الرحمة المُهداة للبشرية
للنبي صلى الله عليه وسلم عند ربـه مقام عظيم وقـدر جليل، فاق كل الخلائق أجمعين؛ فهو صلى الله عليه وسلم سيد ولـد آدم، بل هو سيد الأكوان وصفوتها، وهو خير من الملائكة وخير من العرش، ولا يعرف حقيقته وعظيم قدره إلا خالقه سبحانه وتعالى.
وقد خصّه ربنا بمزايا عديدة، وأثنى ربنا عليه صلى الله عليه وسلم ، فأكثر الثناء عليه، ونوع أشكال المدح له؛ فتارة يمدحه مجملاً وتارة يمدحه مدحاً مفصَّلاً، وذكره في قرآنه بأجلّ الصفات، بل لم يُنادِه ربنا قط باسْمه مجرداً كما نادى الأنبياء قبله، بل كان دائما يقول له: ﴿يَا أَيُّها النَّبِيُّ﴾، أو ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ﴾، أو ﴿يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ﴾، أو ﴿يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ﴾.
وقد أثنى ربنا عليه في كتابه بصفات شريفة، فوصفه ربنا بالرحمة فقال: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً للْعَالَمِينَ﴾(الأنبياء: 107)، وقال سبحانه وتعالى: ﴿لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ﴾(التوبة: 128). وكذلك وصفه ربنا سبحانه بأنه النور الهادي للحق فقال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً* وَدَاعِياً إلَى اللهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجاً مُنِيراً﴾ (الأحزاب: 45-46). وقال سبحانه:﴿يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ قَدْ جَاءَكُمْ منَ اللهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ﴾ (المائدة: 15).
ذكر أعضائه الشريفة في القرآن
وقد خصّه ربنا بمزايا عديدة، وأثنى ربنا عليه صلى الله عليه وسلم ، فأكثر الثناء عليه، ونوع أشكال المدح له؛ فتارة يمدحه مجملاً وتارة يمدحه مدحاً مفصَّلاً، وذكره في قرآنه بأجلّ الصفات، بل لم يُنادِه ربنا قط باسْمه مجرداً كما نادى الأنبياء قبله، بل كان دائما يقول له: ﴿يَا أَيُّها النَّبِيُّ﴾، أو ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ﴾، أو ﴿يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ﴾، أو ﴿يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ﴾.
وقد أثنى ربنا عليه في كتابه بصفات شريفة، فوصفه ربنا بالرحمة فقال: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً للْعَالَمِينَ﴾(الأنبياء: 107)، وقال سبحانه وتعالى: ﴿لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ﴾(التوبة: 128). وكذلك وصفه ربنا سبحانه بأنه النور الهادي للحق فقال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً* وَدَاعِياً إلَى اللهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجاً مُنِيراً﴾ (الأحزاب: 45-46). وقال سبحانه:﴿يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ قَدْ جَاءَكُمْ منَ اللهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ﴾ (المائدة: 15).
ذكر أعضائه الشريفة في القرآن
من أجلّ الصور التي ميّز الله سبحانه وتعالى نبيه الكريم صلى الله عليه وسلم ، ذكره له في قرآنه بأغلب أعضائه الشريفة صلى الله عليه وسلم . فليس هناك ملك مقرب ولا نبي مُرسل أثنى الله على أعضائه وخصاله بهذا التفصيل قطّ.
فذكر ربنا وجهه الشريف صلى الله عليه وسلم في كتابه العزيز، فقال سبحانه: ﴿قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا﴾(البقرة: 144)، ويشمل هذا السياق على مدح جليل فوق ذكر الوجه. ووجه المدح هنا أنه بمجرد تقلُّب وجهه الشريف أعطاه الله به ما أراد دون سؤال منه ولا كلام، فكانت بركة وجهه في تقلبه معطية له ما تمناه ومنيلة له ما يرضاه صلى الله عليه وسلم .
وكان قد ذَكر وجهه في مواضع أخرى فقال تعالى: ﴿فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ﴾(البقرة: 144)، وقال: ﴿وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ﴾(البقرة: 149)، وقال سبحانه: ﴿فَإنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ للهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ﴾(آل عمران: 20). وقال تعالى: ﴿وَاَنْ أَقِمْ وَجْهَكَ للِدِّينِ حَنِيفاً﴾(يونس: 105)، وقال عز من قائل: ﴿فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ القَيِّمِ﴾(الروم: 43).
وكذلك ذكر الله عَينيه صلى الله عليه وسلم في أكثر من موضع في قرآنه، فقال سبحانه: ﴿لاَ تَمُدَنَّ عَيْنَيْكَ إلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِنْهُمْ﴾ (الحجر: 88)، وقال تعالى: ﴿وَلاَ تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ﴾(الكهف: 28)، وقال سبحانه: ﴿وَلاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ﴾(طه: 131).
وذكر ربنا رؤيته صلى الله عليه وسلم في أكثر من موضع كذلك فقال سبحانه: ﴿لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى﴾(النجم: 18)، وفي هذا ثناء على رؤيته ومدحٌ بأنه رأى من الآيات ما لم يره أحد قبله صلى الله عليه وسلم . وقال سبحانه للمشركين زاجراً لهم على تكذيبه ما يَرى: ﴿أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى﴾ (النجم: 12)، ثم أخبر ربنا سبحانه وتعالى أن نبيه صلى الله عليه وسلم خُصّ برؤية جبريل عليه السلام على صورته فقال سبحانه: ﴿وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى﴾ (النجم: 13).
كما ذكر ربنا سبحانه وتعالى بَصَره الشريف صلى الله عليه وسلم في أكثر من موضع من كتابه العزيز فقال تعالى: ﴿مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى﴾(النجم: 17)، وفي هذا السياق مَدحٌ فوق الذكر؛ إذ أثنى ربنا على البصر وأنه صادق غير زائع. وقال سبحانه: ﴿فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ﴾(القلم: 5)، وقال جل وعلا: ﴿وَأَبْصِرْهُمْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ﴾(الصافات: 175)، وقال سبحانه: ﴿وَأَبْصِرْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ﴾(الصافات: 179).
ولقد ذكر الله أُذنه صلى الله عليه وسلم في أكثر من موضع كذلك، فقال تعالى في ذكر الأُذن رداً على الكافرين: ﴿قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ (التوبة: 61).
وكذلك ذكر ربنا سمعه الشريف صلى الله عليه وسلم في عدة مواضع من كتابه العزيز فقال سبح انه: ﴿فَلاَ تَسْمَعُ إِلاَّ هَمْساً﴾ (طه: 108).
وذكر ربنا سبحانه وتعالى منطقه ومدَحه سبحانه فقال: ﴿وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى﴾ (النجم: 3)، فبيّن صدق منطقه صلى الله عليه وسلم وصواب حديثه. وكذلك امتدح ربنا صوته بالإجلال والتعظيم، وحذّر الصحابة من التعالي على هذا القدر فقال سبحانه: ﴿لاَ تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ﴾ (الحجرات: 2).
وذكر سبحانه وتعالى لسانه الشريف صلى الله عليه وسلم في أكثر من موضع في كتابه العزيز فقال تعالى: ﴿فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْمًا لُدًّا﴾(مريم: 97)، وقال: ﴿فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَـانِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ﴾(الدخان: 58)، وقال سبحانه: ﴿لاَ تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ﴾ (القيامة: 16).
وذكر الله سبحانه وتعالى صَدره الشريف صلى الله عليه وسلم في كتابه العزيز كذلك في العديد من المواضع فقال تعالى: ﴿أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ﴾ (الشرح: 1)، وفيه إشارة إلى نعمة من نعم الله عليه، وفضيلته صلى الله عليه وسلم بشرح صدره. وقال الله مُطَمْئِنًا لحبيبه المصطفى صلى الله عليه وسلم : ﴿فَلاَ يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ لِتُنْذِرَ بِهِ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ﴾ (الأعراف: 2)، وكذلك ذكر صدره في تسليته له بقوله تعالى: ﴿وَضَائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ أَنْ يَقُولُوا لَوْلاَ أُنْزِلَ عَلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ جَاءَ مَعَهُ مَلَكٌ إِنَّمَا أَنْتَ نَذِيرٌ وَاللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ﴾ (هود: 12)، وذكر الله صدره في سياق آخر ليثبِّته صلى الله عليه وسلم : ﴿وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ﴾ (الحجر: 97).
كذلك ذكر الله قلبه الشريف صلى الله عليه وسلم في أكثر من موضع في كتابه العزيز، واشتمل الذكر الثناء عليه صلى الله عليه وسلم فقال سبحانه: ﴿قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللهِ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْـهِ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ﴾ (البقرة: 97)، وقال سبحانه: ﴿وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ﴾(آل عمران: 159)، وقال تعالى: ﴿نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ﴾ (الشعراء: 193-194)، بل إن ربنا أثنى على قلب نبيه صلى الله عليه وسلم ثناءً عظيما عندما أثبت أن قلبه صلى الله عليه وسلم أقوى من الجبال في تحمل التنـزلات الإلهية والوحي فقال سبحانه: ﴿لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللهِ وَتِلْكَ الأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ﴾ (الحشر: 21)، وقد أنزله الله على قلبه صلى الله عليه وسلم فتحمّل ما لا يتحمل الجبل الأشم الراسخ.
وخصّ ربنا فؤاده صلى الله عليه وسلم بالذكر في الكتاب العزيز بما اشتمل الثناءَ على فؤاده الشريف صلى الله عليه وسلم فقال تعالى: ﴿مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى﴾(النجم: 11)، وقال سبحانه مبشِّرا له: ﴿وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ﴾ (هود: 120)، وقال تعالى: ﴿كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلاً﴾ (الفرقان: 32).
وقد ذكر الله يده الشريفة صلى الله عليه وسلم في سياق الأمر بالتوسط بين التقتير والتبذير فقال سبحانه وتعالى : ﴿وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ﴾ (الإسراء: 29). كما ذكر ربنا سبحانه وتعالى ظَهر النبي صلى الله عليه وسلم في سياق الامتنان عليه فقال تعالى: ﴿الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ﴾ (الشرح: 3).
فذكر ربنا وجهه الشريف صلى الله عليه وسلم في كتابه العزيز، فقال سبحانه: ﴿قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا﴾(البقرة: 144)، ويشمل هذا السياق على مدح جليل فوق ذكر الوجه. ووجه المدح هنا أنه بمجرد تقلُّب وجهه الشريف أعطاه الله به ما أراد دون سؤال منه ولا كلام، فكانت بركة وجهه في تقلبه معطية له ما تمناه ومنيلة له ما يرضاه صلى الله عليه وسلم .
وكان قد ذَكر وجهه في مواضع أخرى فقال تعالى: ﴿فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ﴾(البقرة: 144)، وقال: ﴿وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ﴾(البقرة: 149)، وقال سبحانه: ﴿فَإنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ للهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ﴾(آل عمران: 20). وقال تعالى: ﴿وَاَنْ أَقِمْ وَجْهَكَ للِدِّينِ حَنِيفاً﴾(يونس: 105)، وقال عز من قائل: ﴿فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ القَيِّمِ﴾(الروم: 43).
وكذلك ذكر الله عَينيه صلى الله عليه وسلم في أكثر من موضع في قرآنه، فقال سبحانه: ﴿لاَ تَمُدَنَّ عَيْنَيْكَ إلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِنْهُمْ﴾ (الحجر: 88)، وقال تعالى: ﴿وَلاَ تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ﴾(الكهف: 28)، وقال سبحانه: ﴿وَلاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ﴾(طه: 131).
وذكر ربنا رؤيته صلى الله عليه وسلم في أكثر من موضع كذلك فقال سبحانه: ﴿لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى﴾(النجم: 18)، وفي هذا ثناء على رؤيته ومدحٌ بأنه رأى من الآيات ما لم يره أحد قبله صلى الله عليه وسلم . وقال سبحانه للمشركين زاجراً لهم على تكذيبه ما يَرى: ﴿أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى﴾ (النجم: 12)، ثم أخبر ربنا سبحانه وتعالى أن نبيه صلى الله عليه وسلم خُصّ برؤية جبريل عليه السلام على صورته فقال سبحانه: ﴿وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى﴾ (النجم: 13).
كما ذكر ربنا سبحانه وتعالى بَصَره الشريف صلى الله عليه وسلم في أكثر من موضع من كتابه العزيز فقال تعالى: ﴿مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى﴾(النجم: 17)، وفي هذا السياق مَدحٌ فوق الذكر؛ إذ أثنى ربنا على البصر وأنه صادق غير زائع. وقال سبحانه: ﴿فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ﴾(القلم: 5)، وقال جل وعلا: ﴿وَأَبْصِرْهُمْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ﴾(الصافات: 175)، وقال سبحانه: ﴿وَأَبْصِرْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ﴾(الصافات: 179).
ولقد ذكر الله أُذنه صلى الله عليه وسلم في أكثر من موضع كذلك، فقال تعالى في ذكر الأُذن رداً على الكافرين: ﴿قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ (التوبة: 61).
وكذلك ذكر ربنا سمعه الشريف صلى الله عليه وسلم في عدة مواضع من كتابه العزيز فقال سبح انه: ﴿فَلاَ تَسْمَعُ إِلاَّ هَمْساً﴾ (طه: 108).
وذكر ربنا سبحانه وتعالى منطقه ومدَحه سبحانه فقال: ﴿وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى﴾ (النجم: 3)، فبيّن صدق منطقه صلى الله عليه وسلم وصواب حديثه. وكذلك امتدح ربنا صوته بالإجلال والتعظيم، وحذّر الصحابة من التعالي على هذا القدر فقال سبحانه: ﴿لاَ تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ﴾ (الحجرات: 2).
وذكر سبحانه وتعالى لسانه الشريف صلى الله عليه وسلم في أكثر من موضع في كتابه العزيز فقال تعالى: ﴿فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْمًا لُدًّا﴾(مريم: 97)، وقال: ﴿فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَـانِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ﴾(الدخان: 58)، وقال سبحانه: ﴿لاَ تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ﴾ (القيامة: 16).
وذكر الله سبحانه وتعالى صَدره الشريف صلى الله عليه وسلم في كتابه العزيز كذلك في العديد من المواضع فقال تعالى: ﴿أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ﴾ (الشرح: 1)، وفيه إشارة إلى نعمة من نعم الله عليه، وفضيلته صلى الله عليه وسلم بشرح صدره. وقال الله مُطَمْئِنًا لحبيبه المصطفى صلى الله عليه وسلم : ﴿فَلاَ يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ لِتُنْذِرَ بِهِ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ﴾ (الأعراف: 2)، وكذلك ذكر صدره في تسليته له بقوله تعالى: ﴿وَضَائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ أَنْ يَقُولُوا لَوْلاَ أُنْزِلَ عَلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ جَاءَ مَعَهُ مَلَكٌ إِنَّمَا أَنْتَ نَذِيرٌ وَاللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ﴾ (هود: 12)، وذكر الله صدره في سياق آخر ليثبِّته صلى الله عليه وسلم : ﴿وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ﴾ (الحجر: 97).
كذلك ذكر الله قلبه الشريف صلى الله عليه وسلم في أكثر من موضع في كتابه العزيز، واشتمل الذكر الثناء عليه صلى الله عليه وسلم فقال سبحانه: ﴿قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللهِ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْـهِ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ﴾ (البقرة: 97)، وقال سبحانه: ﴿وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ﴾(آل عمران: 159)، وقال تعالى: ﴿نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ﴾ (الشعراء: 193-194)، بل إن ربنا أثنى على قلب نبيه صلى الله عليه وسلم ثناءً عظيما عندما أثبت أن قلبه صلى الله عليه وسلم أقوى من الجبال في تحمل التنـزلات الإلهية والوحي فقال سبحانه: ﴿لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللهِ وَتِلْكَ الأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ﴾ (الحشر: 21)، وقد أنزله الله على قلبه صلى الله عليه وسلم فتحمّل ما لا يتحمل الجبل الأشم الراسخ.
وخصّ ربنا فؤاده صلى الله عليه وسلم بالذكر في الكتاب العزيز بما اشتمل الثناءَ على فؤاده الشريف صلى الله عليه وسلم فقال تعالى: ﴿مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى﴾(النجم: 11)، وقال سبحانه مبشِّرا له: ﴿وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ﴾ (هود: 120)، وقال تعالى: ﴿كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلاً﴾ (الفرقان: 32).
وقد ذكر الله يده الشريفة صلى الله عليه وسلم في سياق الأمر بالتوسط بين التقتير والتبذير فقال سبحانه وتعالى : ﴿وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ﴾ (الإسراء: 29). كما ذكر ربنا سبحانه وتعالى ظَهر النبي صلى الله عليه وسلم في سياق الامتنان عليه فقال تعالى: ﴿الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ﴾ (الشرح: 3).
نسَبه الشريف
وذكر الله سبحانه وتعالى خصاله ومتعلقاته الشريفة من غير الأعضاء وأثنى عليها؛ ومن هذه الخصال نسبه الشريف صلى الله عليه وسلم فقال تعالى: ﴿وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ﴾(الشعراء: 219).
فعن ابن عباس رضي الله عنه -في قوله تعالى: وتقلبك في الساجدين- قال: «أي في أصلاب الآباء آدم ونوح وإبراهيم حتى أخرجه نبياً».(تفسير القرطبي).
فكان أنسب الأنبياء بين أقوامهم، وكان أنسب القوم على الإطلاق، كما أخبر صلى الله عليه وسلم بنفسه، فعن واثلة بن الأسقع أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله اصطفى من ولد إبراهيم إسماعيل، واصطفى من ولد إسماعيل بني كنانة، واصطفى من بني كنانة قرَيشاً، واصطفى من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم» (مسند أحمد). وعن عمّه العباس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله خلق الخلق فجعلني من خيرهم، من خير قرنهم، ثم تخيّر القبائل فجعلني من خير قبيلةٍ، ثم تخير البيوت فجعلني من خير بيوتهم، فأنا خيرهم نفساً وخيرهم بيتاً»(رواه الترمذي).
فهو سيدنا أبو القاسم محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان.
وأمه صلى الله عليه وسلم السيدة آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب المذكور في نسبه صلى الله عليه وسلم وهو الجد الخامس له صلى الله عليه وسلم .
فعن ابن عباس رضي الله عنه -في قوله تعالى: وتقلبك في الساجدين- قال: «أي في أصلاب الآباء آدم ونوح وإبراهيم حتى أخرجه نبياً».(تفسير القرطبي).
فكان أنسب الأنبياء بين أقوامهم، وكان أنسب القوم على الإطلاق، كما أخبر صلى الله عليه وسلم بنفسه، فعن واثلة بن الأسقع أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله اصطفى من ولد إبراهيم إسماعيل، واصطفى من ولد إسماعيل بني كنانة، واصطفى من بني كنانة قرَيشاً، واصطفى من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم» (مسند أحمد). وعن عمّه العباس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله خلق الخلق فجعلني من خيرهم، من خير قرنهم، ثم تخيّر القبائل فجعلني من خير قبيلةٍ، ثم تخير البيوت فجعلني من خير بيوتهم، فأنا خيرهم نفساً وخيرهم بيتاً»(رواه الترمذي).
فهو سيدنا أبو القاسم محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان.
وأمه صلى الله عليه وسلم السيدة آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب المذكور في نسبه صلى الله عليه وسلم وهو الجد الخامس له صلى الله عليه وسلم .
نسب كأن عليه من شمس الضحى نورا ومن فلق الصباح عمودا
مــا فيــــــه إلا سـيــد مـــن سـيــد حاز المكارم والتّقى والجــودا
مــا فيــــــه إلا سـيــد مـــن سـيــد حاز المكارم والتّقى والجــودا
كذلك أجلّ الله عُمر نبيه، ومدة بقائه على الأرض، إذ أقسم بها في كتابه فقال سبحانه وتعالى: ﴿لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ﴾ (الحجر: 72). كما أجلّ ربنا سبحانه وتعالى البلد الذي يقيم فيه رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم فقال سبحانه وتعالى في مدحه لبلد الحبيب صلى الله عليه وسلم: ﴿لاَ أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ * وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ﴾ (البلد: 1- 2).
وأثنى ربنا سبحانه وتعالى على نسائه صلى الله عليه وسلم. وما بلغن هذا المبلغ إلا لتعلقهن بالنبي المصطفى صلى الله عليه وسلم، فقال سبحانه وتعالى: ﴿يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ﴾(الأحزاب: 32)، وقال سبحانه في نفس هذا المعنى: ﴿وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ﴾ (الأحزاب: 6).
ونحن إنما نذكر ما ذكرناه تعبيرا منا على قدره الشريف في تلك المناسبة العظيمة، ألا وهي مناسبة مولده الشريف صلى الله عليه وسلم .
الاحتفال بالمولد الشريف
فلقد كان المولد النبوي الشريف إطلالة للرحمة الإلهية بالنسبة للتاريخ البشري جميعه، فلقد عبر القرآن الكريم عن وجود النبي صلى الله عليه وسلم بأنه «رحمة للعالمين»، وهذه الرحمة لم تكن محدودة، فهي تشمل تربية البشر وتزكيتهم وتعليمهم وهدايتهم نحو الصراط المستقيم، وتقدمهم على صعيد حياتهم المادية والمعنوية، كما أنها لا تقتصر على أهل ذلك الزمان بل تمتد على امتداد التاريخ بأسره ﴿وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ﴾(الجمعة: 3).
والاحتفال بذكرَى مولد سـيد الكونين وخـاتم الأنبياء والمرسلين نبي الرحمة وغوث الأمة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم من أفضل الأعمال وأعظم القربات، لأنها تعبير عن الفرَح والحب للنبي صلى الله عليه وسلم . ومحبّة النبي صلى الله عليه وسلم أصل من أصول الإيمان، وقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحبّ إليه من ولده ووالده والناس أجمعين» (رواه البخاري).
قال ابن رجب: «محبّة النبي صلى الله عليه وسلم من أصول الإيمان، وهي مقارنة لمحبة الله عز وجل، وقد قرنها الله بها، وتوعد من قدّم عليهما محبّة شيء من الأمور المحبّبة طبعاً من الأقارب والأموال والأوطان وغير ذلك، فقال تعالى: ﴿قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللهُ بِأَمْرِهِ﴾ (التوبة: 24). ولما قال عمر للنبي صلى الله عليه وسلم : أنت أحـبُّ إليّ من كل شيء إلاّ من نفسي، فقال: «لا يا عمر، حتى أكون أحبّ إليك من نفسك»، فقال عمر: والله أنت الآن أحبُّ إليّ من نفسي، قال: «الآن يا عمر»(رواه البخاري).
والاحتفال بمولده صلى الله عليه وسلم هو الاحتفاء به، والاحتفاء به صلى الله عليه وسلم أمر مقطوع بمشروعيته، لأنه أصل الأصول ودعامتها الأولى؛ فقد علِم الله سبحانه وتعالى قدر نبيه، فعرّف الوجود بأسره باسمه وبمبعثه وبمقامه وبمكانته، فالكون كله في سرور دائم وفرح مطلق بنور الله وفرجه ونعمته على العالمين وحجته.
وقد درج سلفنا الصالح منذ القرن الرابع والخامس على الاحتفال بمولد الرسول الأعظم صلوات الله عليه وسلامه بإحياء ليلة المولد بشتى أنواع القربات من إطعام الطعام وتلاوة القرآن والأذكار وإنشاد الأشعار والمدائح في رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كما نصّ على ذلك غير واحد من المؤرخين مثل الحافظَين ابن الجوزي وابن كثير، والحافظ ابن دحية الأندلسي، والحافظ ابن حجر، وخاتمة الحفاظ جلال الدين السيوطي رحمهم الله تعالى.
وأَلّف في استحباب الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف جماعة من العلماء والفقهاء بينوا بالأدلة الصحيحة استحباب هذا العمل؛ بحيث لا يبقى لمن له عقل وفهم وفكر سليم إنكار ما سلكه سلَفُنا الصالح من الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف، وقد أطال ابن الحاج في «المدخل» في ذكر المزايا المتعلقة بهذا الاحتفال، وذكر في ذلك كلاماً مفيداً يشرح صدور المؤمنين، مع العلم أن ابن الحاج وضع كتابه «المدخل» في ذم البدع المحدثة التي لا يتناولها دليل شرعي.
وفي الختام لا أجد أفضل من قول البوصيري رحمه الله إذ يقول:
والاحتفال بذكرَى مولد سـيد الكونين وخـاتم الأنبياء والمرسلين نبي الرحمة وغوث الأمة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم من أفضل الأعمال وأعظم القربات، لأنها تعبير عن الفرَح والحب للنبي صلى الله عليه وسلم . ومحبّة النبي صلى الله عليه وسلم أصل من أصول الإيمان، وقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحبّ إليه من ولده ووالده والناس أجمعين» (رواه البخاري).
قال ابن رجب: «محبّة النبي صلى الله عليه وسلم من أصول الإيمان، وهي مقارنة لمحبة الله عز وجل، وقد قرنها الله بها، وتوعد من قدّم عليهما محبّة شيء من الأمور المحبّبة طبعاً من الأقارب والأموال والأوطان وغير ذلك، فقال تعالى: ﴿قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللهُ بِأَمْرِهِ﴾ (التوبة: 24). ولما قال عمر للنبي صلى الله عليه وسلم : أنت أحـبُّ إليّ من كل شيء إلاّ من نفسي، فقال: «لا يا عمر، حتى أكون أحبّ إليك من نفسك»، فقال عمر: والله أنت الآن أحبُّ إليّ من نفسي، قال: «الآن يا عمر»(رواه البخاري).
والاحتفال بمولده صلى الله عليه وسلم هو الاحتفاء به، والاحتفاء به صلى الله عليه وسلم أمر مقطوع بمشروعيته، لأنه أصل الأصول ودعامتها الأولى؛ فقد علِم الله سبحانه وتعالى قدر نبيه، فعرّف الوجود بأسره باسمه وبمبعثه وبمقامه وبمكانته، فالكون كله في سرور دائم وفرح مطلق بنور الله وفرجه ونعمته على العالمين وحجته.
وقد درج سلفنا الصالح منذ القرن الرابع والخامس على الاحتفال بمولد الرسول الأعظم صلوات الله عليه وسلامه بإحياء ليلة المولد بشتى أنواع القربات من إطعام الطعام وتلاوة القرآن والأذكار وإنشاد الأشعار والمدائح في رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كما نصّ على ذلك غير واحد من المؤرخين مثل الحافظَين ابن الجوزي وابن كثير، والحافظ ابن دحية الأندلسي، والحافظ ابن حجر، وخاتمة الحفاظ جلال الدين السيوطي رحمهم الله تعالى.
وأَلّف في استحباب الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف جماعة من العلماء والفقهاء بينوا بالأدلة الصحيحة استحباب هذا العمل؛ بحيث لا يبقى لمن له عقل وفهم وفكر سليم إنكار ما سلكه سلَفُنا الصالح من الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف، وقد أطال ابن الحاج في «المدخل» في ذكر المزايا المتعلقة بهذا الاحتفال، وذكر في ذلك كلاماً مفيداً يشرح صدور المؤمنين، مع العلم أن ابن الحاج وضع كتابه «المدخل» في ذم البدع المحدثة التي لا يتناولها دليل شرعي.
وفي الختام لا أجد أفضل من قول البوصيري رحمه الله إذ يقول:
فهـو الـــذي تــم معنــاه وصورتـــه ثـم اصطفاه حبيبـاً بـــارئُ النســـمِ
منـــزهٌ عــن شـريــك في محاسـنــه فجوهر الحسـن فيـه غير منقســــمِ
دع مـا ادّعتْهُ النصارى في نبيهـــــم واحكم بما شئت مدحاً فيه واحتكــم
وانسب إلى ذاته ما شئت من شـرف وانسب إلى قدره ما شئت مـن عظمِ
فـــإن فضـل رســول الله ليـس لـــــه حـدٌّ فيعـرب عـنـــه نـــاطــقٌ بفـــمِ
منـــزهٌ عــن شـريــك في محاسـنــه فجوهر الحسـن فيـه غير منقســــمِ
دع مـا ادّعتْهُ النصارى في نبيهـــــم واحكم بما شئت مدحاً فيه واحتكــم
وانسب إلى ذاته ما شئت من شـرف وانسب إلى قدره ما شئت مـن عظمِ
فـــإن فضـل رســول الله ليـس لـــــه حـدٌّ فيعـرب عـنـــه نـــاطــقٌ بفـــمِ
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق