استغربت أوساط سياسية ودبلوماسية غربية الكلام الذي قاله الجنرال عاموس يادلين , رئيس الاستخبارات العسكرية الصهيونية ( أمان ( لمنتهية ولايته ، والذي عُيِّن مكانه الجنرال آفيف كوخفي . كلام يادلين جاء خلال تسليمه خلفه مهامه منذ أيام ، والذي جرى أمام أكثر من مراسل حربي لوسائل إعلام عبرية ، والتي بدورها نقلت الحديث إلى جهات أوروبية وأميركية.
الجنرال عاموس يادلين قال : لقد أنجزنا خلال الأربع سنوات ونصف الماضية كل المهام التي أوكلت الينا ، واستكملنا العديد من التي بدأ بها الذين سبقونا ، وكان أهمها الوصول إلى "الساحر" ، وهو الاسم السري للقائد اللبناني عماد مغنية . لقد تمكّن هذا الرجل - اللغز من عمل الكثير الكثير ضد دولتنا ، وألحق بنا الهزيمة تلو الأخرى ، ووصل إلى حد اختراق كياننا بالعملاء لصالحه ، لكننا في النهاية استطعنا الوصول إليه في معقله الدافئ في دمشق، والتي يصعب جداً العمل فيها ، لكن نجاحنا في ربط نشاط الشبكات العاملة في لبنان وفلسطين وإيران والعراق أوصل إلى ربط الطوق عليه في جحره الدمشقي ، وهذا يعتبر نصراً تاريخياً مميز لجهازنا على مدار السنين الطويلة.
وتابع عاموس يادلين : لقد أعدنا صياغة عدد كبير من شبكات التجسس لصالحنا في لبنان ، وشكّلنا العشرات مؤخراً ، وصرفنا من الخدمة العشرات أيضا ، وكان الأهم هو بسط كاملة سيطرتنا على قطاع الاتصالات في هذا البلد ، المورد المعلوماتي الذي أفادنا إلى الحد الذي لم نكن نتوقعه ، كما قمنا بإعادة تأهيل عناصر أمنية داخل لبنان من رجال ميليشيات كانت على علاقة مع دولتنا منذ السبعينات ، إلى أن نجحت بإدارتنا في العديد من عمليات الاغتيال والتفجير ضد أعدائنا في لبنان ، وأيضاً سجّلت أعمالاً رائعة في إبعاد الاستخبارات والجيش السوري عن لبنان ، وفي حصار منظمة حزب الله.
واستطرد يادلين بسرد إنجازاته قائلا : في إيران سجلنا اختراقات عديدة ، وقمنا بأكثر من عملية اغتيال وتفجير لعلماء ذرة وقادة سياسيين ، وتمكنا إلى درجة عالية من مراقبة البرنامج النووي الإيراني ، الذي استطاع كل الغرب الاستفادة منه بالتأكيد ، ومن توقيف خطر التوجه النووي في هذا البلد إلى المنطقة والعالم . وفي السودان أنجزنا عملاً عظيماً للغاية ؛ لقد نظمنا خط إيصال السلاح للقوى الانفصالية في جنوبه ، ودرّبنا العديد منها ، وقمنا أكثر من مرة بأعمال لوجستية ، لمساعدتهم ، ونشرنا هناك في الجنوب ودارفور شبكات رائعة وقادرة على الاستمرار بالعمل إلى ما لا نهاية ، ونشرف حالياً على تنظيم (الحركة الشعبية) هناك ، وشكّلنا لهم جهازاً أمنياً استخبارياً قادر على حمايتهم وإنجاح مشروعهم بإقامة دولة ذات دور فاعل في هذه المنطقة.
وأضاف : أما في شمال إفريقيا ، فقد تقدمنا إلى الأمام كثيراً في نشر شبكات جمع المعلومات في كل من ليبيا وتونس والمغرب ، والتي أصبح فيها كل شيء في متناول أيدينا ، وهي قادرة على التأثير السلبي أو الإيجابي في مجمل أمور هذه البلاد . أما في مصر ، الملعب الأكبر لنشاطاتنا ، فإن العمل تطور حسب الخطط المرسومة منذ عام 1979، فلقد أحدثنا الاختراقات السياسية والأمنية والاقتصادية والعسكرية في أكثر من موقع ، ونجحنا في تصعيد التوتر والاحتقان الطائفي والاجتماعي ، لتوليد بيئة متصارعة متوترة دائماً ، ومنقسمة إلى أكثر من شطر في سبيل تعميق حالة الاهتراء داخل البنية والمجتمع والدولة المصرية ، لكي يعجز أي نظام يأتي بعد حسني مبارك في معالجة الانقسام والتخلف والوهن المتفشي في مصر.
وتابع الجنرال المتقاعد : أما بين الفلسطينيين فنحن الذين أفرغنا السلطة من محتواها ، وسيطرنا على معظم قادة منظمة التحرير الذي عادوا إلى أراضي سلطة محمود عباس ، وشبكنا معهم أوثق العلاقات ، ومنهم من ساعدنا كثيراً في عدد من الساحات العربية ، ونسج لنا علاقات مباشرة وغير مباشرة مع أجهزة وقادة عرب ، إلى أن أصبح جزء مهم جزءاً من عملنا ، لكن الخطر الأشد مازال مصدره حركة الجهاد ، التي تتمتع بسرية تامة ، وتعمل داخل أراضينا بتكتّم شديد ، وفي أراضي أكثر من دولة عربية ، ومازالت لغزاً يجب المواصلة لكشفه ، أما حركة حماس فإن الضربات يجب أن تتلاحق عليها في الداخل والخارج ، فحماس خطر شديد على الدولة اليهودية ، إنها تستنهض المنظومة الإسلامية في البلاد العربية والعالم ضدنا ، لذلك من المفترض الانتهاء من إفشالها وتبديدها في المدة المحددة بالبرنامج المقرر في عمل جهازنا بكل دقة.
وختم الجنرال الذاهب إلى التقاعد كلامه : لقد كان لحادثة اغتيال رفيق الحريري الفضل الأكبر في إطلاق أكثر من مشروع لنا في لبنان ، وكما كان للخلاص من عماد مغنية الفضل في الولوج إلى مرحلة جديدة في الصراع مع حزب الله ، يجب مواصلة العمل بهذين المخططين ومتابعة كل أوراق العمل على الساحة اللبنانية ، خصوصاً بعد صدور القرار الظني الدولي ، والذي سيتوجه إلى حزب الله بالمسؤولية عن اغتيال الرئيس الراحل رفيق الحريري للانطلاق إلى مرحلة طال انتظارها على الساحة اللبنانية ، قبل التوجه إلى سورية ، المحطة النهائية المطلوبة لكي تنطلق جميع مشروعات الدولة اليهودية ، بعد الإنجاز الكبير في العراق والسودان واليمن ، والقريب جداً إتمامه في لبنان ، كما يجب تحية الرئيسان حسني مبارك ومحمود عباس كل يوم ، لما قدماه لاستقرار دولتنا وانطلاق مشاريعها.
هكذا ختم الجنرال الصهيوني المتوجِّه لمتابعة عدائه وحقده على العرب والمسلمين والمسيحيين من موقع آخر غير إدارة (أمان) الصهيونية ، على غرار أسلافه وكل الصهاينة ، وهكذا أيضاً يستمر قادة عرب "الاعتدال" بالسكوت عن عار الخيانة الكبرى والصغرى للأمة ، ويقبلوا تحية أعدائهم بأحسن منها ، بالمزيد من العمالة والطوعية لهذا العدو .
بعد هذا الحديث المعلن نستغرب سكوت الكم الكبير والواسع من وسائل إعلام العرب عن هذا التقرير الذي أوردته أكثر من وسيلة إعلام صهيونية ، وذكره أكثر من موقع إلكتروني أوروبي وعربي ، وناقشته معظم الدوائر السياسية الغربية ، ووُضع على طاولة معظم القادة العرب .. لكن مع الأسف الشديد لم يأخذ حقه من النقاش والتعاطي معه على أنه اعتراف كامل من القاتل للضحية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق