الجمعة، فبراير 17، 2012

كل عام وأنتم (بخير) تهنئة قد لا تعجب البعض.... رمضان الفراوي

كل عام وأنتم (بخير)
تهنئة قد لا تعجب البعض
نعم، كل عام وأنتم بخير، ولكن لعله لا يكون من نوع الخير الذي تمتعنا به خلال العام الماضي..
يقول بعض الناس أن الحديث الصريح والجريء، والنقد الموضوعي الساخن، هو تشاؤم، كما لو أننا خلال العام المنصرم كنا نعيش وضعا ورديا زاهيا، وأن مشكلتنا الوحيدة هي أننا فقط قوم لا يعجبهم العجب ولا الصيام في أكتوبر..
كل عام وأنتم بخير.. رغم أن الانتصار على الطاغية كان مذهلا، وشبه مستحيل، وأنه كلفنا آلافا من الأرواح الغالية وسيولا من الدماء الطاهرة، إلا أن كل ما جرى بعد ذلك الانتصار لم يكن خيرا بأي مقياس من المقاييس :


الثوار المقاتلين الذين أهدوا لنا ذلك النصر، بعضهم ذهب إلى ربه فائزا بالشهادة، وبعضهم ذهب إلى الخارج ليعالج جروحه وإصاباته دون أن يتم ذلك حتى الآن، والبعض الباقي عاد إلى بيته، وبرز لنا في الشارع مسلحون آخرون لبسوا جبة الثورة، وكونوا مليشيات لا يحكمها أي رادع، وطفقوا يتقاتلون هنا وهناك ويعتقلون ويعذبون من تضعه الأقدار تحت أيديهم.. يقفلون الحدود ويفتحونها، ويحتفظون بأسير مجرم ويقدمون له الكسكسي والميراندا ويرفضون نقله إلى العاصمة لمحاكمته
كل العام وأنتم بخير، رغم أنه يقودنا مجلس يعشق الغموض والسرية، ويتغاضى عن الجرائم التي يرتكبها بعض أعضائه، ويتسامح مع جرائم يرتكبها رئيسه مثل تزوير جوازات السفر، ويضحك على ذقوننا فيما يخص معالجة قضية اغتيال بطل كالفريق عبد الفتاح يونس حتى أوصلنا إلى نسيانها تقريبا...ويتجاهل إرادتنا فيصدر قانون انتخابات لم نشارك في صياغته ولا نرضى به
كل العام وأنتم بخير.. رغم أننا أوكلنا أمرنا إلى حكومة لا تجيد سوى الارتباك، واقتراف الأخطاء والعجز شبه التام عن (نقلنا) إلى المستقبل، بينما يتحفنا وزير ماليتها بخبر مفاده أن المليارات من أموالنا تهَرب إلى الخارج، كما لو أنه يزف إلينا خبرا سعيدا، ودون أن يوضح لنا ماذا عليه أن يفعل بخصوص ذلك الشأن..
كل عام وأنتم بخير... رغم أن أموالنا تسرق بالملايين جهارا نهارا، سواء كانت في صورة اعتمادات بنكية أو نقود سائلة توضع في حقائب سفر وتذهب جوا إلى الخارج، أو كانت في صورة عهد نقدية لم يقم المعنيون بتسويتها (ولمن لا يصدق ذلك فليطلع على قائمة تلك العهد المسجلة على ذمم بعض أعضاء الانتقالي وذمم غيرهم)
كل عام وأنتم بخير... وليبيا ممتلئة حتى حافتها بالأحزاب وشبه الأحزاب، والتيارات السياسية، والجبهات والحركات، التي لا نعرف مرجعيتها، ولا الكيفية التي تشكلت بها، حيث لم يصدر قانون تنظيم النشاط الحزبي بعد، كما لا نعرف برامجها السياسية إذا كانت تمتلك مثل تلك البرامج، علما بأنها بعد أربعة شهور سوف تتصارع على السلطة لتصل إلى البرلمان لتجلس هناك وتستمتع بصياغة مصيرنا.
كل عام وأنتم بخير... ورئيس الدولة الإيطالية يطلب من جيش إيطاليا الاستعداد (لتدخل عسكري ممكن في ليبيا) لأنه ما زال يعتبر أن ليبيا هي الشاطئ الرابع لإيطاليا، وأن بالإمكان احتلالها خصوصا وأن بعض ما يجري فيها يبرر ذلك.
وكل عام وأنتم بخير... وأعوان المقبور ما زالوا يعدون العدة لحكم ليبيا من جديد، وابنته التافهة تريد أن تقاضي الشعب، وابنه ( المثلي) يعلن أن له اتصالات مع بعض أعضاء الانتقالي، وأنه سيعود إلى ليبيا ويشكل حزبا (للمثليين) ولا تستطيع الخارجية الليبية إزاء ذلك إلا أن تبلغ حكومة النيجر بأنها (زعلانة) جدا من هكذا تصريحات..
وكل عام وأنتم بخير.. رغم أن الأصوات الجريئة الشريفة التي تعتصم في غير ميدان تواجهها تهمة أنها من الطابور الخامس والأزلام، وتمارس ضدها أبشع أنواع التجاهل والتسفيه والإقصاء، مثلها في ذلك مثل الأقلام الحرة، التي وصلت إلى درجة(الصفير في أذن ميت)
كل عام وأنتم بخير...
ولكي لا يزايد علينا محترفوا المزايدة، نقول أن ما ذكر أعلاه ليس تشاؤما، بل هو حقائق قد يفضل البعض عدم معرفتها لكي يتحاشوا الانزعاج، ولكنها حقائق موجودة سواء قبلناها أو خدعنا أنفسنا بالقول بأنها ليست هنا.
والخبر الجيد هو أنها رغم كونها خطيرة ومزعجة، إلا أن حدوثها قد يكون ضريبة مفروضة في حال كحالنا، وهي مهما كانت سيئة، فهي لن تنال من ذلك النصر العظيم الذي تحقق على طاغية كان يملك أسلحة تكفي لجيوش أربع دول وكتائب يمكنها أن تغزو نصف أفريقيا في يومين.
أما هؤلاء الذي لم يجعلوا من عامنا الفائت خيرا، فهم سيذهبون، ومن يبقى فسوف يواجه ما لا يتوقعه وسوف يعوضنا الله خيرا على أموالنا المنهوبة، وسوف ينتهي أبناء وأعوان نظام الطاغية إلى ذات المزبلة التي ذهب إليها قائدهم..
قليل من الصبر. وسوف تولد ليبيا.

رمضان الفراوي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق