لو رجعنا عدة سنوات إلى
الوراء وبالتحديد إلى يوليو 2005 وهو موعد انعقاد المؤتمر الوطني للمعارضة الليبية
الأول في لندن وما صاحبه من حوارات امتدت إلى نحو سنة قبل انعقاده وموقف الإخوان من
هذا المؤتمر المتمثل في انسحابهم من المؤتمر قبل انعقاده معترضين على احد بنود المؤتمر
وبالتحديد الدعوة لتنحي القذافي عن السلطة وتشكيل حكومة انتقالية والذي رفضه الإخوان
وادى إلى انسحابهم من المؤتمر في الوقت الذي تم عقد صفقة بينهم وبين النظام تقضي بإطلاق
سراح سجناء الإخوان الذين يقبعون داخل سجون النظام مقابل هذا الانسحاب وجاء في بيان
الإخوان المسلمون آنذاك والذي تلاه السيد ناصر المانع (المتحدث الحالي باسم الحكومة
الانتقالية) والذي جاء فيه: ~أن سقف المؤتمر وشروطه واخص بالذكر الشرطين تنحي القذافي
عن السلطة وتشكيل حكومة انتقالية كانا السبب الرئيسي في انسحابنا من جلسات الإعداد
ومقاطعة المؤتمر وأوضحنا وقتها للجميع بأنه من اجل إنجاح مؤتمر وطني لا بد أن تطرح
القضية الليبية بكل ملابساتها وجميع أطرافها المختلفة مجالاتها المتنوعة بشكل مفتوح
ودون شروط مسبقة من اجل تحقيق مصلحة الوطن العليا كما تحفظنا على الآلية التي تم بها
إقرار هذه المحددات والمطالب..}
وصرح حينها السيد سليمان
عبدالقادر العضو القيادي في الإخوان المسلمون لمحطة العربية بأن مطالب المعارضة بتنحي
النظام الليبي غير منطقية وستدخلنا في دائرة من الخلاف لن يجني منها البلد غير الاحتقان
السياسي الذي نعيشه الآن. ونخلص من هذا البيان وتصريح السيد سليمان عبدالقادر إلى أن
الإخوان راضون تماما عن استمرار الطاغية في حكمه وبالتالي استمرار عهد القهر والظلم
ولا يروا مانعا من عقد صفقات معه على حساب الشعب الليبي المقهور.. موقف غريب وعجيب
من تنظيم وضع نفسه من ضمن تنظيمات تسعى إلى إنهاء حكم هذا الطاغية لتخليص الوطن من
مأساته التي يعيشها من عقود..
إن موقف الإخوان آنذاك فيه
نوع من الغدر والخيانة لثوابت المعارضة الليبية والنضال الوطني ضد نظام الجور والظلم
والغدر وكان انحياز الإخوان إلى النظام هي القشة التي قصمت ظهر البعير وانحدر بذلك
الإخوان إلى الهاوية وأصبح هناك مثارا للشك حول وطنيه هذا التنظيم. إن الموقف المتخاذل
للإخوان وخيانتهم للثوابت الوطنية التي تقضي بالتخلص من نظام الظلم والقهر وإحلال نظام
وطني ينقذ البلد مما وصلت إليه من تدني في جميع المناحي يعتبر خيانة وغدر بتلك الثوابت
كما أن انسحابهم من المؤتمر مقابل سراح الإخوان المساجين لهي صفقة أراد النظام أن يسحب
بها البساط من تحت المؤتمر الوطني للمعارضة فكيف انطلت على هذا التنظيم ألاعيب النظام
ورضوا بهذا الموقف المخزي..
والسؤال الذي يطرح على الإخوان
هل التخلي عن المبادئ والثوابت الوطنية هو موضوع مساومة مع هذا النظام الجائر الغادر..
إن موقف الإخوان هذا كان له بالغ الأثر في نفوس الشرفاء وأصبح هذا الموقف نقطة سوداء
في تاريخ الإخوان لا تغتفر..
جاءت ثورة 17 فبراير المجيدة
والتي من مبادئها الأولية هي الإطاحة بنظام المقبور القذافي ولاحظنا حينها تقاطر الإخوان
على قطر وركوبهم موجة الثورة بحيث أصبحوا المعلقين الوحيدين في قناة الجزيرة ممن يفقهون
فكر الثورة وأصبحوا جهابذة في فن الحروب والسلاح والخطط العسكرية المحكمة جاء ذلك وفق
خطة جاهزة منذ البداية لتغليب وإظهار الإخوان على الساحة وكأنهم أول الوطنيين وهم من
اعد لهذه الثورة فظهرت علينا وجوه لم نرها من قبل ولم يكن لها ذكر من قريب أو من بعيد
فيما يخص النضال الوطني وأصبح كل منهم يذيل اسمه بمناضل وطني ومحلل سياسي ومعارض سياسي
فبالأمس القريب كانوا يرفضون حتى ذكر تنحي القذافي وإحلاله بحكم وطني واليوم يضعون
نفسهم في صدارة القوى الوطنية.. انه لموقف يدعوا إلى العجب والاستغراب في هكذا تنظيم
يستخف بعقول الليبيين ويريد أن يضحك علينا ويريد أن يسوق نفسه لنا الآن كتنظيم وطني
أو حزب.
لقد ركب كثير من الإخوان
موجة الثورة وتسلقوا حتى إلى المجلس الوطني الانتقالي والحكومة وهم يمثلون نفس التنظيم
الذي وقف ضد المعارضة الوطنية وانحاز إلى نظام الظلم والغدر ضد شعبهم عام2005 يأتون
اليوم لشغل مناصب حساسة في الدولة ويتسابقون لشغلها وهم بذلك يبرهنون على أنهم رواد
سلطه فقط وليس لهم أي انتماء للقوى الوطنية جراء موقفهم المخزي من المعارضة الليبية
فهل نسي الإخوان كل ذلك؟ أم أنهم تناسوا ذلك لخداع وغدر الشعب الليبي.
إن ثورة 17 من فبراير المجيدة
هي ثورة أصيلة وشريفة لا تقبل في صفوفها إلا الناس الشرفاء المحافظين على ثوابت الوطن
وليس المتخاذلين المنهزمين الذين مدوا يدهم وتعاونوا مع نظام الاستبداد وخانوا الشعب
والوطن ... إن المتخاذلين ليس لهم مكان في هذه الثورة المباركة ويجب أن يخجلوا على
أنفسهم وعلى مواقفهم المخزية وينهوا سعيهم للسلطة واستماتتهم من اجل التحكم فى الوطن
وشرفائه .. وأحذر الليبيين من الوقوع في شرك الإخوان.
اللهم فاشهد اللهم إني قد
بلغت
د. إبراهيم محمد ابوشيمة
الحزب الوطني الليبي
معارض سابق
المصدر: موقع ليبيا المستقبل
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق