السبت، مارس 24، 2012

مخاوف مواطن برقاوي ليبي.... عمر عامر

ظهر علينا مؤخرا السيد إبراهيم محمد صالح وكيل وزارة التعليم العالي معلنا قرار إيفاد 8000 طالب دراسات عليا من طرابلس وما حولها لأن أجراءتهم مستوفاة . ما لا يعرفه السيد وكيل الوزارة أو ربما يعرفه و تجاهله عمدا أن معظم هؤلاء قدموا طلبات الإيفاد عندما دعا أمين اللجنة الشعبية للتعليم في عهد المقبور الخريجين إلى التقدم بطلبات الإيفاد نظير الخروج في مليونيات معمر الهالك ضمن مساعي أخرى مشابهة لاحتواء الثورة في طرابلس كصرف 500 دينار للمواطنين.

الأدهى أن الصفاقة وصلت لحد القيام باعتصام أمام وزارة التعليم العالي في حكومة الدكتور الكيب مطالبين بإتمام أجراءتهم ليحصلوا على مبتغاهم في النهاية.
سيزيد هذا الاكتشاف مشاعر المرارة والغضب التي يشعر بها الليبيون من خارج العاصمة فبينما كانت الكثير من مناطق البلاد تقدم أرواح أبنائها للتحرر من حكم الطاغوت وتعاني فظائع حربه الوحشية عليها، قام آخرون يفتقرون للوطنية بخيانة تاجوراء وسوق الجمعة ومصراتة والجبل الغربي والزاوية وزوارة وبرقة في مخالفة صريحة لفتوى الشيخ الصادق الغرياني.
تتحمل وزارة الدكتور الكيب جزء غير يسير من وزر هذه الفعلة المشينة لكن من يتحمل الجزء الأكبر من المسؤولية هي إدارة البعثات للخارج والتي غالبا ما سيكون مسئوليها ممن استمروا في مباشرة الدوام حتى 19 أغسطس (سقوط طرابلس ) وانقطعوا عن العمل لإجازة قصرية قصيرة استمرت حتى أواخر أغسطس عندما انتقلت السلطة التنفيذية إلى طرابلس. ليعودوا إلى مقر عملهم وقد تغير اسمه من أمانة اللجنة الشعبية للتعليم إلى وزارة التعليم العالي دون أن يصاحب هذا التغيير في الاسم ادني تغيير في سلوكياتهم الجهوية .
مركزية وجهوية
بخلاف التطمينات التي مابرح المسئولون يرددونها بعدم العودة للمركزية البغيضة، إذا ألقينا نظرة سريعة على الشهور التي أعقبت تحرير طرابلس سنجدها مليئة بالتصرفات الجهوية والسلوكيات العنصرية التي تختزل ليبيا في طرابلس كما كانت طوال سني حكم القذافي.
على سبيل المثال لا الحصر: قضية الحجاج من اسر الشهداء و إلغاء قرار استلام بنغازي لمخصصات برقة من العملة المحلية مباشرة من مطابع أوروبا وتأخير إرسالها من طرابلس و التهميش الواضح والمعتاد في اختيار الوفد الرياضي المشارك في دورة الألعاب العربية بالدوحة.
سيقول البعض أن الشهور القليلة الباقية حتى تشكيل المؤتمر الوطني ووضع الدستور هي فترة انتقالية من الطبيعي بروز السلبيات خلالها. وأدفع بدوري أن هذه الشهور هي التي ترسم فعليا الدولة الجديدة في ليبيا فهؤلاء ال 8000 من طلبة الدراسات العليا سيرجعون بعد سنة أو اثنتين ليحتلوا مواقع مهمة في أجهزة وإدارات الدولة الليبية.
بالله عليكم، هل تعتقدون أن الذين بدءوا حياتهم الأكاديمية والعملية بخيانة شعبهم لقاء الحصول على درجة علمية متقدمة في جامعات أوروبا وأمريكا سيديرون البلاد بطريقة تختلف عن الطريقة الفاسدة العنصرية التي ثار عليها شبابنا في ثورة استشهد فيها الآلاف و بهرت العالم؟.
في ذات السياق ومما يدعو للسخرية المريرة أن أعداد الثوار المقدمة للجنة شؤون المحاربين قفز إلى مائة وخمسين ألف مجاهد بعد تحرير طرابلس وخروج رئيس المكتب التنفيذي في حينه الدكتور جبريل معلنا عن مكافأة الثوار. ولو كان عدد الثوار كذلك والله ما احتجنا إلى 8 أشهر للظفر بالقذافي.
هل يعيد التاريخ نفسه!
بعد انتهاء جهاد أجدادنا المجيد في برقة 1911ـ1931 ولجوء المجاهدين للمهجر سرعان ما أخذت برقة المبادرة واستجابت لدعوة السيد إدريس السنوسي رحمه الله التي وجهها إلى الليبيين في 7 أغسطس 1940 وتشكل اثر ذلك جيش التحرير السنوسي الذي حارب مع الحلفاء أثناء الحرب العالمية الثانية لتحرير البلاد من الاستعمار الايطالي وكنتيجة مباشرة لذلك حصلت برقة على استقلالها في الأول من يونيو 1949 لتكون الدولة العربية الثامنة بدستور وبرلمان وحكومة وانضمت إليها باقي البلاد لتظهر إلى الوجود في 24 ديسمبر 1951دولة ليبيا الحديثة الدستورية.
بعد اقل من عقدين استولى القذافي على السلطة بانقلاب مشبوه ليحكم البلاد طوال 42 سنة مظلمة بعنصرية جعلت الجغبوب تتبع إداريا لسرت على بعد المسافة بينهما!..
و كما حصل منذ سبعين عاما، أخذت برقة في 17 فبراير 2011 المبادرة من جديد للتحرر من طغيان القذافي وطردت نظامه في أيام معدودة وقاتل أبناؤها من كل القبائل باختلاف أصولها لمساعدة إخوانهم في المناطق التي خرجت لمساندة بنغازي عندما اعمل فيها المقبور ألته القمعية. رفضت مصراتة والزنتان وغيرها من المناطق الثائرة المغريات المادية الكبيرة التي عرضها عليهم المقبور للرجوع عن وقفتهم مع الحق. واستقبلت مدن برقة وقراها النازحين من شتى أرجاء ليبيا وصولا إلى تحرير كامل تراب الوطن.
بعد تحرير طرابلس وانتقال السلطة التشريعية والتنفيذية إليها بدأت مباشرة نفس السلوكيات الجهوية بالظهور من جديد وعادت البيروقراطية الفاسدة في طرابلس لنفس الممارسات العنصرية التي ضقنا بها ذرعا طوال العقود الأربعة السابقة لنجد أنفسنا أمام السؤال المخيف :
هل يعيد التاريخ نفسه بوتيرة أسرع ؟!.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق