الثلاثاء، نوفمبر 02، 2010

لمحات من تاريخ ليبيا الحديث


الجلسة التاسعة للجمعية الوطنية التأسيسية الليبية يوم الخميس 18 يناير سنة 1951‏
وعند الشروع في المادة الثانية من الجدول أخبر سماحة الرئيس الأعضاء بأنه نظراً لما يبدو من تصريحات ‏عزام باشا من تهجم على الجمعية فإننا أعلمنا المستر بيلت في برقية بأن محاولات عزام باشا نحتج عليها ‏ونستنكرها حتى يكون على علم عندما يتصل بهيئات من مصر أو من الجامعة العربية.‏
ثم تلا السكرتير سليمان الجربي نص البرقية واستفسر العضو المحترم محمد الهنقاري عما إذا سجلت تصريحات ‏عزام باشا وحفظت لدى الجمعية فأكد له كل من سماحة الرئيس والسكرتير حصول ذلك. ثم تلا السكرتير نص حديث ‏عزام باشا بروما لجريدة "تيبمو" الإيطالية.‏
واقترح العضو المحترم المبروك الجيباني أن يدرج في جدول الأعمال مسألة قانونية الجمعية الوطنية ‏والأسس التي قام عليها. فرد عليه العضو المحترم خليل القلال إن مادة بهذا المعنى قد درجت في جدول الأعمال وأن ‏الغرض منها هو إيضاح أن جماعة من المغرضين يزعمون بأن الجمعية لا تمثل البلاد فعلينا أن نصدر بياناً حول ما ‏كان هؤلاء المغرضون قد صرحوا به وأظهروه ووافقوا عليه.‏
وسأل العضو المحترم عبدا لمجيد كعبار عما إذا كان لدى الجمعية وثائق تبرهن على ذلك. فأكد له العضو المحترم ‏خليل القلال وجود مثل تلك الوثائق. وبين العضو المحترم نفسه ذلك أن التصريحات التي أدلى بها بعض الزعماء ‏كثيرة وأما الوثائق فلدى العضو المحترم عمر شنيب. وقال العضو المحترم محمد المنصوري أن بعض الزعماء من ‏اللجنة التنفيذية للمؤتمر صرحوا مراراً بموافقتهم على الفدرالية. فنهض العضو المحترم عبد العزيز الزقلعي وأوضح ‏أن موقف اللجنة التنفيذي للمؤتمر الوطني كان دائماً في جانب الوحدة وأن ميثاق المؤتمر لايزال صريحاً وهو ينادي ‏بملكية جلالة الملك والوحدة وأن اللجنة التنفيذية لازالت سائرة طبقاً للمبادئ المقررة في مؤتمر مسلاتة وأنه ليس ‏مطلعاً على أن هناك زعماء غيروا آراءهم. فبين العضو المحترم محمد المنصوري أنه لم يقل إن اللجنة التنفيذية قد ‏صرحت بشيء من ذلك ولكن الزعماء هم الذين صرحوا.‏
ثم قام العضو المحترم عمر شنيب وأعلن أن لديه كتاباً موقعاً من مندوبي مصر والباكستان أرسل إلى جلالة ‏الملك حول كيفية تأليف الجمعية الوطنية. وقرأه السكرتير سليمان الجربي وأعلن بعد ذلك العضو المحترم عمر شنيب ‏أن بشير بك السعداوي كان هو الذي حمل هذا الكتاب إلى جلالة الملك كما قدم في نفس الوقت مذكرة توضيحية تتناول ‏التطورات الدستورية المنتظرة في ليبيا وكانت المذكرة بإمضاء (ش...) وهو الحرف الأول من اسم الدكتور فؤاد ‏شكري وتلا السكرتير هذه المذكرة أيضاً. وهنا نهض العضو المحترم مختار المنتصر واقترح نشر الوثيقتين، ثم سأل ‏العضو المحترم عبد العزيز الزقلعي عمن وقع على الرسالة. فأجابه العضو المحترم عمر شنيب بأن كامل سليم بك ‏وعبد الرحيم خان هما اللذان وقعا عليها.‏
كما أن بشير السعداوي هو الذي أعلن نص تلك المذكرة وكتبت بخط الدكتور فؤاد شكري وبحضور عمر شنيب نفسه. ‏فلاحظ العضو المحترم عبدالعزيز الزقلعي أنه يظن بأنه ليس هناك شيء وقع عليه بشير بك بيده. ثم اقترح العضو ‏المحترم إبراهيم بن شعبان نشر كليشيهات لصور الوثيقتين.‏
وأوضح العضو المحترم محمد بن عثمان أن وفد فزان في لجنة الواحد والعشرين كان قد طالب دائماً بإجراء انتخابات ‏أعضاء الجمعية بالرغم من ملام الطرابلسيين في ذلك، وهنا نهض العضو المحترم خليل القلال وقال الآن نبحث ‏موضوعاً في جدول الأعمال فقد سمعنا تلاوة كتاب محمد كامل سليم بك وعبد الرحيم خان كما سمعنا تلاوة توصيات ‏فؤاد شكري بالنيابة عن السعداوي بك بالخصوص. وظهر من كل ذلك أن الفيدرالية ليست شيئاً جديداً بل كانت نتيجة ‏مناقشات طويلة وهي فكرة اختمرت في دماغ بشير بك السعداوي وأن ما قامت به الجمعية كان مطابقاً لما وافق عليه ‏بشير بك السعداوي وكامل سليم بك وعبد الرحيم خان.
وبما أن بشير بك هو رئيس المؤتمر فنحن نعتبر تصريحاته ‏باسم المؤتمر. ومن هذا فهمتم أن الخطة التي اتبعت في قرارات الجمعية التأسيسية لم يخرج شيء منها عما سبق ‏الاتفاق عليه وأن الدعاية الجارية الآن ضد الجمعية لابد أن تكون ناشئة عن تغير طرأ جديداً على فكر بشير السعداوي ‏وغيرها فيجب إذاً أن نصدر بياناً نوضح فيه أن الجمعية لا تمثل نفسها فقط ولكن تمثل الشعب وما اتخذته من قرارات ‏كان بناء على مشاورات سابقة.
ولاحظ العضو المحترم محمد المنصوري بأن بشير بك السعداوي يقول إنه راض ‏بالفدرالية ولكن يؤيد أن يقوم هذا النوع من الحكم على أساس إدارات لا حكومات. فلاحظ العضو المحترم خليل القلال ‏أن هذا لا يعارض قرار الجمعية. وقال العضو المحترم محمد الهنقاري إنما نحن نبحث في أشكال الفيدرالية وعلينا أن ‏نختار الشكل الذي يوافق رغبة الشعب.
 وعقب العضو المحترم عبد العزيز الزقلعي بقوله أنا متمسك بالوحدة على ‏أساس ميثاق المؤتمر. فأطلب من الجمعية أن تتريث وأن تنظر إلى المصلحة بحكمة وثبات وأن الشعب لا يلام لأنه لم ‏يهيأ لقبول الفدرالية. ‏أما القول بأن الجمعية غير معترف بها فهو غير صحيح أبداً.
 فلاحظ العضو المحترم خليل القلال أن مسألة ‏الاعتراض على شرعية تأليف الجمعية كان قد أعلنها المؤتمر الوطني دائماً ولم يعترض أحد من أعضائه على ذلك. ‏وعاد العضو المحترم عبد العزيز الزقلعي يقول: كل الخطوات التي تقرر اتخاذها ضد الجمعية كان قد أوقفها بشير بك ‏وعارضها.‏
‏وأيده العضو المحترم محمد المنصوري بقوله إن البشير بك السعداوي لا يريد حكومات ولكن إدارات في نطاق ‏الحكم الفيدرالي وقد دافع دائماً عن الجمعية التأسيسية ولم يطعن يوماً فيها. وقد قال بذلك وأكده أمامي أمس وفي كل ‏مناسبة.
وأوضح العضو المحترم خليل القلال أنه لم يقل بأن البشير قد صرح بشيء ضد الجمعية بل إنه قال أن البشير ‏بك لم يمنع إلقاء عبارات ضد الجمعية في اجتماعات رسمية للمؤتمر.
 ثم عقب العضو المحترم عبد العزيز الزقلعي ‏بأن الوحدة هي من رأي البلاد كلها، فتصدى له العضو المحترم إبراهيم بك بن شعبان وعارضه في قوله ~البلاد كلها} ‏موضحاً بأن الدواخل لا تشاركه هذا الرأي فقال العضو المحترم عبد العزيز الزقلعي لتخرج الجمعية إلى الشعب ‏وتأخذ رأيه حتى تقف على حقيقته.
فقام العضو المحترم خليل القلال وأشار إلى أن البلاد الآن منفصلة عن بعضها ‏وإذا أوجدنا نظاماً فيدرالياً فإنه (أي النظام) يوجد وحدة البلاد. فرد عليه العضو المحترم عبد العزيز الزقلعي بأنه لا ‏يرى انفصالاً في البلاد وما نحن إلا شعب واحد.
وهنا تدخل الرئيس مخلصاً فقال أظن أن الغرض من قراءة هذه ‏المذكرة هو تنوير الهيئة والبرهنة على أنها وليدة هيئة الأمم وإن جمعيتنا لم تخالف قرار هيئة الأمم ولم تخالف ‏قرارات الزعماء أو المجلس الاستشاري وكان بشير بك السعداوي أوضح أن أصلح الطرق هي الفيدرالية. وليس ‏الغرض من ذلك التراجع عن قرارنا وإنما الغرض هو توضيح أن قرارنا موافق لما رآه مجلس بيلت.
وقال العضو ‏المحترم محمد الهنقاري معقباً أن الجمعية تشكلت على وجه شرعي لا شك فيه وجميع قراراتها رسمية.
 وسأل العضو ‏المحترم عبد العزيز الزقلعي سماحة الرئيس عما إذا كان بصفته طرابلسياً قد حقق رغبة الشعب. فقال العضو المحترم ‏محمد الهنقاري نحن سائرون في طريق تحقيقها وأن الغايات التي يقول عنها العضو المحترم عبد العزيز الزقلعي هي ‏غايات الجميع وإنما نريد أن ندرك هذه الغايات عن طرق مختلفة.‏
ووجه العضو المحترم المنير برشان سؤالاً إلى العضو المحترم عبدالعزيز الزقلعي عما إذا كان يستطيع أن يرشد ‏الجمعية إلى أن الشعب الليبي يريد الوحدة ولا يقر الجمعية. فرد عليه بأنه يطلب من الجمعية أن تقف على هذا بنفسها.
 ‏وتساءل العضو المحترم خليل القلال عما إذا يمكن للجمعية أن تعدل قرارها ووصف بأن ذلك إن حدث فهو من ‏العبث.
فعاد العضو المحترم عبد العزيز الزقلعي مؤكداً بأن ذلك هو إيمانه الخاص وأنه يشعر بوحي من ضميره أنه ‏مدفوع لتأييد الوحدة ونفى أن يكون ذلك عبثاً، وهنا لفت سماحة الرئيس نظر الأعضاء إلى جدول الأعمال.
فعاد ‏العضو المحترم خليل القلال مشيراً إلى اقتراحه السابق بخصوص إصدار بيان لشرح قانونية تأليف الجمعية والدفاع ‏عنها. فلاحظ العضو المحترم محمد الهنقاري أنه ينبغي إيضاح نقطتين هامتين في البيان هما: (1) شرعية تكوين ‏الجمعية. (2) أن الجمعية ساعية لأن تختار في الفيدرالية ما هو قريب جداً من الوحدة وقال إنه بهذا نكسب الرأي ‏العام.
ثم اقترح سليمان الجربي بأن تشرع الجمعية في وضع البيان. فناوله على الأثر العضو المحترم خليل القلال ‏بياناً مقترحاً تلاه السكرتير وبعد الفراغ من قراءته لاحظ العضو المحترم محمد الهنقاري أنه لم يبين فيه توخى ‏التقرب من الوحدة في الشكل الفيدرالي. ورأى العضو المحترم عبدالعزيز الزقلعي بأن يخفف من حدة اللهجة ضد ‏الزعماء.‏
وبين العضو المحترم خليل القلال بأنه نظراً إلى أن مجلس الجامعة العربية سيجتمع في العشرين من الشهر ‏الجاري وبما أن قضية ليبيا ضمن جدول أعماله وستطرح على البحث هناك ونظراً لما علمناه من تصريح عزام باشا ‏ونواياه وإلى أن الوفود العربية غير مسلمة بما قامت به الجمعية وبحالة البلاد عامةً فإنه يتحتم علينا أن نطلع الوفود ‏بما قمنا به. واقترح أن ترسل الجمعية وفداً للاتصال بالوفود العربية حتى يفهمها نوايا الجمعية. فأيده في ذلك العضو ‏المحترم إبراهيم بن شعبان مقترحاً بأن يتألف الوفد من سماحة الرئيس ونائبيه. فاعتذر سماحة الرئيس عن قبوله ذلك ‏لأسباب صحية إلا أنه قبل فيما بعد بإلحاح من الأعضاء المحترمين. ثم اعتذر نائب الرئيس المحترم محمد ابن عثمان ‏عن عدم تمكنه من الاشتراك في الوفد لأسباب خاصة واقترح بأن يذهب بدله العضو المحترم أبوبكر أحمد فوافقه على ‏ذلك سائر الأعضاء.‏

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق