الجمعة، أغسطس 19، 2011

تجمع ليبيا الديمقراطية : وجهة نظر حول مسار المرحلة الانتقالية

- تقديم:
وجهة نظرنا هذه حول المسار الذي نرى أنه الأفضل للمرحلة الانتقالية، بعد إعلان النصر الحاسم على حكم الطغيان –إن شاء الله - حتى تعبر بنا بسلام إلى بداية المرحلة الدستورية، عندما يتم استفتاء الشعب الليبي حول الدستور الدائم، ومن ثم تكوين المؤسسات الدستورية المنتخبة، واستلامها السلطة، تنطلق من تقديرنا أننا سوف نكون بحاجة إلى وقت كاف حتى نتهيأ وتتهيأ بلادنا لممارسة عملية انتخابية نزيهة وعادلة ودقيقة، ومن ثم فإننا نرى أن الدفع بنا فور إعلان التحرير إلى التفكير والتهيؤ لعملية انتخابية سوف يكون عملاً متعجلاً وسابقاً لأوانه، ولهذا فهو محفوف بالكثير من المخاطر، وسوف يعد في نظرنا مقامرة غير محسوبة العواقب.
 
وإننا نرى أن هذا التقدير يستند إلى المعطيات التالية:
  1.  أننا سوف نحتاج إلى وقت كاف وكثير من الجهود الوطنية المتكاتفة لتحقيق السيطرة الأمنية على المناطق التي سوف يتم تحريرها، وإتمام السيطرة على المناطق التي تحررت منذ الأيام الأولى للثورة، ولكنها لا تزال تعاني من الكثير من مظاهر الانفلات الأمني، بسبب عدم القدرة على السيطرة على ظاهرة انتشار السلاح لدى المواطنين، وعلى ظاهرة تعدد الجهات التي تدعي القيام بمهام أمنية فيما بات يسمى (الكتائب الأمنية).
  2. أننا سوف نحتاج إلى الكثير من الوقت والجهد والإمكانات حتى نؤمن عودة أهالينا المهجرين إلى مدنهم التي هجروها، سواء إلى مدن أخرى داخل البلاد، أو إلى مخيمات اللجوء في الخارج، وحتى نتمكن من بعد في توفير الحد الأدنى من الاستقرار لهم: توفير السكن لمن هدمت مساكنهم، ومساعدة من تعرضت مساكنهم لدمار جزئي على ترميمها وإعادتها صالحة السكن، ثم توفير الحد اللائق من مستلزمات العيش من غذاء ودواء وخدمات صحية وغيرها.
  3. أننا سوف نحتاج إلى الكثير من الجهد والعمل الدؤوب حتى نستوضح الصورة عن مصير أبنائنا الأسرى والمفقودين، ونعمل على إعادتهم إلى أهاليهم –إن شاء الله- سالمين، فضلاً عن الحاجة إلى متابعة أحوال أبنائنا الجرحى والمصابين، والتأكد من حصولهم جميعاً على العلاج والعناية الصحية اللازمة، وقبل ذلك كله متابعة أحوال أسر شهدائنا الأبرار: مواساتهم معنوياً ونفسياً، واتخاذ كل التدابير الضرورية لرعايتهم وتوفير متطلبات العيش الكريم لهم ولأبنائهم.
  4. أننا سوف نحتاج إلى الكثير من الجهد والعمل الوطني الشامل كي نحقق نوعاً من المصالحة الوطنية، بدءاً من قيام السلطات الانتقالية باتخاذ المناسب من الإجراءات وإصدار الضروري من التشريعات، التي يكون من شأنها طمأنة المواطنين إلى أن الدولة سوف تحقق العدالة لكل من له حق تم الاعتداء عليه، وذلك من خلال السلطات القضائية الشرعية، ومن ثم تتخذ الإجراءات الضرورية لمنع اندفاع المواطنين من تلقاء أنفسهم للثأر لأنفسهم أو استرداد ما اغتصب منهم من حقوق وممتلكات.
  5. أننا سوف نحتاج أثناء القيام بكل ما سبق ذكره وبعده لوقت كاف حتى نتبادل الرأي فيما بيننا حول ملامح الدولة التي نريدها، والمبادئ الكبرى الأساسية التي نريد أن نضمِّنَها الدستور الدائم، وذلك كي يتمكن المواطن الذي سوف يُدعى لممارسة حقه في الاختيار من خلال الانتخابات، من امتلاك الحد الأدنى المطلوب من معرفة معاني المفردات السياسية التي سوف تطرق سمعه، وسوف يطلب منه أن يختار من خلالها، مثل: المدنية، الديمقراطية، الدستور، الحقوق والحريات، أنظمة الحكم، أنظمة الانتخاب.. وغيرها.
  6. أننا بحاجة إلى أن نتيح وقتاً كافياً للمواطنين كي يتبينوا مواقفهم ومواقعهم في خضم التيارات والتوجهات الفكرية والسياسية التي سوف يجدون أنفسهم معرضين لتأثيراتها ومطالبين بالتعامل معها، بقبول بعضها ورفض البعض الآخر، وباتخاذ قرار الانضمام إلى أحدها وممارسة العمل السياسي من خلاله. ونرى أنه سوف يكون من قبيل المخاطرة بسلامة الممارسة الديمقراطية الناضجة التعجل في دفع المواطنين إلى ممارسة عملية انتخابية، وهم لا يجدون متاحاً لهم إلا الأطر القبيلية أو الجهوية، فسوف يكون من شأن ذلك إتاحة الفرصة لأن تتحكم النزعات القبلية والجهوية في مسار العملية الانتخابية، ومن ثم تشويهها وتشويه النتائج التي سوف تنجم عنها. وفي ذلك ما لا يخفى من الخطر البالغ على مآل العملية السياسية برمتها، ومن ثم مصير ليبيا التي دفعنا من أجل حريتها ونهضتها وولادتها الجديدة هذا الثمن الباهظ من الدماء الزكية والخسائر الفادحة.
 
استناداً إلى هذه المعطيات فإننا نتقدم بوجهة النظر التالية حول المسار الذي نرى أنه الأفضل للمرحلة الانتقالية.
 
تعريف المرحلة الانتقالية:
 تبدأ المرحلة الانتقالية، مباشرة بعد انتهاء مرحلة التحرير، وإعلان نهاية نظام القذافي، وإتمام السيطرة على كامل التراب الوطني، وتستمر حتى تسليم السلطة إلى المؤسسات المنتخبة، وفقاً لما ينص عليه الدستور الدائم الذي أقره الشعب في استفتاء، تشرف على تنظيمه السلطة الانتقالية بمشاركة مراقبين دوليين من منظمة الأمم المتحدة ومؤسسات المجتمع المدني الليبية.
 
- السلطة التي تتولى إدارة المرحلة الانتقالية:
 نرى أن يستمر المجلس الوطني الانتقالي، بعد إعادة النظر في تركيبته وفقاً للمعطيات الجديدة بعد تحرير كامل التراب الوطني، بحيث يضمن تمثيلاً عادلاً لمختلف المناطق والمكونات السكانية، في ممارسة السلطة، وفقاً لإعلان دستوري يصدر عقب الإعلان عن بداية المرحلة الانتقالية مباشرة، تحدد فيه صلاحيات السلطة الانتقالية وآليات مراقبة مشروعية ما تصدره من قرارات أو تتخذه من إجراءات، من قبل هيئة قضائية مستقلة، نرى أن تكون (المحكمة العليا) بتركيبتها الحالية أو بإضافة أعضاء جدد من القضاة المستشارين المشهود لهم بالخبرة والنزاهة.
 
- تشكيل حكومة مؤقتة:
 يعلن فور إصدار الإعلان الدستوري تشكيل حكومة انتقالية مؤقتة لتسير شؤون البلاد في مختلف القطاعات، تتكون من مهنيين مختصين ذوي خبرة وكفاءة، وتوفر لها كافة الإمكانات والقدرات البشرية والمادية للإسراع بإعادة الحياة الطبيعية للبلاد والمواطنين، مولية الأهمية القصوى والأولى للسيطرة على الأمن وإنهاء حالات الانفلات الأمني وانتشار السلاح، وظاهرة الميليشيات العسكرية والأمنية، يلي ذلك إعادة الخدمات الأساسية الحيوية (الكهرباء، الماء، الوقود، الغاز)، وتوفير الغذاء والدواء.
 
- إصدار القوانين الضرورية للمرحلة الانتقالية:
 سوف يكون من الضروري أن تقوم السلطة الانتقالية بإصدار بعض القوانين اللازمة لإدارة استحقاقات المرحلة الانتقالية، مثل: قانون الانتخابات، وقانون الأحزاب.
 
- تشكيل هيئة عليا للانتخابات:
 تقوم السلطة الانتقالية بتشكيل هيئة وطنية عليا للانتخابات تكون مهمتها:
  •  إنجاز إحصاء سكاني لحصر المواطنين الذين يحق لهم المشاركة في الانتخابات، وإعداد قاعدة بيانات إلكترونية بالبيانات الخاصة بهوياتهم وأماكن إقامتهم.
  • إعداد البطاقات الانتخابية للمواطنين المشكلين لهيئة الناخبين.
  • تحديد الدوائر الانتخابية ومراكز الاقتراع وهيئات الإشراف عليها.
 - تشكيل مؤتمر وطني للحوار:
 1.   تشرف السلطة الانتقالية (المجلس الوطني الانتقالي) على تشكيل مؤتمر وطني من عدد كاف من الأعضاء، يختارون من قبل الجهات التالية:
        أ- المجالس المحلية في المدن، بحيث يمثل كل (50.000) نسمة بعضو واحد.
‌       ب- ممثل واحد عن كل حزب سياسي مسجل وفق قانون تنظيم عمل الأحزاب السياسية، وكل منظمة مجتمع مدني مهتمة بالشأن السياسي (حقوق الإنسان، الشفافية، حماية المستهلك..إلخ)
‌      ج- ممثل عن كل نقابة مهنية مسجلة.
 
2.   يشرف المؤتمر الوطني على إدارة عملية حوار وطني شامل حول ملامح الدولة التي يطمح إليها الليبيون (وخاصة فيما يتعلق بنظام الحكم)، والمبادئ التي يرون أن يتضمنها الدستور الدائم (وخاصة فيما يتعلق بكفالة الحقوق والحريات ومبادئ الفصل بين السلطات والتداول السلمي على السلطة)، وذلك من خلال تفعيل وسائل الإعلام (المكتوب، المسموع، المرئي)، وآليات الحوار المختلفة (المحاضرات، الندوات، حلقات النقاش)، وإجراء استطلاعات الرأي حول النقاط الأكثر إثارة للجدل. يوازي ذلك كله طبع نشرات وكتيبات إرشادية صغيرة تتضمن المعارف الأساسية حول الموضوعات المطروحة والمتداولة في الحوار، توزع مجاناً على جميع المواطنين (نرى طباعة ملايين النسخ منها).
 
3.   يتولى المؤتمر الوطني القيام بأعمال (الجمعية التأسيسية)، فينجز ما يلي:
  • تشكيل لجنة فنيين ومختصين من (30-50) عضواً، تعكف على وضع مشروع لدستور دائم، تستأنس في وضعه بما يتم التوصل إليه في أعمال الحوار الوطني، على أن تنهي أعمالها في مدة لا تتجاوز (60 يوماً).
  • عرض مسودة الدستور على المؤتمر الوطني، الذي يقوم بدوره بعرضها على الحوار العام لمدة (45-60 يوماً).
  • إنجاز الصياغة النهائية للدستور على ضوء نتائج الحوار الوطني، في مدة لا تتجاوز شهراً واحداً. 
- الاستفتاء على الدستور:
  1.  ينظم المجلس الوطني الانتقالي عملية الاستفتاء على الدستور، بإشراف الهيئة العليا للانتخابات وبحضور مراقبين دوليين.
  2. تعلن الهيئة العليا للانتخابات نتيجة الاستفتاء، فإذا كانت النتيجة سلبية، يعاد المشروع إلى اللجنة لإعادة صياغته بما يستجيب للخيارات التي تشير نتائج الحوار إلى أنها ما تلتقي حولها غالبية مطلقة من الشعب.
  3. عند إعلان إقرار الدستور من الأغلبية، يصبح هو الدستور الدائم للبلاد، ويعد الأساس الشرعي لبناء الدولة الجديدة.
 - بناء المؤسسات الدستورية:
 يشرع المجلس الوطني الانتقالي باتخاذ الخطوات العملية لبناء المؤسسات الدستورية وهي كالتالي:
  1.  الدعوة لانتخابات برلمانية (ورئاسية في حالة اعتماد النظام الجمهوري الرئاسي).
  2. الإشراف على سير الحملات الانتخابية للمرشحين (فرادى، أو ممثلين لأحزاب سياسية)، في فترة لا تتجاوز شهرين، واتخاذ ما يلزم من احتياطات لسيرها بطريقة سلمية متحضرة، من خلال منع مظاهر العنف.
  3. إجراء الانتخابات بإشراف الهيئة العليا للانتخابات وبحضور مراقبين دوليين وإقليميين ومحليين.
  4. إعلان نتائج الانتخابات.
  5. تسليم السلطة للمؤسسات الدستورية المنتخبة.
 وباستلام المؤسسات الدستورية المنتخبة سلطاتها تنتهي المرحلة الانتقالية، وتبدأ المرحلة الدستورية الدائمة، وتسير وفق ما ينص عليه الدستور الدائم.
  
مسار المرحلة الانتقالية
محطات رئيسة



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق