال ولكن أهلها فضلوا أن يضحوا بالآلاف من خيرة شبابهم ورجالهم لتحرير كل شبر في ليبيا على أن يستغلوا الفرصة السانحة التي لم يفكروا فيها أصلاً. ولذا فإنه من السخف، بل من العيب، أن يقول أحدهم أن برقة تسعى للانفصال عندما تطالب بالفدرالية ويخلط بين الفدرالية والانفصال لأن دم شهداء برقة يـُكـّذّب كل من يتهمها بكل نكران وسخف بمحاولة الانفصال.

ثم إنه لمن السذاجة القول أن الفدرالية تقسيم أو انفصال لأنه كلام عاري عن الصحة يروجه البعض لمعارضة الفدرالية فقط ولانعدام الحجج العلمية التي تسند إدعاءاتهم الباطلة، ولن أدخل في نوايا هذا البعض لكي لا أكون مثلهم. والتحدي مفتوح أمام كل من يدعي أن الفدرالية تقسيم وتفتيت للدولة بأن يأتي بأدلة علمية من علم التاريخ أو الجغرافيا أو علم الاجتماع أو أي علم من العلوم الإنسانية يثبت من خلاله أن الفدرالية هي تقسيم أو تؤدي إلى التقسيم. وأضيف إلى هذا التحدي طلب الإجابة عن السؤال التالي:
هل أسبانيا سنة 1978 والبرازيل سنة 1988 وبلجيكا سنة 1993 والتي كانت كلها دول وحدية مركزية سياسياً والتي قررت شعوبها بطريقة ديمقراطية الانتقال من نظام مركزي سياسياً إلى فدرالي اتحادي، هل كانت هذه الشعوب مقسمة وتوحدت في تلك التواريخ؟؟؟؟.

وكذلك نريد من يفسر لنا، هل البرازيل وأسبانيا وبلجيكا حمقى وأغبياء وخونة وانفصاليين لأنهم اختاروا نظام سياسي يفتت بلدانهم عاجلاً أم آجلاً؟!!!! هل انتقالهم من المركزية والنظام الوحدي المندمج إلى الفدرالية يعني أن البرازيل واسبانيا وبلجيكا اختاروا نظام يزعزع استقرارهم و يضرب وحدتهم و يؤدي إلى تفتيت دولهم؟؟؟........
لله في خلقه شؤون!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق