بالإشارة
إلى التكليف الصادر عن لجنة إدارة الأزمات الإنسانية والتابعة لائتلاف ثورة 17
فبراير بتاريخ 20 فبراير 2011 للتنسيق مع المصارف التجارية وحيث أن نتيجة لصدور
القرار المشار إليه وما يكتنفه من مخاطر حسب العرض الذي تقدم من قبلكم والذي تم
بموجبه تكليفنا بوضع دراسة قانونية واقتصادية ومالية للقرار المشار إليه وإعداد
التصور الكفيل بالتطبيق خلال هذه المرحلة وذلك مع ذوي الخبرة والاختصاص في مجال
العمل المصرفي.
وبناء على
دعوة إدارة الأزمات الإنسانية التابعة لائتلاف ثورة 17 فبراير انعقد هذا الاجتماع
بتاريخ اليوم الثلاثاء الموافق 29 مارس 2011 وذلك بشأن دراسة القرار المشار إليه
واتضح مايلي:
التمهيد
تداعيات
القرار من الناحية السياسية:
مما لاشك
فيه أن من أهم الاعتبارات الهامة لنجاح أي ثورة هو ثبات المؤسسات المصرفية وذلك من
أجل استكمال متطلبات هذه المرحلة مما يعني تدشين مرحلة جديدة مستقرة ولرسم هذه
السياسة يجب أن يتم عن طريق الممثل الشرعي لهذه الفترة وهو المجلس الوطني
الانتقالي المؤقت والذي يعتبر هو الجهة الشرعية في إصدار أي قرار سياسي يتعلق
بمرفق ذو سيادة سياسية واقتصادية واجتماعية.
كذلك لا
يجوز إصدار أي قرار يستشف منه صراحة أو ضمنا تقطيع أوصال مؤسسات الدولة الليبية
وفك الارتباط معها بما يتعارض مع الأهداف المعلنة لثورة 17 فبراير التي تؤكد على
وحدة التراب الليبي واحترام القوانين والتشريعات النافذة بالإضافة للاتفاقيات
الدولية وبالتالي لا يجوز إصدار أي قرار بهذه المرحلة للمؤسسات التي تعمل وفقا
للقوانين والتشريعات النافذة وتقوم بأداء خدماتها سواء على المستوى الاقتصادي
والاجتماعي.
وعليه فان
المجلس الوطني الانتقالي المؤقت هو الذي يقوم بتنظيم هذا المرفق مع المصارف الأخرى
وذلك لتسيير هذه المرحلة التاريخية.
وبناء على
ما تقدم قررت اللجنة المكلفة بدراسة قرار تشكيل إدارة مصرف ليبيا المركزي بتوضيح
العيوب التي شابت هذا القرار من الناحية القانونية والاقتصادية والعملية.
أولا: من
الناحية القانونية :
لاحظنا أن
القرار رقم (1) الصادر بتاريخ 2 مارس 2011 عن الأخ/رئيس الشؤون المالية والاقتصادية
السيد/د.علي الترهوني، بشأن تشكيل لجنة إدارة مصرف ليبيا المركزي المؤقتة مشوب
بعيوب قانونية ترقى إلى مستوى انعدام هذا القرار ومخالفته للمشروعية المنصوص عليها
بالقوانين والتشريعات ذات الصلة.
- من حيث الاختصاص: أن مصدر القرار لا يوجد لديه صفة في إصداره وقام بالاعتداء على السلطة السياسية التي لها الصلاحية في إصدار مثل هذه القرارات باعتبار أن مصرف ليبيا المركزي من المؤسسات السيادية بالدولة الليبية وبالتالي فهو لا يملك الاختصاص قانونا في إصدار هذا القرار وهو ما يسمى في الفقه الإداري باغتصاب السلطة.
- من حيث المحل: يعتبر هذا القرار معدوما باعتباره قام بالاعتداء على القانون رقم 1 لسنة 2005 بشأن المصارف. وهذا الاعتداء الصارخ ثابت بالقرار المذكور أعلاه مع العلم بأن أحد مواد القرار قد جاءت بأنه سوف تعمل هذه اللجنة وفقا للقانون المشار إليه ومنها على سبيل المثال لا الحصر أن أحد أعضاء اللجنة الإدارية لمصرف ليبيا المركزي المشكلة بموجب القرار المشار إليه هو عضو مجلس إدارة بأحد المصارف التجارية مما يعد مخالفة صريحة للقانون رقم 1 لسنة 2005 بشأن المصارف.
- من حيث الغاية: لا يوجد غاية مسببة أو مذكورة بشكل صريح من هذا القرار باعتبار أن فرع مصرف ليبيا المركزي بنغازي قائم بكافة نظمه ووحداته الإدارية. وإذا كان الغرض من تأسيس مصرف ليبيا المركزي لتسيير المرحلة الحالية فان القرار بشان تشكيله ومراقبته تتم عن طريق الممثل الشرعي للدولة الليبية والمتمثل في المجلس الوطني الانتقالي المؤقت مع العلم بأنه لوحظ وجود قرار رقم (6) لسنة 2011 الصادر عن المجلس الوطني الانتقالي المؤقت يقضي بنقل مقر مصرف ليبيا المركزي لمدينة بنغازي ويخضع لقراراته وسياساته في هذه المرحلة إلى المجلس الوطني الانتقالي المؤقت. ومن هنا فان صلاحية إصدار قرار تشكيل لجنة إدارة مصرف ليبيا المركزي تتم عن طريق المجلس الوطني الانتقالي المؤقت مباشرة باعتباره من المؤسسات السيادية والسياسية المستقلة وبالتالي فان تشكيل لجنة إدارة مصرف ليبيا المركزي المؤقتة التي تمت عن طريق الأخ/ رئيس لجنة الشؤون المالية والاقتصادية تعتبر مخالفة صريحة بسبب ما تقدم شرحه وحتى أن تم تفويضه ( وهذا ما لم يرد صراحة بحيثيات القرار رقم (6) لسنة 2011 الصادر عن المجلس الوطني الانتقالي المؤقت).
ثانيا: من
الناحية الاقتصادية والمالية:
- أن مصرف ليبيا المركزي هو أداة من أدوات ومقومات الاقتصاد الوطني وهو يعمل وفقا لقانون خاص وتعمل المصارف التجارية العاملة تحت مظلته وفقا للقانون والقرارات والمنشورات التي تنظمها بالإضافة إلى الأعراف المصرفية الدولية المعمول بها في الداخل والخارج وبالتالي فان من أغراضه الأساسية على سبيل المثال لا الحصر هي إصدار النقود والاحتفاظ بالودائع والاحتياطيات للمصارف والهيئات والمؤسسات بالإضافة إلى انه يوجد لديه مساهمات وملكية لمصارف خارج ليبيا سواء على الصعيد الدول العربية أو الأجنبية. و يعد المساس بهذا المرفق الحيوي بدون شرعية قانونية صحيحة مربكا للعلاقة بالمؤسسات المالية الخارجية.
- لمصرف ليبيا المركزي استثمارات خارجية واحتياطات نقدية وأرصدة معادن ثمينة كالذهب وهي تمثل الغطاء النقدي للعملة المحلية بالإضافة إلى سلة العملات الأجنبية. وبالتالي يجب إيجاد الحلول للحفاظ على هذه الاستثمارات والأرصدة وهذا ما لم نلمسه من خلال تعاملنا مع اللجنة المشكلة ووقوفنا على عدم إدراكهم لطبيعة وخصوصية هذه الاستثمارات والأرصدة فضلا عن كيفية الاتصال بالمؤسسات المالية الدولية التي تحتفظ بها.
- في الأعراف المصرفية الدولية هناك تقدير واحترام للشخص المصرفي تصل إلى درجة الائتمان الشخصي وهو الشخص المهني المصرفي الذي تعرفه المؤسسات المالية الدولية جيدا من خلال تعاملهم السابق معه وسيرته المهنية الذاتية والذي يعرفونه شخصيا أو من توقيعه المعتمد لديهم ومن خلال تعريفنا السابق فان هذه الميزة يفتقر إليها أعضاء اللجنة المشار إليها.
- لم توضع إلية قابلة للتنفيذ فعليا مع المصارف لصرف مخصصات لأسر الشهداء والجرحى والأسرى والمفقودين والمتطوعين على الجبهة بالإضافة إلى الحالات الاستثنائية للذين لا يوجد لديهم مصدر دخل من الدولة وتعطلت مصالحهم خلال هذه الفترة.
- لم توضع إلية تطبقها المصارف التجارية لصرف المبالغ للمؤسسات والشركات لتسيير أعمالها علما بأن هذه المشكلة لم تكن موجودة أصلا خلال الفترة السابقة لإدارة الأزمة بعد ثورة 17 فبراير مما جعل المصارف تعود للمربع الأول.
- لا يوجد لدى اللجنة المشار إليها أي خطة واضحة المعالم لضبط وإدارة السيولة النقدية خلال هذه الفترة.
- لا يوجد لدى أعضاء اللجنة المشار إليها أي دراية حول الاعتمادات المستندية والتي تفتح لصالح المجلس الوطني الانتقالي المؤقت أو الجهات التابعة إليه أو الاعتمادات التي تفتح لصالح الأنشطة التجارية والصناعية ولم يتم تعيين أي مصرف تجاري لتتم عن طريقه هذه العمليات المصرفية الخارجية وإيجاد الحلول لأي تغطية خارجية لهذه الاعتمادات.
- لم تراعى اللجنة أن المصارف التجارية هي شركات مساهمة ولديها علاقات واتفاقيات خارجية مع مؤسسات مالية دولية قامت بمشاركتها مع العلم بان أول أهداف المجلس الوطني الانتقالي المؤقت هو احترام الاتفاقيات الدولية وهذا يتطلب الاتصال الشخصي بالمؤسسات الدولية لشرح هذا الموقف وتطمينها.
الخلاصة:
- عدم شرعية وقانونية القرار رقم (1) لسنة 2011 الصادر عن الأخ/ رئيس الشؤون المالية والاقتصادية.
- مخالفة قرار تشكيل لجنة مصرف ليبيا المركزي المؤقت في اختيار أعضائه للقانون رقم (1) لسنة 2005 بشان المصارف.
- عدم دراية اللجنة المشار إليها بالمتطلبات الفنية المهنية المصرفية وأساسيات وأبجديات العمل المصرفي لحل المشاكل المالية للمصارف بالداخل والخارج.
التوصيات:
- إلغاء القرار رقم (1) لسنة 2011 الصادر عن الأخ/ رئيس الشؤون المالية والاقتصادية , ومحو الآثار القانونية المترتبة عنه.
- إذا تطلبت هذه المرحلة اختيار لجنة مصرف ليبيا المركزي من قبل المجلس الوطني الانتقالي المؤقت فأننا نوصي أن يتم النص صراحة بالصفة الإدارية لوظيفة محافظ مصرف ليبيا المركزي المؤقت ونائبه وبإمكان الأخ/ رئيس الشؤون المالية والاقتصادية اختيار عضوين لإدارة هذه المؤسسة .
- اشتراط الخبرة المهنية المصرفية والالتزام الوطني بمتطلبات هذه المرحلة لاختيار من يراه المجلس الوطني الانتقالي المؤقت لهذه المؤسسة.
- إعادة صياغة القرار رقم(1) لسنة2011 الصادر عن الأخ/ رئيس الشؤون المالية والاقتصادية ليكون مناسبا لما تقدم.
والله من
وراء القصد.
وعاشت
ليبيا حرة.
أعضاء
اللجنة:
مسعود
ميلاد الكراتي
إبراهيم حسن العوامي
محمد عقيلة الهوني
موقع ليبيا المستقبل
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق