الجلسة التاسعة للجمعية الوطنية التأسيسية الليبية يوم الخميس 18 يناير سنة 1951
وعند الشروع في المادة الثانية من الجدول أخبر سماحة الرئيس الأعضاء بأنه نظراً لما يبدو من تصريحات عزام باشا من تهجم على الجمعية فإننا أعلمنا المستر بيلت في برقية بأن محاولات عزام باشا نحتج عليها ونستنكرها حتى يكون على علم عندما يتصل بهيئات من مصر أو من الجامعة العربية.
ثم تلا السكرتير سليمان الجربي نص البرقية واستفسر العضو المحترم محمد الهنقاري عما إذا سجلت تصريحات عزام باشا وحفظت لدى الجمعية فأكد له كل من سماحة الرئيس والسكرتير حصول ذلك. ثم تلا السكرتير نص حديث عزام باشا بروما لجريدة "تيبمو" الإيطالية.
واقترح العضو المحترم المبروك الجيباني أن يدرج في جدول الأعمال مسألة قانونية الجمعية الوطنية والأسس التي قام عليها. فرد عليه العضو المحترم خليل القلال إن مادة بهذا المعنى قد درجت في جدول الأعمال وأن الغرض منها هو إيضاح أن جماعة من المغرضين يزعمون بأن الجمعية لا تمثل البلاد فعلينا أن نصدر بياناً حول ما كان هؤلاء المغرضون قد صرحوا به وأظهروه ووافقوا عليه.
وسأل العضو المحترم عبدا لمجيد كعبار عما إذا كان لدى الجمعية وثائق تبرهن على ذلك. فأكد له العضو المحترم خليل القلال وجود مثل تلك الوثائق. وبين العضو المحترم نفسه ذلك أن التصريحات التي أدلى بها بعض الزعماء كثيرة وأما الوثائق فلدى العضو المحترم عمر شنيب. وقال العضو المحترم محمد المنصوري أن بعض الزعماء من اللجنة التنفيذية للمؤتمر صرحوا مراراً بموافقتهم على الفدرالية. فنهض العضو المحترم عبد العزيز الزقلعي وأوضح أن موقف اللجنة التنفيذي للمؤتمر الوطني كان دائماً في جانب الوحدة وأن ميثاق المؤتمر لايزال صريحاً وهو ينادي بملكية جلالة الملك والوحدة وأن اللجنة التنفيذية لازالت سائرة طبقاً للمبادئ المقررة في مؤتمر مسلاتة وأنه ليس مطلعاً على أن هناك زعماء غيروا آراءهم. فبين العضو المحترم محمد المنصوري أنه لم يقل إن اللجنة التنفيذية قد صرحت بشيء من ذلك ولكن الزعماء هم الذين صرحوا.
ثم قام العضو المحترم عمر شنيب وأعلن أن لديه كتاباً موقعاً من مندوبي مصر والباكستان أرسل إلى جلالة الملك حول كيفية تأليف الجمعية الوطنية. وقرأه السكرتير سليمان الجربي وأعلن بعد ذلك العضو المحترم عمر شنيب أن بشير بك السعداوي كان هو الذي حمل هذا الكتاب إلى جلالة الملك كما قدم في نفس الوقت مذكرة توضيحية تتناول التطورات الدستورية المنتظرة في ليبيا وكانت المذكرة بإمضاء (ش...) وهو الحرف الأول من اسم الدكتور فؤاد شكري وتلا السكرتير هذه المذكرة أيضاً. وهنا نهض العضو المحترم مختار المنتصر واقترح نشر الوثيقتين، ثم سأل العضو المحترم عبد العزيز الزقلعي عمن وقع على الرسالة. فأجابه العضو المحترم عمر شنيب بأن كامل سليم بك وعبد الرحيم خان هما اللذان وقعا عليها.
كما أن بشير السعداوي هو الذي أعلن نص تلك المذكرة وكتبت بخط الدكتور فؤاد شكري وبحضور عمر شنيب نفسه. فلاحظ العضو المحترم عبدالعزيز الزقلعي أنه يظن بأنه ليس هناك شيء وقع عليه بشير بك بيده. ثم اقترح العضو المحترم إبراهيم بن شعبان نشر كليشيهات لصور الوثيقتين.
وأوضح العضو المحترم محمد بن عثمان أن وفد فزان في لجنة الواحد والعشرين كان قد طالب دائماً بإجراء انتخابات أعضاء الجمعية بالرغم من ملام الطرابلسيين في ذلك، وهنا نهض العضو المحترم خليل القلال وقال الآن نبحث موضوعاً في جدول الأعمال فقد سمعنا تلاوة كتاب محمد كامل سليم بك وعبد الرحيم خان كما سمعنا تلاوة توصيات فؤاد شكري بالنيابة عن السعداوي بك بالخصوص. وظهر من كل ذلك أن الفيدرالية ليست شيئاً جديداً بل كانت نتيجة مناقشات طويلة وهي فكرة اختمرت في دماغ بشير بك السعداوي وأن ما قامت به الجمعية كان مطابقاً لما وافق عليه بشير بك السعداوي وكامل سليم بك وعبد الرحيم خان.
وبما أن بشير بك هو رئيس المؤتمر فنحن نعتبر تصريحاته باسم المؤتمر. ومن هذا فهمتم أن الخطة التي اتبعت في قرارات الجمعية التأسيسية لم يخرج شيء منها عما سبق الاتفاق عليه وأن الدعاية الجارية الآن ضد الجمعية لابد أن تكون ناشئة عن تغير طرأ جديداً على فكر بشير السعداوي وغيرها فيجب إذاً أن نصدر بياناً نوضح فيه أن الجمعية لا تمثل نفسها فقط ولكن تمثل الشعب وما اتخذته من قرارات كان بناء على مشاورات سابقة.
ولاحظ العضو المحترم محمد المنصوري بأن بشير بك السعداوي يقول إنه راض بالفدرالية ولكن يؤيد أن يقوم هذا النوع من الحكم على أساس إدارات لا حكومات. فلاحظ العضو المحترم خليل القلال أن هذا لا يعارض قرار الجمعية. وقال العضو المحترم محمد الهنقاري إنما نحن نبحث في أشكال الفيدرالية وعلينا أن نختار الشكل الذي يوافق رغبة الشعب.
وعقب العضو المحترم عبد العزيز الزقلعي بقوله أنا متمسك بالوحدة على أساس ميثاق المؤتمر. فأطلب من الجمعية أن تتريث وأن تنظر إلى المصلحة بحكمة وثبات وأن الشعب لا يلام لأنه لم يهيأ لقبول الفدرالية. أما القول بأن الجمعية غير معترف بها فهو غير صحيح أبداً.
فلاحظ العضو المحترم خليل القلال أن مسألة الاعتراض على شرعية تأليف الجمعية كان قد أعلنها المؤتمر الوطني دائماً ولم يعترض أحد من أعضائه على ذلك. وعاد العضو المحترم عبد العزيز الزقلعي يقول: كل الخطوات التي تقرر اتخاذها ضد الجمعية كان قد أوقفها بشير بك وعارضها.
وأيده العضو المحترم محمد المنصوري بقوله إن البشير بك السعداوي لا يريد حكومات ولكن إدارات في نطاق الحكم الفيدرالي وقد دافع دائماً عن الجمعية التأسيسية ولم يطعن يوماً فيها. وقد قال بذلك وأكده أمامي أمس وفي كل مناسبة.
وأوضح العضو المحترم خليل القلال أنه لم يقل بأن البشير قد صرح بشيء ضد الجمعية بل إنه قال أن البشير بك لم يمنع إلقاء عبارات ضد الجمعية في اجتماعات رسمية للمؤتمر.
ثم عقب العضو المحترم عبد العزيز الزقلعي بأن الوحدة هي من رأي البلاد كلها، فتصدى له العضو المحترم إبراهيم بك بن شعبان وعارضه في قوله ~البلاد كلها} موضحاً بأن الدواخل لا تشاركه هذا الرأي فقال العضو المحترم عبد العزيز الزقلعي لتخرج الجمعية إلى الشعب وتأخذ رأيه حتى تقف على حقيقته.
فقام العضو المحترم خليل القلال وأشار إلى أن البلاد الآن منفصلة عن بعضها وإذا أوجدنا نظاماً فيدرالياً فإنه (أي النظام) يوجد وحدة البلاد. فرد عليه العضو المحترم عبد العزيز الزقلعي بأنه لا يرى انفصالاً في البلاد وما نحن إلا شعب واحد.
وهنا تدخل الرئيس مخلصاً فقال أظن أن الغرض من قراءة هذه المذكرة هو تنوير الهيئة والبرهنة على أنها وليدة هيئة الأمم وإن جمعيتنا لم تخالف قرار هيئة الأمم ولم تخالف قرارات الزعماء أو المجلس الاستشاري وكان بشير بك السعداوي أوضح أن أصلح الطرق هي الفيدرالية. وليس الغرض من ذلك التراجع عن قرارنا وإنما الغرض هو توضيح أن قرارنا موافق لما رآه مجلس بيلت.
وقال العضو المحترم محمد الهنقاري معقباً أن الجمعية تشكلت على وجه شرعي لا شك فيه وجميع قراراتها رسمية.
وسأل العضو المحترم عبد العزيز الزقلعي سماحة الرئيس عما إذا كان بصفته طرابلسياً قد حقق رغبة الشعب. فقال العضو المحترم محمد الهنقاري نحن سائرون في طريق تحقيقها وأن الغايات التي يقول عنها العضو المحترم عبد العزيز الزقلعي هي غايات الجميع وإنما نريد أن ندرك هذه الغايات عن طرق مختلفة.
ووجه العضو المحترم المنير برشان سؤالاً إلى العضو المحترم عبدالعزيز الزقلعي عما إذا كان يستطيع أن يرشد الجمعية إلى أن الشعب الليبي يريد الوحدة ولا يقر الجمعية. فرد عليه بأنه يطلب من الجمعية أن تقف على هذا بنفسها.
وتساءل العضو المحترم خليل القلال عما إذا يمكن للجمعية أن تعدل قرارها ووصف بأن ذلك إن حدث فهو من العبث.
فعاد العضو المحترم عبد العزيز الزقلعي مؤكداً بأن ذلك هو إيمانه الخاص وأنه يشعر بوحي من ضميره أنه مدفوع لتأييد الوحدة ونفى أن يكون ذلك عبثاً، وهنا لفت سماحة الرئيس نظر الأعضاء إلى جدول الأعمال.
فعاد العضو المحترم خليل القلال مشيراً إلى اقتراحه السابق بخصوص إصدار بيان لشرح قانونية تأليف الجمعية والدفاع عنها. فلاحظ العضو المحترم محمد الهنقاري أنه ينبغي إيضاح نقطتين هامتين في البيان هما: (1) شرعية تكوين الجمعية. (2) أن الجمعية ساعية لأن تختار في الفيدرالية ما هو قريب جداً من الوحدة وقال إنه بهذا نكسب الرأي العام.
ثم اقترح سليمان الجربي بأن تشرع الجمعية في وضع البيان. فناوله على الأثر العضو المحترم خليل القلال بياناً مقترحاً تلاه السكرتير وبعد الفراغ من قراءته لاحظ العضو المحترم محمد الهنقاري أنه لم يبين فيه توخى التقرب من الوحدة في الشكل الفيدرالي. ورأى العضو المحترم عبدالعزيز الزقلعي بأن يخفف من حدة اللهجة ضد الزعماء.
وبين العضو المحترم خليل القلال بأنه نظراً إلى أن مجلس الجامعة العربية سيجتمع في العشرين من الشهر الجاري وبما أن قضية ليبيا ضمن جدول أعماله وستطرح على البحث هناك ونظراً لما علمناه من تصريح عزام باشا ونواياه وإلى أن الوفود العربية غير مسلمة بما قامت به الجمعية وبحالة البلاد عامةً فإنه يتحتم علينا أن نطلع الوفود بما قمنا به. واقترح أن ترسل الجمعية وفداً للاتصال بالوفود العربية حتى يفهمها نوايا الجمعية. فأيده في ذلك العضو المحترم إبراهيم بن شعبان مقترحاً بأن يتألف الوفد من سماحة الرئيس ونائبيه. فاعتذر سماحة الرئيس عن قبوله ذلك لأسباب صحية إلا أنه قبل فيما بعد بإلحاح من الأعضاء المحترمين. ثم اعتذر نائب الرئيس المحترم محمد ابن عثمان عن عدم تمكنه من الاشتراك في الوفد لأسباب خاصة واقترح بأن يذهب بدله العضو المحترم أبوبكر أحمد فوافقه على ذلك سائر الأعضاء.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق