الخميس، أغسطس 02، 2012

المستشار «مصطفى عبدالجليل»: دور المفتي أن يفتي في الدين

لقاءات

متابعة: زهير أمنيسي
عدسة: قاسم القطعاني
في أولى جلسات الموسم الثقافي الرمضاني الذي تقوم بتنظيمه كلية الدراسات الإسلامية بالبيضاء؛ تم استضافة السيد / المستشار مصطفى عبد الجليل للحوار والنقاش مع مجموعة من المثقفين والأدباء والمهتمين حول الوضع السياسي للبلاد.
ونظراً لمعرفة غالب الحضور المسبقة بسيادة المستشار فقد كان البساط كما يقال أحمدياً.. وخلت الجلسة من أية خطوط حمراء أو إشارات مرورية تستدعي الوقوف عندها أو حتى الانتباه لها!

ولكنها حملت قدراً كبيراً من الصراحة وكشفت اللثام عن أمور لعلها تذكر للمرة الأولى على لسان سيادة المستشار!.. ونظراً لتباعد وتشعب النقاش في أحيان وتقاربه في أحايين أخرى فإني سأورد أهم النقاط التي تطرق لها المستشار وأضعها على صورة محصلة نهائية لما دار من حوار.
رؤية عامة لأوضاع البلاد..
في هذا السياق قال المستشار إنه يعلم تماماً الحال الذي تمر به البلاد حالياً من تردٍ للوضع الأمني إلى النهب واستباحة القطاع العام، لكنه في المقابل على ثقة دائماً بأن رعاية الله التي أحاطت هذه الثورة منذ اليوم الأول متصلة ولن تغيب حتى تصل البلاد إلى برّ الأمان.
واستشهد على ذلك بقوله إنه تم تسجيل اثنتا عشرة حالة من الوفيات في حوادث السير بسيارات تم سرقتها من الدولة، وهو ما يثبت أن العدالة الإلهية مازالت ترعى هذه الثورة.
قناعتي بالأحزاب تبدلت بعد الانتخابات..
هنا يقول المستشار إنه لم يكن يوماً مقتنعاً بجدوى الأحزاب أو مؤمناً بالحزبية، لكنه بعد مشاهدته لنتائج انتخابات المؤتمر الوطني صار يؤمن بجدواها بشكلٍ عملي ويشجع على استمرارها.. حيث قال إنه من كان منا يصدق أن تفوز يوماً سيدة من مدينة المرج وقبائلها بمقعد في مدينة مصراته لولا ممارستها للعمل الحزبي، أو أن تفوز سيدة «تارقية» من قبائل الطوراق بمقعد عن مدينة البيضاء لولا انتماؤها لحزب سياسي.
لذلك فإنني أرى أن الاستمرار في ممارسة العمل السياسي هو سبيلنا جميعاً للتخلص من الجهوية والقبَلية المقيتيتين.. يقول المستشار.
دور المُفتي السياسي!..
فيما يتعلق بالتصريحات السياسية لفضيلة المفتي الشيخ «الصادق الغرياني»، قال المستشار إن الشيخ «الصادق» من الشخصيات التي نحترمها ونجّلها لعلمه ولدوره البارز خلال ثورة السابع عشر من فبراير حين طالب الشباب بالخروج عن القذافي وهو في قلب العاصمة طرابلس.
ونظراً لكل ذلك.. ولأن الدولة بحاجة إلى مفتي.. وللتوافق الحاصل على شخص الشيخ «الصادق» فقد تم تكليفه بناءً على هذا الأساس، وهنا الحق يجب أن يقال بأنه على المفتي أن يفتي في أمور الدين.. وقد لفتنا انتباه الشيخ «الصادق» إلى هذه النقطة وعرضنا عليه الأمر أكثر من مرة، لكن من يعرف الشيخ «الصادق» عن قرب يعلم أنه شخص صعب المراس ومعّند ومن الصعوبة أن تثنيه عن أمرٍ عقد العزم عليه!
لكني أعتقد أنه بعد النقد والهجوم الذي تعرض له مؤخراً جّراء تصريحاته ضد أحد الأطراف السياسية، فقد قرر ألاّ يعود إلى مثل ذلك مجدداً، حتى لا يصير حكايةً تلوكها ألسن العامة وتقذع بحقها القول وهو في ذلك المقام!
حكاية لجنة الستين!..
في هذا الصدد قال المستشار إننا كنا نخشى على مسار وسلامة الانتخابات مع اقترابها.. خاصةً بعد التصعيد الذي قام به المحتجون على توزيع المقاعد، لذا وبعد التفاوض معهم طلبوا إلينا أن نقوم بتأجيل الانتخابات نظراً لأنهم لم يقوموا بتسجيل أنفسهم كناخبين أو تسجيل بعض عنهم كمرشحين.
طبعاً فقد كان تنفيذ ذلك الأمر مستحيلاً..وقد تم التوصل إلى هذا الحل حتى يتمكنوا من الحصول على فرصة المشاركة في الانتخابات القادمة، لكن تمرير ذلك التعديل باللحظات الأخيرة لم يكن بالأمر الهين نظراً لاعتراض عدد من أعضاء المجلس الوطني الانتقالي عليه مما سبب جدلاً ونقاشاً حادين داخل أروقة المجلس لفترة من الوقت، ولكن في نهاية المطاف ناشدنا الأعضاء أن يقوموا بتغليب المصلحة الوطنية وهو ما حدث فعلاً وتم التعديل.
المؤتمر الوطني.. وخطورة المرحلة!..
يقول المستشار هنا على الرغم من أن الذين يتصدرون مشهد المؤتمر الوطني حالياً هم في غالبهم من أعضاء المكتب التنفيذي السابق والذين كان عملهم حينما خرجوا مضاداً دائماً لعمل المجلس، فإننا تعاهدنا في المجلس الوطني بأن نقدم المصلحة الوطنية ونمد يد العون كاملةً من أجل أن يتم تسليم السلطة إلى المؤتمر الوطني بكل أمان واستقرار، وأنا اليوم هنا أسعى في ظل هذه الجهود حيث أقوم بمتابعة قضايا الطعن بنفسي، لأننا نخشى حقيقة من أن يقوم أحد القضاة بإصدار حكم قضائي ضد أحد الأحزاب الفائزة بمقاعد المؤتمر الوطني، عندها سنصبح أمام مشكلة قانونية وسياسية قد تطول.
ولا أذيع سراً حين أقول إن مصدر خوفي نابع من معرفتي بحاجة القضاء إلى تطهير، إذا أننا نعلم أن بعض القضاة كانوا من المؤيدين لحكم القذافي وقد تجاوزنا عنهم في بداية الثورة، لكن يبدو أنهم لم يتبدلوا بحكم الأيام والظروف التي طرأت على البلاد، وخيرُ مثالٍ على ذلك هو ذلك القاضي في بنغازي الذي أصدر حكماً ضد المفوضية العليا للانتخابات!
كما أردف المستشار قائلاً بأن مفتي الديار الليبية يقود جهوداً لرعاية ملتقى الأحزاب والكتل الفائزة من أجل التوافق على اسم رئيس للمؤتمر الوطني قبيل انعقاد أولى الجلسات، وعلى الغالب أن تلك الجهود قد كللت بالنجاح.
ضرورة احتراف الشرطة والجيش..
في سياق الرد عن السؤال المعتاد حول الأمن والجيش، قال المستشار إننا بذلنا العديد من الجهود والمساعي من أجل توظيف الثوار في هذا المجال لكنها كللت في غالبها بالفشل.
وإن الثوار يمتازون بالشجاعة والوطنية، لكن ذلك غير كافٍ لبناء شرطة أو جيش قوي، حيث إن أهمّ الشروط الاحتراف والتدريب الجيد، وحتى عندما قمنا بإرسال أكثر من ألفي ثائر للتدريب في دولة الأردن لم تكلل تلك الجهود بالنجاح ولعلكم في كل يوم تصلكم أخبارهم وأخبار المشاكل التي يقومون بها هناك!
لذلك لا مناص من إعادة العناصر التي لديها الخبرة في الجيش والشرطة، ومن تتوفر فيهم أيضاً شروط الوطنية والنزاهة.
عبدالله السنوسي..
فيما يتعلق بهذا الشأن فقد قال المستشار إن جميع الأخبار التي تصلكم من موريتانيا أو من هنا هي عارية عن الصحة، فنحن لم نتوصل بعد إلى أي صيغة للتسليم، لأن عبدالله السنوسي مازالت لديه قضية تحت التداول في القضاء الموريتاني.
الشيء الوحيد الذي أؤكده لكم أن موريتانيا لديها رغبة أكيدة في تسليم السنوسي إلى ليبيا، لكن متى الله أعلم!.
تصريحات أعضاء المكتب التنفيذي.. والدور القطري..
بوضوح تام قال المستشار «مصطفى عبدالجليل» إن قطر تقوم بدعم التيارات الإسلامية ولها رؤية تتمثل في أن يتم بناء منظومة عربية تعتمد الشريعة الإسلامية كنظام للحكم، لكن مع هذا فقد تم تهويل دور التدخل القطري في ليبيا كثيراً.
قطر قامت بصرف أكثر من 2 مليار دولار على الثورة الليبية، لم يذهب أي شخص ليبي إلى قطر إلا وقاموا بإعطائه مبلغاً من المال، منهم من سلمهُ للدولة ومنهم من أخذهُ لنفسه!..
خطة تحرير طرابلس تم وضعها في قطر وهم من قالوا لنا إن حربكم عن طريق الصحراء لا جدوى لها وهي حرب استنزاف لكم، أيضاً قطر قامت بتوفير طائرة خاصة لمحمود جبريل وعلي العيساوي جالا بها العالم لجلب الاعترافات السياسية!
لذا فأنا دائماً أقول إن من ينكر الدور القطري حقيقةً هو شخص جاحد!
مفاوضات الصلابي..
في سؤال حول المفاوضات التي قام بها الدكتور علي الصلابي مع أعوان النظام السابق في مصر.. قال المستشار نعم لقد تم تكليف الصلابي للقيام بتلك المفاوضات من أجل المصالحة الوطنية، لكن تمت مهاجمته بتلك الطريقة لأنه تم النظر للأمر من باب الإيديولوجيا لا من باب تغليب المصلحة الوطنية!
حيث إن بعض التيارات السياسية خشيت إن أتت مفاوضات الصلابي أوكلها أن يعتبر ذلك نصراً ومغنماً لطرفٍ على الآخر، والمسألة كلها تخضع لعدم مشاركتهم في تلك المفاوضات لا لاعتراضهم عليها!
لمن صّوت المستشار!..
قال المستشار إن صوته في الفردي منحه للدكتور عمر الزروق وهو أستاذ جامعي بكلية الهندسة.. وأما في نظام القوائم فقد منح صوته لحزب الوطن للتنمية والرفاه الذي يقوده السيد علي زيدان.. كان ذلك رداً على سؤال أحد الحاضرين!
الوزراء الأربعة.. والقانون الأخير!
ختاماً تحدث المستشار عن آخر الأعمال التي سيقوم بها المجلس قبيل مغادرته وهي اعتماده لهيئة رد المظالم والمصالحة؛ التي ستكون المسؤول المباشر عن عملية المصالحة الوطنية، والتي ستتم قيادتها بلجنة متألفة من سبعة قُضاة عُرف عنهم حسن السيرة والسلوك..
إضافة إلى ذلك فإن المجلس الانتقالي سيصدر خلال يومين القانون الأخير له، وهو قانون الحكم المحلي الذي سيعتمد على تقسيم الدولة إلى محافظات ومن ثم إلى بلديات وتليها محلات.. وستكون كلها تعتمد على نظام الإدارة المنتخبة.
وقد أورد سبب تأخر المجلس في إصدار القانون إلى الآن نظراً للمشاكل الحاصلة بين المناطق المتناحرة والتي استلزمت من وزارة الحكم المحلي التعديل لأكثر من مرة على نظام القانون.
وفي معرض حديثه عن وزارة الحكم المحلي أثنى المستشار على وزيرها السيد محمد الحراري وقال أنا أتمنى حقيقةً استمرار أربعة وزراء على رأس أعمالهم. وهم وزير الكهرباء و وزير الاتصالات و وزير التربية والتعليم و وزير الحكم المحلي.. واختتم ذلك بقوله ساخراً:
المرشح والقائمة التي منحتهما صوتي لم ينجحا.. وأعتقد أن هولاء الوزراء لن يستمروا أيضاً !!
 



المصدر: صحيفة فبراير ـ 14 رمضان 1433 هـ العدد 275 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق