السبت، نوفمبر 06، 2010

من المسئول عن تخلف المسلمين


~ والحقيقة أن ربط التخلف بالدين، قد غدا عند طائفة من الكتاب العرب. حركة آلية في سير تفكيرهم، لا تكاد تختلف عن آلية تصور ارتباط الطعام بقرع الجرس، في التجربة التي أجراها بافلوف لإثبات نظريته المشهورة عن رد الفعل الشرطي.
فمهما انحسر سلطان الدين (وهو الإسلام في هذا المقام) عن مجتمعاتنا العربية اليوم، ومهما شرد الناس عن سبيله وقيوده، ومهما ابتعد سلطان هذا الدين عنهم وعاد محصوراً في مخزن التاريخ، منزوياً في مَرِبه الحضاري ـ فإن هؤلاء الكاتبين يظلون يلصقون به جريرة تخلفهم كلما سئلوا عن أسبابه أو كلما تظاهروا بالنهوض لمعالجته والتغلب عليه!..
والتخلف، كلمة، تشمل كل مظاهر الضعف أو الجهل أو الفقر في حياة الأمة. فهي إذاً تنحط على تفرق المسلمين وتدابرهم، وعلى استلاب اليهود وغيرهم لأراضيهم، وعلى جمود الحركة العلمية في حياتهم، وعلى قعودهم عن تسخير ما في الأرض لمعاشهم.
فيزعم هؤلاء الباحثون إذاً، أن من أهم ما يمنع وحدة العرب اليوم، ويصدهم عن ردع اليهود وطردهم، ويعرقل عليهم الانطلاق نحو آفاق العلم والمعرفة، ويقعدهم عن السبق الاقتصادي وتوفير الانتاج، هذه البقية من سلطان الاسلام وعقيدته في نفوس المسلمين!..
ويعلم هؤلاء الكاتبون، كما يعلم غيرهم، أن هذه الأمة كانت فيما مضى خاضعة خضوعاً تاماً لسلطان الإسلام؛ فحكمها كان منبثقاً عن قانونه، ومجتمعها كان قائماً على نظامه، وأخلاقها كانت مستلهمة من روحه؛ وكان ذلك ـ فيما أجمع أليه الباحثون ـ سرَّ اتحادها بعد تفرق، ومصدر قوتها بعد ضعف، ومنبع غناها بعد فقر فكيف ينعس الأمر، ويصبح ما كان سبباً للوحدة والقوة والتقدم بالأمس، سبباً للفرقة والضعف والتخلف اليوم؟!..} - الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق