[ خلق الله الإنسان، وجهّزه بحقيقتين عظيمتين، هما: العقل والقلب، وأقام كلاًّ منهما على وظيفة لا يتأتّى أن يقوم بها غيره، ولا يصلح من دون تحقيقها شيء من أمر الدنيا أو الآخرة.
أمّا العقل، فوظيفته أن يُقبل على الأشياء فيدركها على حقيقتها، وأن يستدلّ بظواهر الأمور على ما وراءها، وأن يتوصّل من وراء ذلك إلى معرفة الله عز وجل، وإلى الإيمان بوحدانيّته وربوبيّته المُطلقة.
وأما القلب، فوظيفته أن يسير من وراء هدي العقل، فيحبّ الخير الذي أثبت العقل أنه خير، ويكره الشرّ الذي أثبت العقل أنه شر، ويجعل ملاك ذلك كله في سبيل مرضاة الله عز وجل واتّباع شرعه.
ولا بدّ لعمارة الكون وتحقيق النظام فيه من عمل كلّ من هذين الجهازين، فلولا العقل لامتزجت نزواتُ النفس وأهواؤها بخفقات القلب وعواطفه، وتلاقى السّفل والعلو على إيقاد شرّ مستطير من شأنه أن يفسد كل شيء: ﴿وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ﴾ (المؤمنون: 71).
وأما القلب، فوظيفته أن يسير من وراء هدي العقل، فيحبّ الخير الذي أثبت العقل أنه خير، ويكره الشرّ الذي أثبت العقل أنه شر، ويجعل ملاك ذلك كله في سبيل مرضاة الله عز وجل واتّباع شرعه.
ولا بدّ لعمارة الكون وتحقيق النظام فيه من عمل كلّ من هذين الجهازين، فلولا العقل لامتزجت نزواتُ النفس وأهواؤها بخفقات القلب وعواطفه، وتلاقى السّفل والعلو على إيقاد شرّ مستطير من شأنه أن يفسد كل شيء: ﴿وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ﴾ (المؤمنون: 71).
ولولا القلبُ، لما وجد الخير إلاّ في دنيا الوهم والخيال، ولظلّ بنيان الفضائل والمُثل العليا مجرّد رسومٍ وخطوطٍ على الورق، أو كلماتٍ وجملٍ حلوة على الشّفاه.
فالعقل إذن هو القدرة الكاشفة والمخطّطة، والقلب هو القوّة الدافعة والمحركة. ولا بدّ في كلّ عملٍ أو بناءٍ من التّخطيط المنظّم له أولاً، ثم الأداة المنفذّة له ثانياً. ونظراً إلى أن الإسلام هو جامع الفضائل كلّها، فقد كان لا بدّ للقيام بعمله هذا من الاعتماد على كلا هذين الجهازين العظيمين. فمن أجل ذلك جاء الإسلام يخاطب العقل والقلب معاً: يخاطب العقل ليدرك ويتدبّر، ويخاطب القلب ليحبّ ويتأثر. وإنك لتجد آيات الكتاب المبين تتّجه إلى تحريك نياط القلب في الوقت الذي تتّجه فيه إلى إيقاظ مدارك العقل، وذلك لينهض كلٌّ بعمله، وليُسهم كلٌّ منهما في تحقيق إنسانيّة الإنسان، ثمّ في إقامته على صعيدٍ من العبوديّة التّامة لله عز وجل.
وإنك لتجد ذلك أيضاً في أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقد كان يأبى عليه الصلاة والسلام دائماً إلاّ أن يقرن الإيمان العقلي بالمحبة القلبية. ألم تسمعه يقول في الحديث المتفق عليه: «لا يؤمنُ أحدكم حتى أكون أحبّ إليه من مالِه وولدِه والناس أجمعين». وفي الحديث الآخر المتفق عليه أيضاً: «ثلاثٌ مَن كُنّ فيه وجد حلاوةَ الإيمان: أن يكونَ اللهُ ورسُولهُ أحبّ إليه ممّا سواهما. وأن يحبّ المرءَ لا يحبّه إلاّ لله، وأن يكره أن يعودَ في الكفرِ، بعدَ أن أنقذهُ اللهُ منه، كما يكره أن يُقذفَ في النار».] ـ أ.د. محمد سعيد رمضان البوطي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق