الأربعاء، مايو 16، 2012

كيف نحدد حجم إنتاجنا من النفط ؟..... وحيد عمر بوقعيقيص

أكتشف المواطن العادي فجأة ضخامة الأموال الموظفة أو المستثمرة في الخارج، والتي يقال انها في حدود 160 مليار دولار. و لاتشمل هذه أموال القذافي واسرته، والمستفيدين من نظامه.
يقال ايضا أن كثيرا من هذه الأموال كانت  تدار من قبل أزلام القذافي بالرغم من ملكيتها لليبيا. ولا يعرف حتى الآن ماذا تم بخصوص هذه الأموال وإعادة السيطرة عليها من قبل الدولة الليبية. هذا الملف ما زال يكتنفه الكثير من الغموض، ولم يتم تناوله بالجدية والأهمية اللتان يتطلبهما.
ولكن ما علاقة كل هذا بموضوعنا؟..
سوف نرى لاحقا العلاقة بين الإثنين.


سؤالنا الأول: كيف نحدد ونقرر كمية الإنتاج  من النفط والغاز بما يتفق ومصالحنا الوطنية، أي ما هي السياسة الإنتاجية التي تحافظ على تلك الثروة خلال استخراجها لإحتياجاتنا المختلفة و المستقبلية.

في الفترة الأخيرة قبل سقوط نظام القذافي صرح مسئولوا النفط  آنذاك أن هدفهم  زيادة الإنتاج من 1.6 مليون برميل يوميا إلى ثلاثة ملايين برميل في اليوم ـ وقد كرر وزير نفط حكومة السيد الكيب نفس التصريح، فعلى أي أساس توافق الموقفين على نفس الرقم.  هل لأن صناعة النفط عملية محايدة، لا تحكمها القواعد السياسية مهما أختلفت الأنظمة ـ دكتاتورية كانت أم ديموقراطية، أم أن القواعد الفنية بين هذين النظامين مختلفة؟ في الواقع، إن أيا من النظامين تحكمه نفس المعايير الفنية لإنتاج النفط والغاز، بينما تختلف السياسات أو يفترض أن تختلف السياسات التي يطبقها كل نظام، في تناول السياسات الإنتاجية.
والذي يهمنا  هنا هو توضيح الأسس التي يجب أن نتبعها لتحديد حجم إنتاجنا من النفط والغاز.
إن العنصر الإساسي الذي يحدد أمكانات الإنتاج أو الحد الأعلى له هو ما يسمى في الصناعة النفطية بالمعدل الأمثل للإنتاج MER   كما هو متعارف عليه لدى فني النفط(1). وهو المعدل الذي يسمح بإنتاج كمية من النفط أو الغاز دون الإضرار بالطاقة الطبيعية لمكمن النفط أو الغاز في باطن الأرض، والذي بدوره يؤثر على كمية النفط التي يمكن إستخراجها من هذا المكمن على مدار عمره الإنتاجي.
  إن هذا المعدل يعطينا السقف الأعلى لما يمكن إنتاجه. أما  ما سيتم أنتاجه فيعتمد على السياسة النفطية للنظام القائم وعلى احتياجاتنا التنموية وفي المقام الأخير على الطاقة الإستيعابية للبلاد من توفر طاقات بشرية وكفاءات ومن وجود قطاع خاص وعام فاعلين، وكذلك مدى توفر المدخلات اللازمة من كهرباء وإسمنت وحديد  وبنية تحتية وعناصر طبيعية كأراضي زراعية ومياه وغير ذلك.
مارس النظام السابق طيلة فترة حكمه، سياسة أعلى معدلات الإنتاج الممكن أنتاجها دون مراعاة للعناصر التي بيناها اعلاه. وكان الإنتاج يحدد نسبيا بسياسة الحصص التي كانت تضعها منظمة الدول المصدرة للنفط  (الأوبيك) أو العوامل الإقتصادية للسوق العالمية المتمثلة في انخفاض الطلب العالمي على النفط كما حدث في الثمانينات من القرن الماضي، مما أدى إلى إنخفاض الانتاج.
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا، هو: لماذا لجأ النظام السابق لسياسة أعلى معدل للإنتاج؟. كان السبب وراء ذلك تسيل النفط الخام  لتكوين فوائض مالية في خارج البلاد يستطيع أن يتصرف فيها كما يشاء  لأغراض سياسية. ولكي تتراكم لدى أقطاب النظام أرصدة تكون تحت تصرفهم في حالة تتحول الأحوال الداخلية ضدهم، الأمر الذي يفسر حجم الأرصدة في الخارج (160 مليار دولار)، والذي جعلنا نتساءل عما إذا كان نظامنا الجديد قد وضع يده على تلك الأرصدة، وما آلت إليه، وكيف تم التصرف فيها خلال الفترة من 17 فبراير 2011 وإلى يومنا هذا. إن تصريحات السيد حسن زقلام وزير المالية أثارت قلق الكثيرين حول مآل هذه الأموال.
 أن سياسة إنتاجية تؤدي إلى تكوين فوائض مالية ضخمة في الخارج، لا تأخد بعين الإعتبار الطاقة الإستعابية ولا تتلاءم  مع إحتياجاتنا هي سياسة غير حكيمة يترتب علىها الكثير من السلبيات منها على سبيل المثال:-
  1. تتعرض تلك الأموال إلى عوامل التضخم مما يقلل من قيمتها طالما بقيت مسيلة.
  2. توظيف تلك الأموال في أسهم وسندات والتي هي عبارة عن تمويل للدول والشركات لا نرى ما يبررها من جانبنا.
  3. تتعرض هذه التوظيفات مهما قيل لسياسات الدول الموظفة لديها ولتقلبات الأسواق المالية، كما حدث عام 2007 – 2008 والتي ما زال العالم يعاني منها وكذلك توظيفاتنا.
  4. أن تسييل النفط الخام بهذه الصورة وعدم تركه في باطن الأرض، بعد إستيفاء حاجاتنا كما بينا أعلاه، يحرم الأجيال القادمة من مصادر تمويل ستتطلبها الزيادة السكانية للبلاد.
  5. وأخيرا فإن الفوائض المالية التي تراكمت تمت على أساس اسعار بيع النفط أقل بكثير عما هي عليه اليوم، والتي ستكون أيضا أقل مما هو متوقع في الأمد المتوسط والطويل لهذه الأسعار. بمعنى آخر إذا تكونت فوائض اليوم بسعر بيع 110 دولار للبرميل وارتفع هذا السعر إلى 150 دولا للبرميل خلال الخمس سنوات القادمة نكون قد خسرنا 40 دولار للبرميل كان الأجدى تركه في باطن الأرض.
نعود الآن إلى المعدل الأمثل للإنتاج، لأن هناك من يقول ان تدخل الدولة في هذه الأمور يقلق الشركات الأجنبية العاملة في البلاد ويقلل من الإستثمارات من قبل الشركات التي قد تكون لديها النية في الإستثمار. ردنا على الإعتراض هو أن القواعد الفنية المطلوب اتباعها لم تأت من فراغ أو رغبة في عرقلة الصناعة. فهي قواعد ومعايير وضعتها الولايات المتحدة  نفسها و ألزمت بها شركاتها.
الأعتراض يعبر أيضا عن سياسات اتبعت من قبل الشركات العالمية في كافة الصناعات الإستخراجية في أنحاء العالم والقائمة على هاجس المخاطرة في بلدان "غير مستقرة الأوضاع" كما يٌدَعى،  ولذلك كان لزاما على هذه الشركات أن تستخرج أقصى ما يمكن إنتاجه من النفط في أقصر وقت ممكن، لتسترد استثماراتها وتحقق في نفس الوقت أعلى الأرباح الممكنة لها.
ونفس منهج المخاطرة هذا، اتبعه النظام السابق ووجد لدى الشركات الأجنبية قبولا، لأنه يتفق مع سياستها التي بيناها أعلاه.
وعليه فإن على مسئولي النفط في الوزارة والمؤسسة، أن يجعلوا من أتباع قواعد الإنتاج الأمثل سياستهم للشركات الوطنية والأجنبية العاملة في ليبيا، وأن تعلن الوزارة في المقام الأخير، ما هي معدلات الإنتاج التي ستفرض استنادا على دراسات للمكامن لكل حقولنا النفطية، وأن تنشر نتائج هذه الدراسات تحقيقا للشفافية، وتمكينا للباحثين من مناقشة هذه النتائج، والإدلاء بدلوهم حول سياسة الإنتاج المبنية على هذه الدراسات.
 على الجانب الآخر الخاص بإحتياجاتنا، فإننا نشكك استنادا لمبدأ طاقة الإستيعاب التي أشرنا إليها في إمكانية التصرف بصورة مرشدة للأموال المعلنة بميزانية عام 2012. ومما لا شك فيه أنه يمكن بعثرة الأموال المرصودة وصرفها بصورة غير مجدية، ولكن حتما لن تكون من أجل سياسات تنموية واعية تستند على تخطيط يحقق مصالحنا الوطنية.
واخيرا ورجوعا الى موضوع الارصدة المتراكمة اننا نتسأل لماذا التسرع في زيادة الانتاج الى مستواه ما قبل الثورة في الوقت الذي نعرف انه قد لا يتناسب والمعدل الامثل للانتاج.
وهناك ثلاث معطيات اضافية للعزوف عن ذلك:
اولا هناك كما رأينا الفوائض المتراكمة في الخارج والتي يفضل ان يلجأ اليها قبل زيادة الانتاج.
ثانيا كلنا يعلم انه من غير الممكن صرف الميزانية المرصودة لعدم وجود طاقة اسستيعابية كما بينا اعلاه الا اذا كان في النية اغداق الشركات الاجنبية الكبرى بمشاريع من وحيهم وهذا الاحتمال وارد.
ثالثا ان كل الفنيين الشرفاء في قطاع النفط يعلمون اننا في الوقت الحاضر ليس لدينا ما نستند عليه فيما يخص المعدل الامثل للانتاج بحيث نستطيع على ضوئه تحديد مستوى الانتاج.
رابعا ان الميزانية التي وضعت تم تقديرها على اساس 100 دولار سعرا للبرميل في الوقت الذي نرى السعر السائد لخام البرنت ((Brent الذي تتحدد بموجبه اسعار نفطنا يحوم حول  110 دولار للبرميل.
هذا يعني انك اذا اخذت سعر 100 دولار وميزانيتك تقدر بحوالي 55 مليار دولار فلا بدّ ان تنتج  1.6 مليون برميل يوميا .
أما اذا استمر السعر على مستوى 110 دولار للبرميل يكون الانتاج المترتب عليه  1.37 مليون برميل يوميا.
وأذا أكتفينا بأنتاج 1.0 مليون يرميل في اليوم وسيلنا 14 مليار دولار من توظبفاتنا في الخارج على مدار العام نكون قد وفرنا اموال الميزانية لهذا العام بالرغم اننا نستطيع ان نجزم بعدم امكانية صرف هذه الاموال المرصودة الا اذا فتحت الابواب على مصرعيها للشركات الاجنبية كما نوهنا اعلاه.
اي اننا اذا تجاهلنا كل ما اشرنا اليه اعلاه فان الانتاج لا يجب ان يتعدى 1.37 مليون برميل يوميا اذا اخذنا  بمنطق الحكومة وليس 1.6 مليون برميل يوميا. وعلى افتراض عدم استعمال اي جزء من الفوائض المالية المتراكمة في الخارج.
أما اذا اخذنا بمنطق المواطن العادي الذي بدأنا به هذه المقالة فان ما يبدو له ان من بايديهم القرار لا يملكون الملاكات  ولا الرؤيا ولا الخبرة المتطلبة في ادارة شؤون الدولة. 






(1) Maximum Efficient Rate (MER) means the maximum sustainable daily oil or gas withdrawal rate from a reservoir which will permit economic development and depletion of that reservoir without detriment to ultimate recovery. The MER is the maximum rate at which oil or gas can be produced without damaging the reservoirs natural energy. If oil is extracted from a reservoir at a rate greater than the maximum efficient rate of recovery, then the amount of oil ultimately will decline resulting in decrease in the amount of oil ultimately recoverable.

هناك تعليق واحد:

  1. بما ان عندنا هذه العقول الشبه في بلادنا والشجاعة لقول الحق ويكون لها نظرة للمستقبل فان النفط لن يدوم نريد ان نبني بلدا متقدم بلد لمستقبل الأجيال القادمه ليس لسنه بل لعضلة السنين فهيا يا ابناء ليبيا المثقفين قبل المتعلمين انتهجنا المنهج المستقبلي للاجييال القادمه وصلوا أصواتكم للرئسه الحكوميه عن قريب وتناسلوا مع شعبكم في البلاد واعططوا لهم ما حاولنا ان نحرص عليه طوال سنين غربتها وما أحملناك لترفعوا رؤس بلدكمًانشروا هذه الكلمات من سيده كبيره في السن ورأت ويلات الغربه والعيش في المهجر لكن صمدوا من اجل هذه الأجيال والحمد لله ان عاصرنا هذه الثوره فالي الامام وانتصروا يعلمكم ويا ليت الزمن يمد في ؤعمري لأري تفوق ليبيا وسط الامم العربيه

    ردحذف