الاثنين، ديسمبر 20، 2010

قصيدة "بم التعلل لا أهل ولا وطن" للمتنبى



بِـــمَ التّـعَـلّـلُ لا أهْـــلٌ وَلا وَطَــــنُ       وَلا نَــديمٌ وَلا كـــأسٌ وَلا سَــكَـــنُ

أُريــدُ مِـــنْ زَمَــني ذا أنْ يُبَلّـــغَني       مَــا لَيسَ يـبْـلُغُـهُ ـمن نَفسِهِ الزّمَــنُ

لا تَـلْـقَ دَهْــرَكَ إلاّ غَــيرَ مُكـتَرِثٍ       ما دامَ يَصْـحَبُ فيــهِ رُوحَكَ البَـدنُ

فَمَــا يُـديـمُ سُــرُورٌ مـا سُرِرْتَ بِهِ       وَلا يَـرُدّ عَلَيـكَ الفَــائِتَ الحَـــــزَنُ

مِمّــا أضَــرّ بأهْـــلِ العِشْــقِ أنّهُــمُ       هَوَوا وَمَا عَــرَفُوا الدّنْيَا وَما فطِنوا

تَـفنى عُيُــونُهُـمُ دَمْعــاً وَأنْفُسُهُـــــمْ       فـي إثْــرِ كُــلّ قَبيحٍ وَجهُــهُ حَسَــنُ

تَحَمّلُــــــوا حَمَلَتْكُــمْ كــلُّ نــاجِيَــةٍ       فكُــلُّ بَيـنٍ عَلـيّ اليَــــوْمَ مُؤتَمَــــنُ

ما في هَوَادِجِكم من مُهجتي عِوَضٌ       إنْ مُــتُّ شَـوْقاً وَلا فيهـا لهَـا ثَمَــنُ

يَـا مَــنْ نُـعيتُ عـلى بُعْدٍ بمَجْلِسِـــهِ       كُـلٌّ بمَـا زَعَــمَ النّــاعونَ  مُــرْتَهَنُ

كـمْ قــد قُتِلتُ وكـم قــد مـتُّ عندَكُـمُ       ثـمّ انتَفَضْتُ فــزالَ الـقَبرُ وَالكَـــفَنُ

قــد كـــانَ شــاهَدَ دَفني قَبلَ قولـــهِمِ       جَمــاعَةٌ ثمّ مـــاتُوا قبــلَ مَـن دَفَنوا

مَا كـلُّ ما يَتَمَنّى المَـــرْءُ يُدْرِكُــــــهُ       تجـرِي الرّياحُ بمَا لا تَشتَهي السّفُنُ

رَأيتُكُــم لا يَصُونُ العِـرْضَ جارُكمُ       وَلا يَـــــدِرُّ عـلى مَرْعــــاكُمُ اللّــبَنُ

جَــزاءُ كُــلّ قَـــــرِيبٍ مِنكُــمُ مَـــلَلٌ       وَحَــظُّ كُــلّ مُحِــبٍّ منكُـمُ ضَغَـــــنُ

وَتَغضَبُــونَ عــلى مَــنْ نَــالَ رِفْدَكُمُ      حــتى يُعــاقِبَـهُ التّـنـغيـصُ وَالمِـــنَنُ

فَغَــادَرَ الهَجْـــرُ مـــا بَيني وَبينَــكُمُ       يَهمـاءَ تكــذِبُ فيهـا الـعَيــنُ وَالأُذُنُ

تَحْبُو الرّوَاسِمُ مِن بَعدِ الرّسيمِ بهَـا       وَتَسألُ الأرْضَ عـن أخفافِها الثَّـفِـنُ

إنّي أُصَاحِبُ حِلمي وَهْوَ بي كَـرَمٌ       وَلا أُصاحِبُ حِلمي وَهــوَ بي جُـبُنُ

وَلا أُقيــمُ عـلى مَــــالٍ أذِلُّ بِــــــــهِ       وَلا ألَـذُّ بِمَـــا عِــرْضِــي بِــهِ  دَرِنُ

سَـهِرْتُ بَعد رَحيــلي وَحشَـةً لكُــمُ       ثمّ استَمَـرّ مـريـري وَارْعَـوَى الوَسَنُ

وَإنْ  بُـلِيــتُ بــوُدٍّ  مِــــثْلِ  وُدّكُـــــمُ       فإنّـنـي بفِـــراقٍ  مِـثْـلِــــــهِ قَمِـــــــنُ

أبْـلى الأجِلّـةَ مُهْـري  عِنــدَ غَيرِكُـمُ       وَبُـدِّلَ العُـذْرُ بالفُسـطاطِ وَالرّسَــــنُ

عندَ الهُمامِ أبـي المِسكِ الـذي غرِقَتْ       فـي جُـودِهِ مُضَـرُ الحَمـراءِ وَاليَمَـنُ

وَإنْ تــأخّرَ عَــنّي بَعـضُ مَوْعِـــــدِهِ       فَمَـا تَأخَّــــرُ آمَــــالي وَلا تَهِـــــــنُ

هُـــوَ الــوَفيُّ وَلَــكِنّي ذَكَـرْتُ  لَــــهُ       مَـــوَدّةً فَهْــوَ يَبْلُوهَـــا وَيَـمْـتَـحِــــنُ



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق