الأربعاء، فبراير 15، 2012

عادل المشيطي.. منشد ليبيا الثائر

في مدينة الزاوية غرب طرابلس، وهي لا تزال سجينة ترزح تحت نير كتائب القذافي، انسابت أنشودة "سوف نبقى هنا" للمنشد الليبي عادل المشيطي عبر مذياع صغير إلى أذن المناضل حسن المريمي المعروف في ليبيا بالعبارة الشهيرة "مطلبنا الحرية" فقرر الموت ومعه 750 ثائرا دفاعا عن مدينتهم وقيم الحرية التواقين إليها. وصف المريمي الذي تزيّن صورته اليوم المدن الليبية لحظة اتخاذه القرار بالقول إن الأنشودة هزت مشاعره عندما ضاقت به ورفاقه الأرض واشتد حصار الكتائب عليهم. ومثلت أناشيد المشيطي في نظره عاملا مؤججا للثورة ضد نظام العقيد الراحل معمر القذافي، وأقسم حينما استمع إليها بأن يدفع حياته ثمنا لخلاص مدينته الزاوية وحريتها. وتقود هذه الرواية إلى الحديث عن أناشيد المشيطي من قبيل "سوف نبقى هنا" و"فوق المنارة أذن المختار" و"يا دم الشهداء"، ودورها في شحذ همم الثوار طيلة ثمانية أشهر من القتال في حرب تحرير ليبيا. فقد لا تجد بيتا ليبيا واحدا لا يستمع إلى الأناشيد الوطنية للمشيطي الذي يعتبره الليبيون "علامة فارقة في الفن المقاتل"، وفي الجبهات والساحات العامة وعبر نغمات الهواتف النقالة والسيارات استمع الشعب إلى صوته، ورفضوا الاستماع إلى صوت القذافي.


الطبيب المناضل
عادل المشيطي هو طبيب وسجين سياسي ما بين 1996 و2001، جادت قريحته وراء قضبان سجن بوسليم بأناشيد حماسية اخترقت الجدران الباردة لتصل قلوب الليبيين ووجدانهم. دخل عادل في مواجهات مبكرة مع أركان النظام، فهو لم يتأخر في تقديم المساعدة الطبية عندما كان طالبا في السنة الرابعة طب إلى جرحى المواجهات المسلحة مع نظام القذافي خلال التسعينيات، وأودع السجن تحت وطأة التعذيب والحبس الانفرادي والحرمان من أبسط الحقوق الإنسانية. عمل النظام على طمس أناشيده وتغييبها طيلة سنوات، لكن انتفاضة 2006 في بنغازي أعادت لأناشيده بريقها، وتداولها المتظاهرون، وقررت أجهزة الأمن الليبية اعتقاله واتهمته بالانتساب إلى القاعدة وبزيارة الأردن لتنفيذ أعمال إرهابية بالتعاون مع أبي مصعب الزرقاوي، قبل أن يتم الإفراج عنه لاحقا. وتحدث الطبيب المبدع للجزيرة نت عن أناشيده ودورها في ثورة 17 فبراير قائلا إنه حاول جاهدا بكافة السبل أن تكون عبارات أناشيده في مستوى الثورة والتضحيات.

 صورة حسن المريمي صاحب العبارة الشهيرة
"مطلبنا الحرية" في أحد شوارع بنغازي
رسالة
ويعتبر المشيطي الإنشاد رسالة وليس مهنة للارتزاق والتكسب ووسيلة لتذكية الروح الإسلامية والوطنية، لافتا إلى أن الكلمات التي كتبها الشاعر فرج أبو الجود نابعة من أعماق أحاسيس الشعب وتاريخه النضالي الطويل. ويضيف أن أناشيده أثرت على معنويات النظام وأعوانه، مشيرا إلى أنها ساهمت في تغيير قناعات الكثير من أنصار القذافي وشجعتهم على الانضمام إلى صفوف الثوار. وتقول رئيسة تحرير مجلة "لنا" ريم البركي إنها ومعظم الليبيين تعودت على الاستماع قسرا إلى الأغاني التي تمجد القذافي فقط، لكنها بعد الثورة لا تذهب إلى ساحة محكمة بنغازي إلا بعد الاستماع إلى أغاني عادل. وتمنت في حديثها للجزيرة نت استماع الشعب مجددا إلى أغاني مصراتة وكافة المدن، لعل ذلك يوحدهم مثل أول أيام الثورة، حسب قولها.
أسطورة
من جهتها تشير سرور أستاذة التاريخ الإسلامي في جامعة درنة إلى أن استماعها لأغنية "سوف نبقى هنا" يولد لديها رغبة جامحة في الذهاب إلى الجبهات، واصفة أناشيد عادل المشيطي بأنها "أسطورة تاريخية". لكن طالبة الدراسات العليا فاطمة الشيخي تشعر بخليط من الحزن والفرح عندما تستمع إلى المشيطي وهو يردد "فوق المنارة أذن المختار". بدوره يعتبر المقاتل يوسف الترهوني أن عادل المشيطي فنان قدم فنا راقيا للثورة، متمنيا الاستمرار على هذا النهج الراقي في الأداء والمضمون، وهو يستحق شرف لقب "منشد الثورة"، حسب تعبيره.
خالد المهير ـ ليبيا ـ الجزيرة نت

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق