يشتد النقاش خلال هذه الفترة حول الفيدرالية والمركزية
واللامركزية، ولا جدال في أن هذا النقاش يغذيه بقوة قانون انتخاب المؤتمر الوطني
العام، وبشكل خاص ما تم من تقسيم للدوائر الانتخابية استنادا على منظور انتخابي
ضيق لا يستقيم ومقتضيات هيئة يفترض أن تشرف على إعداد دستور دائم يحكم الحاضر
والمستقبل، من ولد ومن لم يولد بعد. لقد آن الأوان ليتدارك مجلسنا الانتقالي ما تم
وان يتصرف انطلاقا من حقيقة أن هذا المؤتمر كمؤتمر دستوري أو”هيئة تأسيسية”
ليس “بهيئة تشريعية تقليدية” وأن له مواصفات مختلفة ، والصلاحية
لإحداهما لا تجعله صالحاً للأخرى. وتسمو مهام “الهيئة
التأسيسية” على مهام “الهيئة التشريعية” وتحكمها،
وتقتضي في الأعضاء حكمة ومسؤولية وطنية وسياسية بعيدة عن حسابات الدوائر
الانتخابية المألوفة في الهيئة التشريعية.
وعليه لا يمكن الخلط بين طريقة اختيار أعضاء المؤتمر الوطني
العام “كهيئة تأسيسية” وطريقة اختيار “الهيئة التشريعية”.
وإذا كان للأغلبية أن تفرض رؤيتها أو برنامجها على الأقلية في “هيئة تشريعية”،
فليس لها ذلك في وضع يجب أن يقوم على التوافق بين كافة مكونات وأطياف الشعب، بما
في ذلك الأقليات ومن خسروا أو لم يشاركوا في الانتخابات. ورغم تعدد اختصاصاتها
التشريعية والمالية والرقابية فإن “الهيئة التشريعية” لم تعتبر على
مدار التاريخ، ملائمة لإعداد دستور أو إصداره، وليس في شروط اختيار أعضائها ما
يتطلب القدرة على وضع دستور دائم.
إن الفقه الدستوري يميز بوضوح بين الهيئتين ويسمي هيئة
وضع الدستور بالسلطة التأسيسية Pouvoir Constiuant تمييزاً لها عن
السلطات التي تنشئها أحكام الدستور والتي تعتبر هيئات مؤسَّسَة (بفتح السين). وساد
هذا التمييز ممارسات الدول بما في ذلك الممارسات الليبية المتعلقة بإعداد دستور
1951. فبعد صدور هذا الدستور في 7 أكتوبر 1951 بتوافق ساد أعمال الهيئة التأسيسية
“الجمعية التأسيسية الوطنية”، صدر في 6 نوفمبر 1951 قانون الانتخاب متضمناً
المبادئ والقواعد التقليدية المنظمة لاختيار أعضاء الهيئة التشريعية “البرلمان.
*
بعثة ليبيا لدى الأمم المتحدة/نيويورك-عضو لجنة القانون الدولي /جنيف
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق