بسم الله الرحمن الرحيم
أخي وأستاذي محمود شمام
اكتب إليك بدالّة المحب وعشم الأخ أن يتسع لي صدرك فلي عليك حق النسب. وحق الأخ الناصح .
أولا : دعني أهنئك على القفزات الرائعة التي قفزتها قناة ليبيا الأحرار ، فرغم قصر عمرها وشراسة المنافسة وقلة الإمكانات ، أرى أنها تتطور ويتحسن أدائها يوما بعد يوم ، وهذه والله لمفخرة لك ولكل الأخوات والأخوة العاملين فيها . وليس غريبا إن يكبوا الخيل الإصال ، ولكن الغريب أن لا ينهض . وأقول لك إنها والله نهضت نهضة جيدة . استقطبت رجال ونساء أكفاء . وقدمت أفكار ممتازة ، وحتى اختيار مقدمي البرامج أحس أن له أبعادا كبيرة واختيرت بعناية ، قد يراها البعض وقد لا ينبه لها آخرون ، ولكنها مؤثرة .
الآن قناة ليبيا الأحرار بدأت تخاطب الداخل الليبي ، تتكلم مع المجتمع الليبي بكل شرائحه صغيرة وكبيرة، رجل وامرأة متعلم وجاهل . وهذا يحسب للقناة والقائمين عليها.
ولكن أخي اكتب لك الآن ليس لأنك مدير أو صاحب قناة موفقة رائعة بأذن الله، ولكني اكتب لك كمسئول ، أو دعني أقربها للفهم أكثر، حيث ان بعض من يقرأ هذا لا يعلم تركيبة المجلس الانتقالي ، أكلمك كوزير للأعلام في حكومة الثورة،
كوزير، مهمتك ليست أن تكون إعلاميا، فالناطق باسم المجلس والناطق العسكري هم من يتولى الحديث باسم الحكومة وليس وزير الأعلام . فمهمتك الأولى والأهم والأصعب’ أن تدير الحملات الإعلامية. مهمتك التواصل مع الإعلام الخارجي المفقود أو شبه المفقود الآن. مهمتك أن تتواصل خلف الكاميرا لا أمامها، وخلف المحرر وليس معه.
انتقلت أخبار ليبيا على عظمها وفداحتها وخطورتها إلى الصفحات الثانية والثالثة ولم تصبح الخبر الأول في النشرة بل تعدتها إلى الخبر الرابع وبعضها الأخير ، حتى أن بعض المحطات ك "السي أن ان" و "فوكس" وحتى الجزيرة بعض الأحيان لا تأتي على ذكر الثورة الليبية غلا لماما أو لا شيء،
انتقل الحديث من ثورة شعبية إلى حرب أهلية . انتقل الحديث عن معاناة شعب مع طاغية إلى أخبار كر وفر. وتحولت البوصلة الجماهيرية والإعلامية للاهتمام بأمور أخرى ،
أخي الكريم
عملت في اليابان سنين عديدة في العمل ألتوثيقي والوثائقي. واعلم من خفايا هذا العمل الكثير، ولذا كلمك بما اعرف وأتقن.
أنت تعلم كما اعلم، وتعرف أكثر مني بكثير، إن العالم يبحث عن القصة الإنسانية. مصائب الإنسان ومشاكله، أحلامه وإبداعاته، وتذكر قصة السيدة إيمان العبيدي وكيف حركت المشاعر في العالم وكيف تناما مد التأييد الشعبي للثورة الليبية عندما قامت "السي ان ان" بعمل التغطية الإنسانية لها، ومهما كان رأينا في السيدة إيمان وموقفنا منها، إلا أننا نتفق إن تأثيرها عندما كانت قصة إنسانية كبيرا .
الثورة الليبية ثورة جبارة وتحتاج إلى عمل إعلامي جبار ومتواصل، إعلام يبرز رائحة العرق المتصبب من جباه الثوار وأحلامهم وطموحاتهم، ويبرز طموحات الشهداء وأحلامهم الموءودة، إلى معاناة الأمهات ، يحتاج إلى أمثال قصة الحاجة رحمة وأبنائها. وكم في ليبيا أمثالها،
أصبح الأعلام الليبي مركز الآن على أموال مجمدة هنا أو هناك، وقنبلة سقطت هنا او هناك’ أو غارة على هذا الموقع أو ذاك. اختفى الإنسان الليبي واختفت الأم الليبية والأب الليبي. لم نعد نسمع عنه، وإن سمعنا عنه فبأسلوب المبادرات الفردية التي لا ترقى لمستوى الحدث، بعضها يضر أكثر مما ينفع، فكما يقولون، يحرق القصة،
وهذا ما يحدث عندما يحاول شخص أن يطرح قصة بأسلوب مشوق يجذب المستمعين، فيقوم شخص بسردها سريعا مما يحرقها وتفقد أهميتها.
لا أنكر إن توفير المال والسلاح والاعتراف السياسي مهم جدا، ولكن دورك أنت كوزير للأعلام ليس التحدث عن مبادرة جاءت أو مبادرة رفضت، بل أن تقوم بحملات تعريف بالإنسان الليبي، بعرقه ودمه. فالعالم يحب رائحة العرق كما يحب رائحة العط، يحب أن يسمع الآهات والأنات كما يحب أن يرى الكرنفالات،
إن كسب التأييد الشعبي وكسب حب وتقدير الرأي العام العالمي للثورة مهم كأهمية اعتراف الدول، بل واقول لك أنه أهم وخصوصا مع اقتراب مواسم الانتخابات،
أخي الحبيب وأستاذي القدير: أنقذ الإعلام الليبي،
بيّن للعالم من هو الإنسان الليبي البسيط ولماذا ثار وعلى من ثار، لا تظن أن السكرتيرة الجالسة على مكتبها في نيويورك أو طوكيو أو سيئول أو البائع في سوبر ماركت في ماليزيا أو كندا أو بلجيكا يهمه سواء أحتاج المجلس الانتقالي إلى نقود مجمدة أم استغنى عنها. أو إن 43 دولة اعترفت به أو 100 أو أكثر،
هذا الشخص يحتاج إلى شخص مثله، يعاني ويحلم ويعمل على تحقيق حلم.
والمفارقة، أن هذا الشخص هو من سيقف أمام صندوق الانتخابات، وهو من سيقرر من هو السياسي الذي ستتعامل معه.
والله ما كتبت لك إلا بعد أن طلب مني الكثير من الشباب الليبي أن اكتب، وانظر إلي صفحتي على الفيسبوك، كم طلب مني، هذا غير البريد والتعليقات، كلهم أمل أن تنقذ إعلام الثورة. بعد أن تحول إلى إعلام شائعات ورد على شائعات، إعلام يخلف وراءه أسئلة ولا يطرح أجوبه.
أخي محمود، لقد وضعت لنفسي خط احمر كنت أود أن لا أتجاوزه، أخذت على نفسي أن لا أتدخل بين الليبيين الأحرار، أن لا أتبنى وجهة نظر أي منهم، فهذا شأن ليبي ولا مكان لي فيه، وسخرت قلمي للدفاع عن الحق المتمثل في الثورة الليبية، كثورة على الكفر والظلم والبغي والعدوان . واسمح لي إن تجاوزت هذا الخط الأحمر، فالأمر جلل والخطب كبير.
أخي محمود شمام، وحّد قوى الشباب، وأعطهم أسلحة يحاربون بها القوى التي تحاول إجهاض الثورة أو تحوير ومسارها، دعهم يعملون على دفع الرأي العام في بلادهم إلى تأييد الثورة،
ولا تلقهم في البحر مقيدين وتقول لهم إياكم الغرق، آو ترسلهم جنودا ولا تعطيهم سلاحا.
أعطهم برامج تستحق أن تسمى "وثائقية إنسانية"، لا تعطهم أرقام مهما كبرت ولكن أعطهم صورة لدمعة طفل أو عبرة ثكلى آو ثائر حالم، وسترى العجائب. فالأرقام لها دورها والأحاسيس الإنسانية دورها أكبر بكثير.
لا تعطهم خبر مقتل اللواء يونس ولكن أعطهم لمحات عن عبد الفتاح يونس الأب والأخ والصديق، من ماذا كان يخاف وبماذا يحلم وما هدفه ولماذا قتل؟
هذا سلاحك وهذا دورك الحقيقي،
أعذرني أخي محمود شمام ولكن التقصير في هذا الجانب قاتل، وأنت بعون الله قادر على ذلك، ولكن لا يصدق فيك قول الشاعر:
و لم أر في عيوب الناس شيئا *** كنقص القادرين على الكمال
صالح بن عبدالله السليمان
30 يوليو، 2011
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق