تلاسن
قادة البلاد وحراس مقدراتها... واختاروا أسوأ الأوقات وأخطرها، لينشروا غسيلا ما
كان يجب - منطقًا ولا حصافة ًولا حسابًا للأحداث ومجريات أمورها - أن يُنشر.
فمن ظن
منهم أن فيما أعلنه براءة للذمة، أو تحديدا للمسئولية، أو شفافية فى إطلاع الناس
على الواقع، فقد سلك طريقا مخالفا تماما للاتجاه الذى أراده.. فتحديد ماهية
الألفاظ: يسوس من السياسة (فنا ومرونة)، أو يحكم (بحكمة فن القيادة)، كلاهما يتناقض
تماما، بل ويسقط سقوطا شنيعا عند اختيار التوقيت والمجاهرة بما سمعنا، فقد كانا
بمنأى عن السياسة وفنونها، وعن الحكمة وأصولها.
المخلصون
لليبيا يُلحِقون قطراتهم تباعا بلهف شديد رغبة فى إنعاش الجسد المُسَجّى فى أدق
الظروف وأكثرها حرجا علّ الله يستجيب لدعاء الصادقين فيرفع عن البلاد السّوء ويخفى
السّوءات، وليمكنكم من عبور الصعاب تجنبا للبلايا والأزمات، وأنتم تختارون هذا
التوقيت القاتل والفاصل لتعلنوا فشلكم فى التفاهم فيما بينكم، وتتعللون بتقييد
المجلس للحكومة، والمجلس من جانبه يؤكد على فشل الحكومة.
ويناط بنا
- نحن المحكومون - أن نتخير بين حصيلتى التقييد والفشل. فمالكم كيف تحكمون؟!.
(إنها والله لَخيرة ٌصعبة، هى بالضبط ما شبّهه المثل الشعبى بالخيرة بين
الأرْجُل).
المخلصون
فى ليبيا يتغاضون عن كثير من سلبيات الأداء البيّنة خلال عام ونيّف، ويحاولون
إسكات أفواه الصادعين، وتطمين الشّاكِينَ، وقطع الطريق عن المُشكـّكين.. وانتهج
الكثير من الحريصين على التلاحم والتقارب وعدم التفريط سياسة طبخ الأحجار فى الماء
لإلهاء الصغار حتى تتمكنوا من الحصول على ما يسدّ رمقهم وتأتونا بما يسكتهم
فيرضيهم، فطال إلهاؤنا... وطال، ثم جاء حضوركم بما أسمعتمونا مخيبا للآمال!!.
المخلصون
فى ليبيا شجعوا أبناءهم ليلحقوا بركب الشهداء تواترا، وفرش ما يزيد عن خمسة وعشرين
ألفا من الشباب والكهول أجسادهم طريقا للعبور عليها إلى آفاق الحرية... فما فعلتم
بالبلاد حين توليتم أمرها؟!
لم نر انعقاد
محكمة واحدة متكاملة الاشتراطات القانونية الواجبة لمحاكمة المسيئين من أزلام
العهد السابق.. ولم نستطع إقناع دولة واحدة بتسليم أحد من المطلوبين لدينا.. ولم
نتخذ اللازم نحو تحقيق الأمن ليسود الأمان فى الوطن، بل ولم نستطع حتى الآن تأمين
إذاعة رسمية واحدة فى البلاد.
وعن
الانتخابات تتحدثون.. وهل تـُجرى الانتخابات إلا فى بلاد اطمأن أهلها إلى وضوح
الرؤية وتحديد الهدف حين يقترعون ديمقراطيا للاختيار الأوفق، وكيف يتأتى ذلك فى
وقت لا توجد فيه ضمانة مؤكدة ولا خطة أمن محكمة نحو سلامة أداء الناخبين وتأمين
الحفاظ على المقار وعلى صناديق الاقتراع. ورغم كل القصور... فالأمل فى الله وفى
شعبنا كبير فى أن تجرى الانتخابات برغبة الناس الصادقة فى البناء وحسن نواياهم
المجرد ورغما عن قصور الإعداد البيّن، تماما كما احتفلوا تلقائيا بعفوية وانضباط
كاملين فى ذكرى اندلاع الثورة ولم نسمع عن أى انفلات أمنى أو حوادث إطلاق رصاص
عشوائى.
فاختلاف
الرأى يكون مقبولا، وشرعيا مندوحا،عندما يجتهد النجباء وتتنوع آراؤهم استهدافا
للتيسير على الناس، واستكشافا لأيسر السبل وصولا للهدف دون لأى أو مشقة، ويأتون
بحلول لما شقّ علي الناس من أمور تساقُ مبرراتها بما لا يقذيه منطق ولا تقارعه
حجة. وهذا ما أوجب الحكم بأن فى اختلافهم رحمة... أما هذا الخلاف الذى نرى ونسمع
منكم، وفى هذا التوقيت، وعند هذه الحوافِّ الخطيرة... فذلكم والله مما لا يباركه
الله ولا تقبله الأمة...
قال
تعالى:(لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا، ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة ولكن ليبلوكم
فيما آتاكم). فهل استبقتم الخيرات أم ارتضيتم الخلاف والمنازعات؟.
وسيكتب
التاريخ...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق