الْمَالُ ظِلٌّ زَائِلٌ وَعَارِيَّةٌ مُسْتَرْجَعَةٌ وَلَيْسَ فِي كَثْرَتِهِ فَضِيلَةٌ، وَلَوْ كَانَتْ فِيهِ فَضِيلَةٌ لَخَصَّ اللَّهُ بِهِ مَنْ اصْطَفَاهُ لِرِسَالَتِهِ، وَاجْتَبَاهُ لِنُبُوَّتِهِ.
وَقَدْ كَانَ أَكْثَرُ أَنْبِيَاءِ اللَّهِ تَعَالَى مَعَ مَا خَصَّهُمْ اللَّهُ بِهِ مِنْ كَرَامَتِهِ وَفَضَّلَهُمْ عَلَى سَائِرِ خَلْقِهِ، فُقَرَاءَ لاَ يَجِدُونَ بُلْغَةً وَلاَ يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ ، حَتَّى صَارُوا فِي الْفَقْرِ مَثَلاً، فَقَالَ الْبُحْتُرِيُّ:
فَقْرٌ كَفَقْرِ الأنْبِيَاءِ وَغُرْبَةٌ * وَصَبَابَةٌ لَيْسَ الْبَلاَءُ بِوَاحِدِ
وَلِعَدَمِ الْفَضِيلَةِ فِي الْمَالِ مَنَحَهُ اللَّهُ الْكَافِرَ وَحَرَمَهُ الْمُؤْمِنَ. قَالَ الشَّاعِرُ:
كَمْ كَافِرٍ بِاَللَّهِ أَمْوَالــُهُ * تَزْدَادُ أَضْعَافًا عَلَى كُفْرِهِ
وَمُؤْمِنٍ لَيْسَ لَهُ دِرْهَمٌ * يَزْدَادُ إيمَانًا عَلَى فَقْرِهِ
يَا لاَئِمَ الدَّهْرِ وَأَفْعَالِــهِ * مُشْتَغِلاً يَزْرِي عَلَى دَهْرِهِ
الدَّهْرُ مَأْمُورٌ لَــهُ آمِرٌ * يَنْصَرِفُ الدَّهْرُ عَلَى أَمْرِهِ
وَقَدْ بَيَّنَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه فَضْلَ مَا بَيْنَ الْعِلْمِ وَالْمَالِ فَقَالَ: الْعِلْمُ خَيْرٌ مِنْ الْمَالِ. الْعِلْمُ يَحْرُسُك، وَأَنْتَ تَحْرُسُ الْمَالِ. الْعِلْمُ حَاكِمٌ وَالْمَالُ مَحْكُومٌ عَلَيْهِ. مَاتَ خَزَّانُ الامْوَالِ وَبَقِيَ خَزَّانُ الْعِلْمِ أَعْيَانُهُمْ مَفْقُودَةٌ، وَأَشْخَاصُهُمْ فِي الْقُلُوبِ مَوْجُودَةٌ.
وَسُئِلَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: أَيُّمَا أَفْضَلُ الْمَالُ أَمْ الْعِلْمُ ؟ فَقَالَ: الْجَوَابُ عَنْ هَذَا: أَيُّمَا أَفْضَلُ الْمَالُ أَمْ الْعَقْلُ.
وَقَالَ صَالِحُ بْنُ عَبْدِ الْقُدُّوسِ:
لاَ خَيْرَ فِيمَنْ كَانَ خَيْرُ ثَنَائِهِ * فِي النَّاسِ قَوْلَهُمْ غَنِيٌّ وَاجِدُ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق