السبت، مايو 26، 2012

رجال .. وأشباه رجال .. أحمد بن موسى

في القوم رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، لاحقوا الموت قبل أن يلاحقهم .. التفتوا إلى الوراء، رأوا عرضا مهدداً فرفعوا البنادق والهامات.. رجال دفنوا دمع أطفالهم، وصراخ ثكلاهم.. هجروا الآمال والذكريات، وفنجان القهوة الصباحي من يدٍ مجعدةٍ حبيبة.. انتظروا “عزرائيل” على الناصية ليسألوه “ما حقيتش معمر؟” .. افتدوا الوطن بالحياة وبالممات.. فجاوروا ربهم إحساناً وإكراما..


في القوم محمد نبوس.. والمهدي زيو.. وراف الله السحاتي.. ومحمد علي المدني.. ومحمد الحلبوص.. ومصطفى القن.. ومصطفى بن دردف.. وفخري الصلابي.. وغيرهم.. جبال يُشبّه بهم الأبطال، ربطوا إبليس ليبيا في مزبلة الطغاة.. جلسوا على فوهة التاريخ وأشعلوا الفتيل والهمم.. فغيروا وجه ليبيا إلى الأبد..
وفي القوم رجال ربطوا أرجلهم في الخنادق موتاً.. “مرحب بالجنة جت تدنى” .. اشتموا رائحة تراب الوطن لمرة أخيرة.. لمرة مريرة.. فكانوا رجال الله في الميدان.. وكانوا حماة الأرض والعرض والإيمان.. وكانوا من قبّلنا الأرض تحت نعالهم.. وفوق قبورهم.. فبعزهم كبّرنا، ولأجلهم صلينا.. دوت مدافع جهادهم على تخوم جهنم فأيقنّا أن النصر صبر ساعة، وأن الحرية وراء الباب.. وشرع أحدهم في إعداد سلاحه متمتماً ”جايينك جايينك.. في عقر دارك إن شاء الله” .. نام الأطفال آمنين تلك الليلة..
وفي القوم نساء شمرن السواعد فكن مصدر القوة في لحظات الوهن، ومنبع الإصرار في لحظات التقهقر، وكن خير السند والمدد، وكن من وقف ونادى وتظاهر و سهر وبكى.. كن في نالوت، أمٌ ابتلعت دمعها والحزن، ووقفت مع الملائكة على جثة فقيدها ووليدها، تودعه بالزغاريد والتكبير.. وكن في اجدابيا، عجوز تبنّت كل الثوار، فأطعمتهم وآوتهم بعد أن حجبت القذائف شمس الصحراء عن بيتها المتهالك، قبلوا يدها فقبلت رؤوسهم ودعت لهم “تربحوا.. الله ينصركم” .. وكن في جالو، الحاجة “فاطمة الحداد” التى وقفت عند الباب الصديء مودعة أبنائها الأربعة واثنين من أحفادها إلى جبهة القتال، كجبل من القوة والصمود أمسكت بيد أكبرهم، وبصوت ثابت قالت:
يـا تريس راكــم تذلــوا.. يا رابطـــين الحــزامي..
والقـول وراكــــم يعـلوا.. والموت راهي قسامي..

غرق الوطن في الدموع وفي الدم أشهراً عشرةً مريرة الطعم والذكرى، تعرفنا فيها على ليبيا لم نكن نعرفها، علي طرفي النقيض شهامة وخسة.. أبطالٌ و ذئاب.. رجالٌ وأشباه رجال.. كشف القدر عن وجه شديد البشاعة والقبح لآلافٍ باعوا أرواحهم وضمائرهم لشيطان رجيمٍ جداً، هتفوا كالأغنام بحياة شخص امتص دمهم لعقود طويلة.. آلافٌ ممن أحبوا خانقهم واتبعوه اختفوا من على وجه البسيطة كأن لم يكونوا، أنكر الجميع وجودهم بالأساس، وكأن القذافي كان يقاتل وحده، ويغتصب وحده، ويتظاهر ويهتف وحده.. تشبثوا بحكم عائلة فجرّوا البلاد خلفهم إلى مستنقع موحل لا مناص منه.. هتفوا كفراً، ففعلوا كفراً.. هؤلاء في القوم..
الله لا يسامحكم..

أحمد بن موسى


هناك تعليق واحد:

  1. السيد أحمد بن موسي الا ترعي انك لم تذكر أحد من الشهداء الابطال أبناء القبائل العريقة مثل الشهيد علي حدوث او عبدالفتاح يونس او حسن وحامد العقوري او الشهيد المهندس توفيق الزوي الا تري ان هناك أجحاف الا تري ان هولاء رجال
    محمد عطية المنصوري

    ردحذف