أضواء تاريخية حول الحِسْبَة والاحتساب
محمد بن شاكر الشريف
الإنسان في إطار الشريعة (وفي إطار العقل السليم) ليس معصوماً في كل ما يأتي ويذر من أقوال أو أفعال، ووقـوع الخطـأ منه كثير، لا يخرج عن هذه القاعدة كبير ولا صغيـر ولا رفـيع ولا وضـيع ولا حـاكـم ولا محـكوم، ولا ينجو من حكمها أحد خلا الأنبياء والرسل وذلك لحفظ الله ـ تعالى ـ لهم، وقد بين هذه الحقيقة المصطفى - صلى الله عليه وسلم - في قوله: «كل بني آدم خطاء.. الحديث»[1]. ومن هنا يتبين أن الحِسْبَة ليست قاصرة على تناول عامة الشعب دون الولاة؛ فما الوالي إلا فرد من أفراد الأمة يجري عليه في هذا الباب ما يجري على غيره.
وعليه؛ فكل إنسان محتاج لمن يأمره بالمعروف إذا تركه وخالفه عمداً أو نسياناً، ولمن ينهاه عن المنكر إذا وقع فيه نسياناً أو عمداً، سواء كان كبيراً أو صغيراً أو رفيعاً أو وضيعاً أو حاكماً أو محكوماً، لما له في ذلك من الخير في الدين والدنيا والعاجل والآجل.
والآمر الناهي يدفعه لذلك أمور ثلاثة:
1. رحمة الآمر الناهي بنفسه بقيامه بواجب الأمر والنهي طاعة لأمر الله ـ تعالى ـ ورجاء ثوابه.
2. رحمة المأمور المنهي بتجنيبه مواضع سخط الله تعالى.
3. رحمة الأمة بتقليل الخَبَث فيها؛ لأنه متى ظهر فيها تَرْكُ المعروف، أو فِعْل المنكر من غير تغيير لذلك، أوشك الله ـ تعالى ـ أن يعم الجميع بعقاب منه، حتى مع وجود الصالحين.
وليس من دواعي الأمر والنهي عند الآمر الناهي التسلط على العباد أو التشهير بهم وفضحهم، أو إظهار نقصهم وقصورهم أمام الناس.فعن زينب بنت جحش ـ رضي الله عنها ـ أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دخل عليها فَزِعاً يقول: «لا إله إلا الله، ويل للعرب من شر قد اقـترب، فُـتِحَ الـيـوم مـن ردم يأجــوج ومأجوج مثلُ هذه ـ وحلَّق بإصبعه الإبهام والتي تليها ـ قالت زينب بنت جحش: فقـلت: يا رسـول الله! أنهـلِك وفـينا الصالحون؟ قال: نعم! إذا كَثُرَ الخَبَث»[2]، فإذا كثر الخبث لم يكن في وجود الصالحين نجاة للأمة.
الحِسْبة في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم
لم تكن الحسبة على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منظمة في هيئة أو مؤسسة يقوم عليها أناس معينون وفق آلية محددة؛ فقد كان الوضع غير محتاج إلى ذلك؛ فكان المسلم يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر بالتكليف الأصلي لكل مسلم كما قال ـ تعالى ـ: {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْـمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْـمُنكَرِ} [آل عمران: 110]، وكما قال: {الَّذِينَ إن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْـمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْـمُنكَرِ} [الحج: 41]، وكان المتوجه إليه بذلك يقبل ممن أمره ونهاه من غير مدافعة ولا مُشَاحَّة.
وقـد أظهر الرسول - صلى الله عليه وسلم - نفسُه الإنكار على بعض ولاته لما ظـهر منـهم مـا استوجب ذلك؛ فعن أبي حميد الساعدي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - استعمل عاملاً فجاءه العامل حين فرغ من عمله، فقال: يا رسول الله! هذا لكم وهذا أُهدي لي، فقال لـه: أفلا قـعـدتَ في بيـت أبـيـك وأمك فنظرت أيهدى لك أم لا؟ ثم قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عشية بعد الصلاة، فتشهد وأثـنى على الله بما هـو أهـله، ثـم قال: أمـا بـعـد: فما بال العامل نستعمله فيأتينا فيقول: هذا من عملكم وهذا أُهدي لي؟ أفلا قعد في بيت أبيه وأمه فنظر هل يهدى له أم لا؟ فوالذي نفس محمد بيده لا يَغُل أحدكم منها شيـئاً إلا جاء به يوم القيامة يحمله على عنقه: إن كان بعيـراً جاء به له رغاء، وإن كانت بقرة جاء بها لها خُـوار، وإن كـانـت شاة جاء بها تَيْعَر؛ فقد بلَّغت. فقال أبو حميد: ثم رفع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يده حتى إنَّا لننظر إلى عفرة إبطيه»[3].
وقد اتبع الصحابة أنفسهم ذلك المسلك على عهده - صلى الله عليه وسلم - من الإنكار على الولاة المخالفين؛ فلما بلغه ذلك الإنكار أقره ولم يعترض عليه، بل تبرأ من الفعل المخالف؛ وذلك أن الغرض الأسمى هو الدفاع عن الدين وليس المحاماة عن الأشخاص؛ فمن ذلك ما أخرجه البخاري في صحيحه من رواية «سالم عن أبيه قال: بعث النبي - صلى الله عليه وسلم - خالد بن الوليد إلى بني جذيمة، فدعاهم إلى الإسلام فلم يحسنوا أن يقولوا: أسلمنا، فجعلوا يقولون: صبأنا، صبأنا، فجعل خالد يقتل منهم ويأسر، ودفع إلى كل رجل منا أسيره، حتى إذا كان يومٌ أمر خالد أن يقتل كل رجل منا أسيره، فقلت: واللهِ لا أقتل أسيري، ولا يقتل رجل من أصحابي أسـيره، حتـى قـدمـنا على النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكرناه، فرفع النبي - صلى الله عليه وسلم - يده، فقال: ~اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد!}. مرتين[4]
لكن الأمور الاجتهادية التي تحتمل تعدد الآراء لا ينبغي الاحتساب فيها على الولاة، ولو قُدِّر لأحد أن يحتسب فليكن ذلك بالأسلوب الأحسن الذي فيه توقير الولاة واحترامهم وعدم الجرأة عليهم؛ فعن عوف بن مالك قال: قَتَلَ رجل من حِمْيَر رجلاً من العدو، فأراد سَلَبَه فمنعه خالد بن الوليد وكان والياً عليهم، فأتى رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - عوفُ بن مالك فأخبره، فقال لخالد: ما منعك أن تعطيه سَلَـبَهُ؟ قال: استكثرته يا رسول الله! قال: ادفعه إليه، فمـر خـالد بعـوف فجـرَّ بـردائه، ثم قال: هل أنجزتُ لك ما ذكرتُ لك من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ فسمعه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاستغـضب، فقال: لا تعـطهِ يا خـالد! لا تعطه يا خالد! هل أنتم تاركون لي أمرائي؟... الحديث[5]، فالمسألة تقديرية بحسب تقدير الوالي وليست نصية؛ بدليل قول خالد: استكثرتُه، ولا يقال هذا فيما فيه النص صريحاً؛ فما كان لمؤمن أن يعترض على قسمة الشارع، لكن لما تكلم الرجل على خالد ـ رضي الله تعالى عنه ـ بطريقة غير مقبولة لما فيها من توهين قدر الأمير، منع الرسول - صلى الله عليه وسلم - الرجل الحِمْيَري من السَّلَب بعدما كان قد قَبِلَ بإعطائه له. ومـن عجـيب الأمر أن الحادثتـين وقعتا مع خالد بن الوليد، رضي الله ـ تعالى ـ عنه. فإذا نظرنا للفرق بين تصرف الرسول - صلى الله عليه وسلم - في الحالين، ورِدِّ فعله في الحالة الأولى المباين لرد فعله في الحالة الثانية تبين ما قدمناه. لكن هنا ملحـوظ مهم وهـو كون هذا الأمير ممن يلتزمون بالشرع ولا يخرجون عليه، وهو المفهوم من قوله - صلى الله عليه وسلم -: «أمرائي» لكونه أضافهم إليه وهم لا يكونون إلا كذلك؛ فأمراؤه في حياته - صلى الله عليه وسلم - هم من يعيِّنهم - صلى الله عليه وسلم - لذلك، وأمراؤه بعد موته هم من يلتزمون شريعته ويتبعون سنته.
نماذج من حِسْبة الصحابة، رضي الله عنهم
كان الصحابة ـ رضي الله تعالى عنهم ـ يمارسون ذلك الأمر بعـد رسـول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فعـن أبي سـعيد الخدري: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يخرج يوم الأضحى ويوم الفطر، فيبدأ بالصلاة؛ فإذا صلى صلاته وسلم قام فأقبل على الناس وهم جلوس في مصلاهم؛ فإن كان له حاجة ببعثٍ ذكره للناس، أو كانت له حاجة بغير ذلك أمرهم بها، وكان يقول: تصـدقوا تصدقوا تصدقوا! وكـان أكثر من يتصدق النساء، ثم ينصرف؛ فلم يزل كذلك حتى كان مروان بن الحكم، فخرجتُ مخاصراً مروان حتى أتينا المصلَّى؛ فإذا كثيرُ بْنُ الصلت قد بنى منبراً من طين ولَبِن، فإذا مروان ينازعني يده كأنه يجرني نحو المنبر وأنا أجره نحو الصلاة؛ فلما رأيت ذلك منه قلت: أين الابتداء بالصلاة؟ فقال: لا، يا أبا سعيد! قد تُرِك ما تعلم، قلت: كلاَّ، والذي نفسي بيده لا تأتون بخير مما أعلم (ثلاث مرار ثم انصرف)[6]. فقد أنكر أبو سعيد على مروان وهو الأمير مخالفته للسنة المعلومة. قال النووي: ~وفيه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإن كان المنكَر عليه والياً، وفيه أن الإنكار عليه يكون باليد لمن أمكنه، ولا يجزي عن اليد اللسان مع إمكان اليد}.
بل كانوا يتـواصون بينـهم بذلك، وكان تنفيذ ما دلت عليه نصوص الشرع أَهْيَبُ في نفوسهم من أمر كل أمير؛ فعن الحسن: ~أن زياداً استعمل الحكم بن عمرو الغفاري على جيش، فلقيه عمران بن حصين في دار الإمارة فيما بين النـاس، فـقال له: أتـدري في مـا جئـتك؟ أما تـذكـر أن رسـول الله - صلى الله عليه وسلم - لما بلـغه الذي قـال له أمـيره: قـم فَـقَعْ في النار، فقــام الرجل ليقـع فيـها فأدركه فأمسكه، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: لو وقع فيها لدخل النار، لا طاعة في معصية الله؟ قال الحكم: بلى! قال عمران: إنما أردت أن أذكِّرك هذا الحديث}[7]، وقد أنتجت هذه التذكرة من عمران نتيجتها؛ فقد ذكر الحسن البصري ـ رحمه الله ـ أن زياداً بعث الحكم بن عمرو الغفاري على خراسان فأصابوا غنائم كثيرة، فكتب إليه: أما بعدُ: فإن أمير المؤمنين كتب أن يُصطفى له البيضاء والصفراء، ولا تقسم بين المسلمين ذهباً ولا فضة، فكتب إليه الحكم: أما بعد: فإنك كتبت تذكر كتاب أمير المؤمنين، وإني وجدت كتاب الله قبل كتاب أمير المؤمنين، وإني أُقسم بالله لو كانت السماوات والأرض رتقاً على عبد فاتقى الله لجعل له من بينهم مخرجاً. والسلام. وأمر الحكم منادياً فنادى أن اغدوا على فيئكم، فقسمه بينهم، وإن معاوية لما فعل الحكم في قسمة الفيء ما فعل، وجَّه إليه مَنْ قيَّده وحبسه، فمات في قيوده ودفن فيها وقال: إني مخاصم»[8].
تنظيم الحسبة
وعلى هذا المنهج مضى مَنْ سَلَفَ من الأمة لا يحتاجون في ذلك إلى وضع نظام أو ترتيب آليات لعدم الحاجة إليها، ولكفاية الموجود بالقيام بالواجب في ذلك؛ فلما مسَّت الحاجة إلى تنظيم ذلك، وتكوين هيئة يناط بها ذلك الأمر تكون مسؤولة عنه، أُنشئت هذه الهيئة من غير أن يكون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مقصوراً عليها؛ فإن التنظيم لا يدفع أصل التكليف ولا يلغيه، بل التنظيم يثبت التكليف ويقويه، ويساعد على إتقانه واستمراره، ومن هنا نشأ تنظيم الحسبة على الولاة، وظهر في التاريخ الإسلامي ما عرف بولاية المظالم التي هي في جزء كبير من اختصاصها النظر في تعدي الولاة وظلمهم، وهي كما قال الماوردي: «والذي يختص بنظر المظالم يشتمل على عشرة أقسام:
فالقسم الأول: النظر في تعدي الولاة على الرعية وأخذهم بالعسف في السيرة؛ فهذا من لوازم النظر في المظالم الذي لا يقف على ظلامة متظلِّم، فيكون لسيرة الولاة متصفحاً عن أحوالهم مستكشفاً ليقويهم إن أنصفوا، ويكفَّهم إن عسفوا، ويستبدل بهم إن لم ينصفوا.
والقسم الثاني: جور العمال فيما يجبونه من الأموال، فيرجع فيه إلى القوانين العادلة في دواوين الأئمة، فيحمل الناس عليها، ويأخذ العمال بها وينظر فيما استزادوه؛ فإن رفعوه إلى بيت المال أمر بردِّه، وإن أخذوه لأنفسهم استرجعه لأربابه.
والقسم الثالث: كُتَّاب الدواوين والإحاطة بأحوالهم؛ لأنهم أمناء المسلمين على ثبوت أموالهم فيما يستوفونه منهم ويوفرونه لهم من الحقوق في الحال والمآل، فيتصفح ما وُكل إليهم تدبيره من الأعمال؛ فإن وجدهم نقدوا الحق في دخل أو خرج إلى زيادة أو نقصان في تفصيل أو إجمال أعاده إلى قوانينه العادلة واستعمل السياسة معهم في المقابلة على تجاوزهم[9].
وهذه الأقسام الثلاثة لا يحتاج وإلي المظالم في تصفحها إلى متظلِّم.
والقسـم الرابع: تظـلُّم المسـترزقة من نقص أرزاقهم أو تأخرها عنهم وإجحاف النظر بهم، فيرجع إلى ديوانه في فرض العطاء العادل فيجريهم عليه وينظر فيما نُقصوه أو مُنعوه من قبل، فإن أخذه ولاة أمورهم استرجعه منهم، وإن لم يأخذوه قضاه من بيت المال.
كتب بعض ولاة الأجناد إلى المأمون أن الجند شعَّبوا ونهبوا، فكتب إليه: لو عدلت لم يشعِّبوا، ولو وفيت لم ينهبوا، وعزله عنهم وأدرَّ عليهم أرزاقهم.
والقسم الخامس: رد الغُصُوب، وهي ضربان: أحدهما: غُصوب سلطانية قد تغلَّب عليها ولاة الجور كالأملاك المقبوضة عن أربابها، إما لرغبة فيها، وإما لتعد على أهلها؛ فهذا إن علم به والي المظالم عند تصفُّح الأمور أمر برده قبل التظلم إليه، وإن لم يعلم به فهو موقوف على تظلُّم أربابه، ويجوز أن يرجع فيه عند تظلُّمهم إلى ديوان السلطنة؛ فإذا وجد فيه ذكر قبضها على مالكها عمل عليه وأمر بردها إليه ولم يحتج إلى بينة تشهد به وكان ما وجده في الديوان كافياً.
والضرب الثاني: من الغصوب ما تغلَّب عليها ذوو الأيدي القوية وتصرفوا فيها تصرف الـمُلاَّك بالقهر والغلبة؛ فهذا موقوف على تظلم أربابه ولا يُنتزع من يد غاصبه إلا بأحد أربعة أمور: إما باعتراف الغاصب وإقراره، وإما بعلم والي المظالم فيجوز له أن يحكم عليه لعلمه، وإما ببينة تشهد على الغاصب بغصبه أو تشهد للمغصوب منه بملكه، وإما بتظاهر الأخبار الذي ينفي عنها التواطؤ، ولا يختلج فيها الشكوك؛ لأنه لما جاز للشهود أن يشهدوا في الأملاك بتظاهر الأخبار كان حكم ولاة المظالم بذلك أحق»[10]، فذكر ـ رحمه الله تعالى ـ
خمسة أقسام كلها في الحسبة على الولاة.
نماذج من احتساب العلماء
لكن هذا التنظيم لم يمنع من أصل الحسبة الفردية التي يقوم بهـا المسلـمون في مواجهة تعدي بعض الولاة، وقد حفظ لنا التاريخ من ذلك نماذج كثيرة نذكر بعضها، فقد جاء في كتاب (الرتبة في طلب الحسبة): ~أن السلطان بمدينة دمشق طلب محتسباً، فذكروا له رجلاً من أهل العلم فأمر بإحضاره؛ فلما حضر بين يديه قال: إني ولَّيتك أمر الحسبة على الناس بالأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر. قال: إن كان الأمـر كذلك فقم عن هذه الطرَّاحة، وارفع هذا المسـند؛ فإنهـما حرير، واخلع هذا الخاتم؛ فإنه ذهـب، وقـد قـال - صلى الله عليه وسلم -: «هذان حرامـان على ذكور أمتي، حِلٌّ لإناثها}[11]، قال: فنهض السلطان عن طراحته، وأمر برفع المسـند، وخلع الخاتم من أصبعه، وقال: ضممت إليك النظر في أمور الشرطة؛ فما رأى الناس محتسباً أَهْيَبَ منه»[12].
وعـنده أيـضاً: «عـن أحمـد بن إبراهيم المقري قال: كان أبو الحـسـن النـوري رجـلاً قليـل الفضــول لا يـسـأل عـمـا لا يعنيه، ولا يفـتش عـما لا يحتـاج إليه، وكان إذا رأى منكراً غيَّره، ولو كان فيه تلفه، فنزل ذات يوم إلى ( مَشْرَعَة )[13] تعرف بمشرعة الفحامين يتطهر للصلاة؛ إذ رأى زورقاً فيه ثلاثون دَنّا[14]ً مكتوب عليها بالقار (لطف) فقرأه، وأنكره؛ لأنه لم يعرف في التـجارات، ولا في البيوع شيئاً يعبَّر عنه بلطف، فقال الشيخ ـ رضي الله عنه ـ للملاَّح: أي شيء في هذه الدِّنان؟ فقال: وأي شيء عليك؟ امضِ لشغلك؛ فلما سمع النوري ـ رحمه الله ـ من الملاح هذا القول ازداد تعطشاً إلى معرفته، فقال له: أحب أن تخبرني أي شيء في هذه الدنان؟ فقال الملاح: أنت واللهِ صوفي فضولي، هذا خمر المعتضد بأمر الله يريد أن يتمم به مجلسه، فقال النوري: هذا خمر؟
قال: نعم! فقال: أحب أن تعطيني ذلك الـمِدرى، فاغتـاظ الملاح عليه، وقال لغلامه: أعطه المدرى حتى أنظر الذي يصنع! فلما صارت المدرى في يده صعد إلى الزورق، فلم يزل يكسرها دنّاً دنّاً حتى أتى على آخرها إلا دنّاً واحداً، والملاح يستغيث؛ إلى أن ركب صاحب الخمر، وهو يومئذ موسى بن أفلح، فقبض على النوري، واستحضره إلى حضرة المعتضد، وكان المعتضد سيفه قـبل كـلامه، ولـم يشـك الـناس أنه سـيقتله. قال أبو الحسن: فدخلت عليه، وهو جالس على كرسي حديد، وبيده عمود يقلِّبه؛ فلما رآني قال: من أنت؟
قلت: مُحْتَسِب، قال: من ولاَّك الحسـبة؟ قلت: الذي ولاَّك الإمـامـة ولاَّنـي الحسـبة يا أمير المؤمنين! قال: فأطرق إلى الأرض سـاعة ثم رفع رأسه إليَّ وقال: وما الذي حملك على ما صنعتَ؟ فقلت: شفقةً مني عليك؛ إذ بسطت يدي إلى صَرْف ِمكروه عنك فقصرت عنه، قال: فأطرق مفكراً من كلامي، ثم رفع رأسه وقال: كيف تخلَّص هذا الدن الواحد من جملة هذه الدنان؟ فقلت: في تخلُّصه علة أُخبِر بها أمـيـرَ المؤمـنين إن أذن لـي، فقـال: أخـبرني، فقلت: يا أمير المؤمـنين! إني أقـدمت على الدنـان بمطـالـبة الحق ـ سبحانه وتعالى ـ بذلك، وعمَّ قلبي شاهد الإجلال للحق وخوف المطالبة، فغابت هيبة الخلق عني، فأقدمت عليه بالحال الأول، إلى أن صرت إلى هذا الدَّنِّ، فجزعت نفسي كثيراً على أني قد أقدمت على مثلك فمنعت نفسي، ولو أقدمت عليـه في الحـال الأول، وكانت ملء الدنيا دناناً لكسرتها ولم أبالِ». ويعلق الماوردي على هذه القصة بقوله: ~فهذه كانت سيرة العلماء، وعاداتهم في الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وقلة مبالاتهم بسطوة الملوك، لكنهم اتكلوا على فضل الله أن يحـرسـهم، ورضوا بحكـم الله أن يـرزقـهم الشـهادة؛ فلما أخلصوا لله النية أثَّر كلامهم في القلوب القاسية، وأزال قساوتها وآمالها، وأما الآن فقد استولى عليهم حب الدنيا، ومن استولى عليه حب الدنيا لم يقدر على الحسبة على الأراذل؛ فكيف على الملوك والأكابر؟ والله المستعان على كل حال}.
ثم يقول ـ رحمه الله ـ: ~وكانت من عادات السلف الحسبة على الولاة قاطعاً بإجماعهم على الاستغناء عن التفويض، وكل من أمر بالمعروف، وإن كان المتولي راضياً فذلك، وإن كان ساخطاً فسخطه عليه منكر يجب الإنكار عليه، وكـيف يحـتاج إلى إذنـه؛ ويـدل عـلى ذلك سـنن السـلف في الإنـكار على الأئمة. كما روي أن مروان بن الحكم خطـب قبـل الصـلاة في العيـد، فقال له رجـل: إنما الخطبة بعد الصلاة! فقال مروان: تُرِكَ ذلك يا أبا فلان! فقال له أبو سعيد: أمَّا هذا فقد قضى ما عليه، قال لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ~من رأى منكراً فلينكره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه؛ وذلك أضعف الإيمان}[15]؛ فلقد كانوا فهموا من هذه العمومات دخول السلاطين تحته؛ فكيف يُحتاج إلى إذنهم؛ لأن الحسبة عبارة عن المنع من منكر لحقِّ الله صيانةً للممنوع عن مقارنة المنكر. وعن سفيان الثوري قال: حج المهدي في سنة ست وستين ومائة، فرأيته يرمي جمرة العقبة، والناس محيطون به يميناً وشِمالاً يضربون الناس بالسياط، فوقفت فقلت: يا حسن الوجه! حدثَنَا أيمن بن وائل عن قدامة بن عبد الله الكلابي قال: ~رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يرمي جمرة يوم النحر على جمـل لا ضَـرَبَ، ولا طَرَدَ، ولا جَلَدَ، ولا إليكَ إليك!}[16] وها أنت يخبط الناس بين يديك يميناً وشمالاً، فقال لرجل: من هذا؟ قال: سفيان الثوري، فقال: يا سفيان! لو كان المنصور ما احتملك على هذا، فقال: لو أخبرك المنصـور بما لقـي لقصرت عما أنت عليه، قال: فقيل له، لِمَ قال لك: يا حسن الوجه، ولم يقل يا أمير المؤمنين؟ فقال: اطلبوه، فطلبوه فلم يجدوه، واختفى}[17].
ولم يزل على هذا النهج كثير من العلماء ممن حفلت بذكرهم كتب التراجم والتاريخ؛ فها هو ذا علي بن محمود ابن علي القاضي قال عنه الذهبي: شيخ فقيه إمام عارف بالمذهب موصوف بجودة النقل حسن الديانة قوي النفس ذو هيبة ووقار، بنى الأمير ناصر الدين القيمري مدرسة بالحريميين وفوض تدريسها إليه وإلى أولي الأهلية من ذريته، وقد ناب في القضاء عن ابن خلكان، وتكلم بدار العدل بحضرة الملك الظاهر عندما احتاط على الغوطة فقال: الماء والكلأ والمرعى لله لا يُملك، وكل من في يده ملك فهو له، فبهت السلطان لكلامه، وانفصل الموعد على هذا المعنى»[18].
وها هو ذا النووي يقول عنه السخاوي: «وكان مواجهاً للملوك والجبابرة بالإنكار لا يأخذه في الله لومة لائم، بل كان إذا عجز عن المواجهة كتب الرسائل، ويتوصل إلى إبلاغها». وقد كتب ورقة إلى السلطان الظاهر بيبرس تتضمن العدل في الرعية، وإزالة المكوس عنهم، وكتب معه في ذلك غير واحد من الشيوخ وغيرهم؛ فلما وقف السلطان على الورقة، جاء الجواب بالإنكار والتوبيخ والتهديد لهم، فكتب له النووي جواباً مطولاً، وكان مما جاء فيه: «وجميع ما كتبناه أولاً وثانياً وهو النصيحة التي نعتقدها، وندين الله بها، ونسأله الدوام عليها حتى نلقاه، والسلطان يعلم أنها نصيحة له وللرعية، وليس فيه ما يلام عليه، ولم نكتب هذا للسلطان إلا لعلمنا بأنه يحب الشرع ومتابعة أخلاق رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، في الرفق بالرعية والشفقة عليهم، وإكرامه لآثار النبي - صلى الله عليه وسلم -، وكل ناصح للسلطان موافق على هذا الذي كتبنا» ثم قال: «وأما تهديد الرعية بسبب نصيحتنا، وتهديد طائفة، فليس هو المرجو من عدل السلطان وحلمه، وأي حيلة لضعفاء المسلمين الناصحين نصيحة للسلطان ولهم، ولا علم لهم به، وكيف يؤاخذون به لو كان فيه ما يلام عليه؟ وأما أنا في نفسي، فلا يضرني التهديد ولا أكثر منه، ولا يمنعني ذلك من نصيحة السلـطان؛ فإني أعتقد أن هذا واجب عليّ وعلى غيري، وما ترتب على الواجب فهو خير وزيادة عند الله ـ تعالى ـ: {يَا قَوْمِ إنَّمَا هَذِهِ الْـحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإنَّ الآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ } [غافر: 39]، {وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إلَى اللَّهِ إنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ} [غافر: 44]، وقد أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نقول الحق حيثما كنا، وألاَّ نخاف في الله لومة لائم.
ونحـن نحب للسلطان معالي الأمور وأكمل الأحوال، وما ينفعه في آخرته ودنياه، ويكون سبباً لدوام الخيرات له، ويبقى ذِكْره له على ممر الأيام، ويُخلّد في سُننه الحنيفية، ويجد نفعه: {يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَرًا} [آل عمران: 30]»[19].
وها هو ذا شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله تعالى ـ قد استقبله السلطان الناصر قلاوون في مجلسه بحفاوة بالغة، وعندما عرض على السلطان بعض الأموال للترخص في تنفيذ أحكام أهل الذمة، لم يمنعه ذلك من إنكار ذلك والمبالغة فيه. يقول ابن عبد الهادي: إن الوزير فخر الدين ابن الخليل ~أنهى إلى السلطان أن أهل الذمة قد بذلوا للديوان في كل سنة سبعمائة ألف درهم زيادة على الجالية، على أن يعودوا إلى لبس العمائم البيض المعلَّمة بالحمرة والصفرة والزرقة، وأن يعفوا من هذه العمائم المصبـغة كـلهـا بهـذه الألوان الـتي ألزمـهـم بـها ركن الدين الشـاشنـكير، فقـال السلطـان للقضاة ومن هناك: ما تقولون؟ فسكت الناس، فلما رآهم الشيخ تقي الدين سكتوا، جثا على ركبتيه وشرع يتكلم مع السلطان في ذلك بكلام غليظ، ويرد ما عرضه الوزير عنهم رداً عنيفاً، والسلطان يسكته بترفق وتؤدة وتوقير، فبالغ الشيخ في الكلام وقال ما لا يستطيع أحد أن يقوم بمثله ولا بقريب منه، حتى رجع السلطان عن ذلك وألزمهم بما هم عليه واستمروا على هذه الصفة؛ فهذه من حسنات الشيخ تقي الدين ابن تيمية رحمه الله}[20].
الحسبة بين الإسرار والإعلان
تختلف موضوعات الحسبة كما تختلف أحوال المُحتسَب عليهم؛ فقد تكون الحسبة في أمر معلوم حكمه، كما قد تكون في أمر يدخله الاجتهاد، وقد يكون المُحتسَب عليه ممن يقبل النصح وينتفع به، وقد يكون ممن لا يرعوي وتأخذه العزة بالإثم، ومن هنا يختلف الإسرار والإعلان بحسب ذلك ولا يجري فيه الأمر على منوال واحد. والأمر في الإسرار والإعلان يدور على المصلحة، فليس الإعلان دائماً مفسدة، وليس الإسرار دائماً مصلحة؛ كما أن الإعلان ليس دائماً مصلحة والإسرار ليس دائماً مفسدة؛ وذلك يقدره العلماء العاملون، وليس الأغمار.
فإذا كان موضوع الحسبة من الأمور المعلوم حكمها، أو كان المحتسَب عليه ممن لا يقبل النصح ولا يلقي له بالاً، أو كان الأمر المحتسَب فيه يتعلق بالعامة وليس بشخص المحتسب عليه؛ فقد يكون الإسرار في ذلك مفسدة تؤدي إلى شيوع المنكر بلا مدافعة ولا نكير، ويكون من المصلحة الإعلان بذلك لتقرير الحق وبيانه، وحتى يعلم الناس أن أهل العلم لا يداهنون ولاتهم، فلا يفقدون الثقة فيهم، وقد تحمل الوقائع التي أعلن المحتسب فيها حِسبته على ذلك الوضع.
وإذا كان موضوع الحسبة من الأمور التي يمكن أن يدخلها الاجتهاد أو كان المحتسب عليه ممن يقبل النصح وينتفع به، أو كان الأمر المحتسب فيه مسألة شخصية تتعلق بالمحتسب عليه ولا تتعلق بأمر العامة، فقد يكون في الإعلان بذلك مفسدة تؤدي إلى خلل واضطراب واجتراء الناس على ولاتهم، ويكون من المصلحة الإسرار بذلك، وقد تُحمَل الوقائع التي أسرَّ فيها أهل العلم على ذلك الوضع؛ فإن الهدف والغاية من الاحتساب هو جريان الأمور على وفق الشريعة ونظامها؛ فمتى أمكن حصول ذلك باليسير لم يكن من السنَّة اللجوء إلى العسير، ولعل قوله - صلى الله عليه وسلم -، الذي رواه عياض بن غنم يحمل على ذلك: «من أراد أن ينصح لذي سلطان فلا يبده علانية، ولكن يأخذ بيده فيخلو به؛ فإن قبل منه فذاك، وإلا كان قد أدى الذي عليه»[21]؛ فإن النصيحة قد تكون في الأمور المجتهَد فيها وليس فيها إنكار أكثر من بيان الصواب، بعكس الإنكار الذي من مراتبه اليد والزجر والنهر وغير ذلك، وعليه أيضاً يُحْمَل كلام أسامة ـ رضي الله تعالى عنه ـ لما قيل له: «لو أتيتَ فلاناً ـ يعنون بذلك عثمان ـ رضي الله تعالى عنه ـ فكلمته! قال: إنكم لترون أني لا أكلمه إلا أسمعكم؛ إني أكلمه في السر دون أن أفتح باباً لا أكون أول من فتحه»[22]، وعثمان الخليفة يومئذ؛ فبين لهم أنه كلَّمه فيما أشاروا به لكن كما قال ابن حجر: «على سبيل المصلحة والأدب في السر بغير أن يكون في كلامي ما يثير فتنة أو نحوها» وذلك أن الأمور المتكلَّم فيها هي من قبيل الأمور الاجتهادية وليست من المنكرات، وعثمان ـ رضي الله تعالى عنه ـ خليفة راشد يقبل النصح والإشارة ممن جاء بها إذا تبين له فيها الصواب.
[1] أخرجه التـرمذي كتاب صفة القيامة رقم 2499، وقال غريب لا نعرفه إلا من حديث علي بن مسعدة وابن ماجه كتاب الزهد رقم 4251، وقال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجاه وعلق عليه الذهبي بقوله: علي بن مسعدة لين، وقال الألباني: حسن (صحيح الجامع 4515).
[2] أخرجه البخاري كتاب الأنبياء رقم 3346، ومسلم كتاب أشراط الساعة رقم 2880،
[3] أخرجه البخاري كتاب الأيمان والنذور رقم 6636 وفي غيره، ومسلم كتاب الإمارة رقم1832، الغلول: الخيانة، الرغاء: صوت البعير، الخوار: صوت البقرة، تيعر: تصيح، عفرة: بياض.
[4] أخرجه البخاري كتاب المغازي رقم 4339.
[5] أخرجه مسلم كتاب الجهاد رقم 1753.
[6] أخرجه مسلم كتاب صلاة العيدين رقم 889.
[7] أخرجه الحاكم في المستدرك3/502، وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبي.
[8] أخرجه الحاكم في المستدرك 3/501، وسكت عنه الذهبي في التلخيص.
[9] كانت هذه النقطة في الأحكام السلطانية مضطربة غير واضحة، فأخذناها من كتاب تحرير السلوك في تدبير الملوك فإنه ناقل عنه.
[10] الأحكام السلطانية، ص 101 ـ 103.
[11] أخرجه الترمذي كتاب اللباس رقم 1720، بلفظ: «حرم لباس الحرير والذهب على ذكور أمتي وأحل لإناثهم»، وقال: هذا حديث حسن صحيح، وأخرجه النسائي وأبو داود وابن ماجه وأحمد.
[12] الرتبة في طلب الحسبة للماوردي ص 71، ونقلها عنه كثيرون ممن صنف بعده في الحسبة.
[13] الـمَشْرَعة: هي مورد للماء يشرب منها الناس ويستقون.
[14] الدَّنّ: نوع من الآنية، توضع فيها السوائل.
[15] أخرجه مسلم كتاب الإيمان رقم 49، ولكن بلفظ فليغيره بدلاً من لفظ فلينكره.
[16] أخرجه النسائي كتاب مناسك الحج رقم 3061؛ وغيره بلفظ: «رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يرمي جمرة العقبة يوم النحر على ناقة له صهباء لا ضرب ولا طرد ولا إليك إليك».
[17] الرتبة في طلب الحسبة ص 78.
[18] طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة.
[19] المنهل العذب الروي في ترجمة قطب الأولياء النووي للسخاوي.
[20] العقود الدرية لابن عبد الهادي.
[21] ظلال الجنة في تخريج فقه السنة رقم 1096، وقال الألباني: صحيح.
[22] أخرجه البخاري كتاب بدء الخلق رقم 3267، ومسلم كتاب الزهد رقم 2989.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق