كثيرا ما تتشابه
الأيام وكذلك السنين أو كما يقال “التاريخ يعيد نفسه” و لكن أن تتشابه بهذا القدر
وهذا الكم وفي وقت قصير فهذا ما لم يكن في الحسبان. فلو رجعنا بليبيا إلي عاما
مضي, ففي هذا الوقت من العام الماضي كان القذافي يهدد و يتوعد وأن ذكري أخر خطاباته
ليست ببعيدة. ففي هذا الخطاب هدد المناطق التي يسيطر عليها الثوار بالزحف وقال
“نحن لم نستخدم القوة بعد” و هاهو رئيس المجلس الوطني و بعد عام من خطاب القذافي
يهدد باستخدام القوة ضد من ينادي بالفدرالية. وقد تناسي عبدالجليل أن ذلك لم ينفع
القذافي و الذي حين قال نحن لم نستخدم القوة بعد , كان يعني ما يقول و قد كانت
لدية القوة و لكنه تناسي قوة الجبار و أن إرادة الشعوب لا تقهر مهما طال الزمن. و
لعل السؤال الجدير بالنقاش في هذا الموضع هل للدولة الليبية أي قوة أو سلطة؟ وللإجابة
نتسأل أين قوة الدولة الليبية و منافذها و مطاراتها تحت سيطرة مليشيات لا تتبع
للحكومة وأين قوة الدولة عندما حاولت المرتزقة السيطرة علي الكفرة ,أين سيطرة
الدولة لإرجاع القضاء الليبي إلي مؤسساته وأين قوة الدولة و الاستخبارات الأجنبية
بمختلف جنسياتها تتحرك في ليبيا من غير قيد أو شرط أو حتي تأشيرة دخول.
وأيضا من
أوجه التشابه بين الأمس و اليوم وكما شاهدنا وزراء القذافي وكذلك أبنائه علي
الشاشات و هم يزيفون الحقائق و وينكرون وجود مرتزقة تقاتل إلي جانب كتائب القذافي
, و قد تذكرت هذا عندما شاهدنا كلا من وزير الدفاع و رئيس الأركان وآخرين من
الحكومة و هم ينفون وجود أي مرتزقة تقاتل إلي جانب التبو في الكفرة و يصرون علي أن
الصراع صراع قبلي و لا يمس سيادة الدولة علي الرغم أنه تم إرسال عدد من المرتزقة
التشاديين إلي للحكومة بعد القبض عليهم في الكفرة.
كما أنه من
الصعب أن تمحي من الذاكرة صورة أعلام القذافي و خصوصا عندما شاهدنا كلا من هالة
المصراتي وحمزة التهامي و هما يحملان السلاح علي شاشات التلفزيون و يهددان كلا من
تسول له نفسه المساس بالثورة أو قائدها , وها نحن بعد عام تقريبا نشاهد محمود
الورفلي علي شاشات تختلف فقط في الشعار عن قنوات القذافي و قد قال “ما حدث بالأمس
في بنغازي من دعاة الفيدرالية خيانة عظمى ويجب إعدامهم” وقد تناسي أن من يطالبون
اليوم بحقوقهم هم أول من أنتفض ضد القذافي وأول من كانت التضحيات منهم.
و لعل من
أخر من شاهدنا علي التليفزيون وهو وزير الداخلية فوزي عبد العال و قد أكمل ما نقص
من خطاب عبد الجليل بقوله لان الرسائل عندما تبعث و ترسل من مصراتة يكون لها معني
أخر وذكرني ذلك بقول القذافي من هنا البيت الصامد وكذا وزير الداخلية يهدد بالجموع
التي أمامه كلا من يخالفهم الرأي و لم ينقص من خطاب القذافي إلا قوله أنه الزحف
المقدس و أن الملايين قادمة إليكم. ولم ينسي وزير الداخلية أن يهدد الدول التي
ساندت القذافي وقال أننا مستعدون للمواجهة و أن ذراع ثوار ليبيا أطول مما يعتقدون
, ألم يقل القذافي أننا مستعدون للمواجهة وهو الذي بقي في السلطة أكثر من أربعين
عاما و الكل رأي كيف كانت نهايته.
ومن أوجه التشابه
أيضا فقد كانت سجون القذافي مليئة بالمساجين و لا تخضع لقانون و لا لحقوق إنسان و
لا محاكمة عادله والآن بعد عام هاهي نفس السجون مليئة بالمساجين ودون أي قضاء و لا
تخضع لسيطرة الحكومة و لا حقوق إنسان. أيضا قبل عام كانت كتائب القذافي تسيطر علي
طرابلس والآن هاهي كتائب الثوار تسيطر علي العاصمة و تأبي الخروج منها ومن المقرات
العامة و المرافق الحيوية.
وكذلك من أوجه
التشابه بين اليوم و البارحة هو ما حدث في بنغازي يوم المظاهرة المؤيدة للفدرالية
و من تعرض لهم من البلطجية و وما ما كان بحوزتهم من أسلحة لضرب و لتفريق المتظاهرين
سلميا و الذين يعبرون عن أراهم بطريقة لا تتنافي مع خلق أو دين , وما أشبة ذلك بما
حدث قبل عام من ألان و ليس ببعيد في المكان وهو ظهور أصحاب القبعات الصفراء لقمع
المتظاهرين علي كوبري جليانة وما حدث من قتل و قمع للمتظاهرين ذلك اليوم علي أيدي
أصحاب القبعات الصفراء.
وهنا يحق لنا
أن نتسأل هل حقا تحررننا ؟ هل تحررنا من ألأفكار و العقليات التي لا تقبل إلا
الرأي الواحد وماعدا ذلك هو خطأ وحرام و قد يكون مخرج من الملة أذا ما كانت الفتوى
من أحد علماء السلاطين.
هل نحن في
بلد يتجه إلي الديمقراطية و نحن لا نستطيع حتي سماع أراء الآخرين وناهيك عن تقبلها
و مناقشتها؟. وكيف لنا أن نبي بلد وقد أصبحت الجهوية والقبلية و العرقية تنمو و
تزيد مع الأيام. و كيف يبني جيش وشرطة تسهر علي أمن الوطن و المواطن والمليشيات
تزداد قوة وعدد ولا نري جدية في بناء الجيش أو الشرطة و التي لا يمكن أن تقوم
قائمة لدولة بدونهما. وكيف لنا أن نري دولة الشفافية و قد أصبح المال العام مباح
من قبل و من بعد. و كيف لنا أن نري دولة القانون و لم نري إلي الآن أي تفعيل
للمحاكم و القضاء ولا تزال المحاكم محتلة من قبل مليشيات ليس للحكومة عليها أدني
سلطة.
و السلام
عليكم و رحمة الله
د. طارق بدر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق