الاثنين، مايو 14، 2012

شعور سخيف.... أحمد بن موسى

~ شعور سخيف ..
إنك تحس بإن وطنك شيء ضعيف ..
صوتك ضعيف .. رأيك ضعيف ..
إنك تبيع قلبك وجسمك .. وإنك تبيع قلمك واسمك ..
وتبات في وطنك ضيف .. تبات عالرصيف ..}

للشاعر هشام الجخ، بتصرف
******
يحتدم هذه الأيام – ويحتد أحياناً – بين أبناء برقة النقاش الدائر حول مشروعية انتخابات المؤتمر الوطني العام من عدمها، وحيرة البعض بين خياري المشاركة أو المقاطعة، في ظل الإجحاف المشين والظلم الظاهر في توزيع المقاعد بين الأقاليم الثلاثة، والتي فاقت أسوأ التصورات وأكثرها تشاؤماً..

وبعيداً عن حسابات الطرق المثلى والعادلة لتوزيع المقاعد والتي مضغت بما فيه الكفاية على كافة الصحف والمواقع التي يبدو أن المجلس المؤقت لا يطالعها، والتي أثبتت في مجملها أن فيروس هوس التحكم في برقة - العنيدة - ظل ينتقل بمهارة فائقة بين كل حكام ليبيا إلى أن استقر أخيراً في عروق المجلس المؤقت مجهول الأعضاء، ليقرر تقزيم الإقليم الذي كان – على مر العهود - الصانع الأول - وليس الوحيد - لتاريخ البلاد، وتحجيمه في 30% من المقاعد، مقابل تمثيل للإقليم الطرابلسي في أكثر من نصف المقاعد للتأكد من قدرته على التحكم في مقدرات الأمور بعيداً عن الثور البرقاوي الهائج دائماً، ليتكرر مسلسل التهميش والإقصاء والتحكم بحذافيره المملة حد السأم، ولتستمر مرارة المركزية في حلق كل برقاوي ممزوجة بطعم الدم هذه المرة، بعيداً عن هذا كله، أرى أن الموضوع يجب تناوله في رسالتين:
في الاولى: أطلب من أعضاء المجلس الانتقالي أن يضعوا نصب أعينهم أن العدل أساس الملك وديمومته، وأن الله يقيم الدولة العادلة ولو كانت كافرة، ويسقط الظالمة ولو كان على رأسها الشيخ مصطفى عبد الجليل، وأن قيام دولة ليبيا من بين اشلاء الشهداء مرهون بقدرة السلطات الجديدة على معاكسة الظلم الممارس من قبل النظام السابق، والذي تحول مع مرور الزمن إلى ثقافة مركزية استشرت لدى بعض فئات سكان العاصمة والمناطق المحيطة بها ممن استفادوا بهذا الوضع وركنوا إليه، هذه الثقافة تظهر جلية في الردود الصادرة عند بروز الدعوات المطالبة بعودة المادة 188 من الدستور الليبي، أو عودة المؤسسات التي سلبها النظام من الإقليم، كالمؤسسة الوطنية للنفط والخطوط الليبية والبنك المركزي والشركة العامة للكهرباء وغيرها، ناهيك طبعاً عن الدعوات المطالبة بالعدالة في توزيع مقاعد المؤتمر الوطني بين الأقاليم، والتي ينظر إليها على أنها كفر بواح..
أطلب منهم أن يتذكروا أن التاريخ يسجل أنهم أفلتوا من بين أيديهم فرصة لا تتكرر من التحام أبناء الوطن كان يمكن استخدامها بشكل أمثل لمد جسور الثقة والتوافق بين أبناء الشرق والغرب والجنوب، وذلك بحزمة من القرارات الشجاعة التي تصحح الأوضاع الظالمة وتردم شيئاً من فجوة المركزية التي سقط فيها أبناء فزان وبرقة، سيسجل التاريخ أنهم السبب في بث روح الفرقة والشقاق بين أبناء الوطن الواحد، وفي تعميق أجواء التشكيك وعدم الثقة بين أبناء الأقاليم، وربما لا أكون مبالغاً إن قلت إنهم يعرضون وحدة البلاد للخطر، ويدقون المسامير في نعش وحدة ليبيا بإعمالهم لهذا الظلم ..
أدعو أعضاء المجلس أن ينسوا فخامة المقاعد وأن يتذكروا رفات من أقعدهم عليها، وأن يتخذوا موقفاً حازماً وشجاعاً أمام الله ثم أمام التاريخ، يدفعون به الظلم ويرجعون الحق إلى أصحابه، ويفتحوا لليبيا بوابة جديدة أساسها المساواة بين أبناء الوطن على اختلاف مناطقهم وأصولهم وأعراقهم، لكي نتمكن جميعاً من بناء هذا الوطن على أساس المساواة والعدل .. أدعوهم من هنا لاتخاذ قرار شجاع بتأجيل الانتخابات لمدة لا تتعدى الشهر الواحد، وتصحيح وضع سيفضي بالضرورة إلى مقاطعة فئة كبيرة من الشعب للانتخابات، وبالتالي الوصول بليبيا إلى نصف استقرار، بنصف انتخابات..
رسالتي الثانية هي إلى أهلنا الواقعين تحت ظلم التوزيع في برقة، وفيها أقول إن استمرار الحراك الشعبي السلمي مهم لزيادة الضغط على مجلسنا الذي تقوقع في طرابلس ولم يعد يسمع أولئك الذين أوقعهم حظهم العاثر بعيداً عنها، في محاولة جادة للتأثير على صناع القرار وطبّاخيه، إلا أن مسالة المشاركة في الانتخابات تظل واجباً تجاه شهدائنا قبل كل شيء، وتلبية لنصف فرصة قد نخرج بها من عنق الزجاجة، وذلك عملاً بمبدأ أن ما لا يدرك كله يدرك جله، وأن أي سلطة منتخبة ستكون في أسوأ الأحوال خياراً أفضل بمراحل من مجلس انتقالي لا يعرف كنه أعضائه ولا انتماءاتهم .. كما يجب أن نعلم جيداً أن الأزلام والمتسلقين والفاسدين لا يزالون في الجوار، ينتظرون عودة الوطنيين والخيرين إلى عادة التأفف من ممارسة السلطة، لينقضوا على الوطن ويضعوه في جيوبهم، نحن يا إخوتي أمام مفترق طرق حاسم جداً، فإما أن ننتخب من نظن أنهم سيدعمون خيارنا من الوطنيين المخلصين، وإما أن نكفر بكل شيء ونتركها للشراذم ليرجعونا إلى يوم 14 فبراير ..
*******
شعور سخيف.. أن تقف على قبر شهيد.. تقرأ الفاتحة وتتمتم بعض الأدعية.. فيسألك "ما الذي تغير؟" .. فتجيبه مرتبكاً "والله مش عارف بس كان تبي توا بكرة نمشي لطرابلس نسأل ونجي نقولّك"..
شعور سخيف..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق