الأربعاء، ديسمبر 14، 2011

بايعناكم .. فلا تبيعوننا... عبد الرحمن الشاطر

الشاطر يرد على منتقدي مظاهرة تصحيح مسار الثورة: بايعناكم .. فلا تبيعوننا

الوطن الليبية - خاص
لامني العديد من الأصدقاء والقراء الأعزاء على مسحة التشاؤم التي وردت في مقالاتي الأخيرة والتي انتقدت فيها أداء المجلس الوطني الانتقالي المؤقت وكذلك الحكومة المؤقتة. وحجتهم في ذلك ضرورة إعطاء الفرصة لكل منهما أن ينفذ خططه.
لم أكن متشائما بالقدر الذي يجتاحني التشاؤم اليوم ، كنت أقرع الأجراس وأنبه من المخاطر المحدقة بالثورة وبالدولة .. كنت أتمنى أن نتجنب الأخطاء التي لا داعي لها وأن نكون أوفياء لدماء الشهداء الذين وهبونا هذه الحرية التي ننعم بها ، إن كنا بالفعل أصبحنا نتمتع بالحرية الكاملة الغير منقوصة!!
ما كنت أنبه بضرورة تفاديه وضرورة تصحيحه ، حدث .. وشكرا للشباب الذين خرجوا في كل من مدينتي بنغازي وطرابلس مطالبين بتصحيح مسار الثورة .. شكرا للذين وقفوا وتكلموا في مؤتمرات ومحاضرات وندوات وحلقات نقاش وكذلك كل من كتب مقالة أو رأيا أو مداخلة ينبه فيها إلى أن الأخطاء في الأداء بدأت تتراكم .. وأن الاحتقان الشعبي بدأ هو الآخر يتراكم.
كلنا نبه ، بكل أدب وموضوعية ، إلى أن على المجلس الوطني الانتقالي المؤقت ، أن يصحح وضعيته باستكمال بقية أعضائه والإعلان عن سيرهم الذاتية وكيفية ترشحهم وقبولهم.
كلنا طالب بالالتزام بأحكام ونصوص الإعلان الدستوري المؤقت على علاته..
كلنا طالب باستبعاد المتسلقين احتراما لربع مليون متضرر من النظام السابق.
كلنا طالب بالشفافية وتطبيق القانون وتحقيق الأمن وسحب السلاح و..و.. من المطالب.
المجلس الوطني الانتقالي لم يستجب لأي من تلك المطالب.. وبذلك وضع نفسه فوق الخط الأحمر الذي لا ينبغي الاقتراب منه.. وبالتالي وضع نفسه في المأزق الذي هو فيه الآن.

استنفذت وسائل الكلام والكتابة .. وخرج الوطنيون الخائفون من أن تسرق ثورتهم إلى الشارع مطالبين بتصحيح مسار الثورة.. أفي هذا ما يستحق أن يقال عنهم بأنهم يسعون للفتنة. لا أذكر بالضبط أين قرأت هذه الجملة: (يقضي الإنسان سنواته الأولى في تعلم النطق ، وتقضي الأنظمة العربية بقية عمره في تعليمه الصمت !).
وكان الرد مفاجئا وغريبا..
كان الرد بالقمع بأسلوب جديد قديم وهو تسيير مظاهرات في كل من بنغازي وطرابلس تؤيد المجلس الوطني الانتقالي المؤقت دون أن ترى أخطاءه الجسيمة. بل وتمضي إلى أكثر من ذلك فتعتبر رئيسه خطا أحمرا.
عدنا إذن إلى المربع الأول ما قبل ثورة السابع عشر من فبراير المجيدة .. حيث كان الطاغية خطا أحمرا. عدنا لصناعة الطغاة بتأييد شعبي مكره.
عادت حليمة إلى عادتها القديمة .. فهل تلوموني عندما عنونت بعض مقالاتي في الآونة الأخيرة : ( من هو دكتاتورنا القادم؟ ) و ( خياركم في الجاهلية .. خياركم في الإسلام ) و ( غيرنا العلم والنشيد الوطني .. متى نتغير نحن؟ ) و آخرها ( اظهر وبان ..عليك الأمان ). تلك كانت نواقيس للتنبيه ولم تكن حالة من حالا ت التشاؤم.
فماذا أقول اليوم .. بعد أن خرج الوطنيون يطالبون بتصحيح مسيرة الثورة .. فيواجهون بمظاهرات مضادة وحملة إعلامية تتهمهم بزرع الفتنه .. اليوم هذه تهمتهم .. وغدا لا تستغربوا أن يظهر علينا من يقول للوطنيين ( من أنتم؟!).. ثم يتهمهم بتناول حبوب الهلوسة أو الخيانة لدماء الشهداء.
أنا اليوم متشائم .. لأنني أرى أن التراشق بتهم الخيانة لدماء الشهداء سيتبادلها من هم مع المجلس الوطني المؤقت .. ومن يرون من باب الوطنية الصادقة ضرورة تطبيق الشفافية والإفصاح عن هوية هذا المجلس قبل أن يتحول إلى ( مجلس قيادة الثورة ) وبالتالي خطا أحمرا لا ينبغي تجاوزه.
أنا اليوم .. اليوم فقط أدركت لماذا لا تريد بعض السرايا تسليم سلاحها.. لعلها خائفة مما هو قادم!!
أنا اليوم متشائم .. عندما يعلن المجلس الوطني الانتقالي المؤقت أنه اتخذ قرارات بأن تكون بنغازي عاصمة اقتصادية ومصراته لرجال الأعمال والاقتصاد ودرنة للثقافة والزاوية للعلم والترابط الاجتماعي .
لا أدري هل أبكي أم أضحك من هذا التصرف الذي لا ينم عن ادنى مستوى لإدارة الدولة؟
لا أدري إن كان هذا التصريح في حد ذاته يستوجب الخروج للشارع لاستنكاره؟
فتوزيع العواصم بممسيات مالية أو اقتصادية لا تتم بهذا الشكل ، وإنما تتم وفق معطيات إمكاناتها وماذا يمكنها أن تعطي في هذا المجال أو ذاك .. وتقبل الناس لها . إن العواصم تخلقها ظروفها وليس قرارات سياسية ، وهي في البداية والنهاية ليست من اختصاص مجلس مؤقت وإنما من اختصاص الحكومة المنتخبة عن طريق صناديق الاقتراح وموافقة البرلمان عليها. فمتى يعرف المجلس الانتقالي حدود مهامه فلا يتجاوزها؟
يا ليت المجلس الوطني الانتقالي المؤقت خرج لنا ببيان وقال ( لقد فهمتكم !!. وسوف أعلن عن خطتي لإصلاح مسيرة الثورة ). ثم يدرس الموقف بروية ويستشير .. ولا خاب من استشار. ويظهر علينا ببيان ينسجم وأهداف وطموحات الشارع المحتقن.. ببيان موضوعي ليس على شاكلة الزواج بأربعة!!
أيها السادة أعضاء المجلس الوطني الانتقالي المؤقت وأعضاء الحكومة .. نحن ننتقدكم من باب المحبة لكم .. من باب الاعتزاز بكم.. من باب الإكبار لمواقفكم أثناء الحرب .. لقد أبليتم بلاء حسنا تشكرون عليه .. وقد تحقق النصر .. والمرحلة الآن مرحلة تقتضي إرساء دعائم دولة الشفافية والمصارحة ، وليس دولة التعتيم والأجندات. لقد قامت الثورة تحت شعار ( الشعب يريد إسقاط النظام ) أي اجتثاث النظام من عروقه بأخلاقياته وفلسفته وسلوكياته وثقافاته المتعددة. فلا تستنسخوا ثقافته . أقول هذا .. لأن ثقافة التخوين بمصطلح زرع الفتنة قد بدأت تعلو.. ولهجة البطش بيد من حديد بدأت تتردد بكثرة..ونغمة الوزير الذي يقول انه ينفذ تعليمات تعني أنه مجرد دمية ..دمية لمن ؟ هو أعلم .. وتأليه رئيس المجلس واعتباره خطا أحمر هو فخ للسيد المستشار ينبغي أن يحذر من تكراره.. وأخشى عليه من الوقوع فيه والنفس أمارة بالسوء.
لقد بايع الشعب مجلسه الانتقالي عن رضا وقناعة.. ولم يبخل عليه بالتأييد.. فهل يجازي منتقديه بوصمهم بزرّاع الفتنة؟.. عوضا عن فتح أبواب حرية التعبير والرأي الآخر في ممارسة للديمقراطية..
من حق الوطنيون أن يطالبوا بإصلاح مسيرة الثورة .. لأنهم يرون أنها بدأت تتعرض لبدايات الانحراف .. بدأوا يرون المتسلقين يتغلغلون ..والبزناسة لهم حضور فاعل .. وعديمي الكفاءة يشرعون للدولة .. فيأتوننا بإعلان دستوري مثخن بالعيوب. هل هؤلاء زراع فتنة .. أم يريدون إحقاق الحق ؟
الوطنيون يريدون الوفاء لدماء الشهداء التي سالت من اجل بناء دولة يعمها النور وليس الظلام!..

هناك 3 تعليقات:

  1. كلام معقول و منطقي وقد قيل من قبل ولكن مشكلتنا جميع لا نخسن الاستماع. نقطة أخرى حييتك لو أضفت هل إلى مقالك إلا وهى ( العسكر في المعسكر) بمعنى اى شخص مهما كان إذا أراد الحديث إلى الشعب إما عن طريق الفضائيات اللبيبة ( الغير مسئولة) أو مباشرة فعلية إن يلبس مدني لان حرب التحرير انتهت وألان معركة عقل و فكر

    ردحذف
  2. اشكرك اخي الكريم على هذا المقال
    حقيقة المجلس الوطني الانتقالي وحتى تحرير كامل التراب الليبي كنا نكن له كل التقدير والاحترام ونكون جاحدين لو انكرنا دوره ... ولكن ما يعاب على المجلس انه جعلنا نشعر ان هناك استنساخ لاساليب النظام المنهار في اختيارات العديد من الاشخاص للوظائف او المهام القيادية وهو يعلم علم اليقين ان من تم اختيارهم ليسو هم الاكفأ او الاجدر ... وحتى من تم اختيارهم لا يملكون حرية في بناء ما كلفوا به بل عليهم الاستشارة او ابلاغ المجلس وهذه طامة كبرى ... كنا نود لو كان هناك بيان من المجلس حول مقتل عبد الفتاح يونس والذي اصبحت قبيلته هي من تطالب باضهار الحقيقة بمعنى ان عبد الفتاح رحمة الله عليه ملك لقبيلته فقط وليس لليبيا وكم كنت اتمنى لوكانت المطالبة من غير المناطق التي به قبيلة الفقيد ... المجلس ايضا لم يكشف لنا عن الفساد او التجاوزات التي سبق وان تحدث عنها وانه سيتم الاعلان عن اي شخص تورط في الفساد من المجلس ... ثورة فبراير نكاد نراها تغتال وتغتال معها امالنا واحلامنا ...

    ردحذف