الاثنين، يونيو 04، 2012

مصالحة على ضفاف المذبحة.. اسعد العقيلي

يدخلنا الشيخ علي الصلابي والشيخ مصطفى عبد الجليل.. كما يحب أن يناديه أعضاء المجلس الوطني –حين يتهمهم بالتصاقهم بالكراسي- في غابة من التساؤلات الواخزة.. ومتاهة من الغموض المُخيف.. تبعث إلى حالة من الاحتقان..
وأمواج متدافعة من الصداع ..إذ ترد الأخبار “المطرطشة” كالعادة.. عن مفاوضات بين أعوان القذافي الفارين إلى مصر والشيخ علي الصلابي موفداُ من قبل السيد مصطفى عبد الجليل..
نسمع ما نسمع.. ونقرأ ما نقرأ.. ولم تجف دماء الشهداء.. ولم يخفت نشيج ألاف الطاهرات المغتصبات.. فيما يتعثر المصابون والجرحى بإطرافهم الصناعية الجديدة.. وتترقب الأمهات انقشاع سراب المستحيل عن الغائبين.



لا يمكن بأي حال تغطية بشاعة الجرائم وسيل الدماء ودمامة اختلاسات اللصوص بالاتكاء على سحر مفردة المصالحة وإشعاعها الإنساني.
الكلمات الكلية الإشراق قد تخفي جحيماُ مستعراً.. تماماً كما افنى موسوليني نصف الشعب الليبي في طريقه لغرس “شعلة الفاشية” على أهداب النجوم.. وكما تسول الصغار في برلين رغيف الحلفاء.. وباعت النساء أثدائهن للجنود لقاء شربة ماء.. بعد أن اندفن هتلر مسموما.. تحت ركام شعاره الباهر (ألمانيا فوق الجميع)
واستخدمت قدسية القرآن الكريم لفتح عصور من “الملك العضوض”.. حين رفعت المصاحف على أسنة الرماح طلباً للهدنة وحقن الدماء..اخفى طلب التفاوض (المقدس).. الذي عرضه عمر بن العاص على سيدنا (علي) النوايا الدفينة للانفراد بالحكم.. وصدعاً في ميراث النبوءة وتأسيس مفهوم الحاكم المطلق.. أو الخليفة الدكتاتور بلغتنا الحاضرة.. الذي استمر حتى انفجار ثورات (الربيع العربي).. ومن بينها ثورة 17 فبراير المباركة..
قياس مع الفارق كما يقولون.
من أين تأتى للسيد علي الصلابي هذه القدرة على الإمساك والقبول بهذه الملفات التي تعني الشعب الليبي ومصير ليبيا برمتها دون أن تصدر عنه أيما بادرة تشي بهول وفداحة ما يقوم به.. ثم أن معايير لجنة النزاهة باعتباره من رواد (ليبيا الغد) لا تمكنه من تقلد مناصب عامة فضلاً عن مهمات التفاوض على هذا المستوى..اقدر نيته ودوره في إخراج سجناء الجماعة الإسلامية المقاتلة رغم كل ما شابها.
الآن إذا ما رغب المجلس الوطني المؤقت في منح السيد علي الصلابي إدارة جولات التفاوض الشاقة والمهمة فيجب منحه استثناءاً من غربال لجنة النزاهة وإصدار قرار يتمكن الناس من رؤيته.. لا أن تخرج علينا السيدة سلوى الدغيلي بعد انكشاف أمر التفاوض لتقول أن المجلس لم يفوض السيد علي الصلابي..
وإنما كان هذا اجتهاد من رئيس المجلس السيد مصطفى عبد الجليل..
احسب أن باب الاجتهاد قد اقفل بعد وفاة الأئمة الأربعة..وفتحه على هذا النحو ينذر بدياجير أخرى..
ينسل السيد مصطفى عبد الجليل من تصريحاته وتفويضاته كما تنسل الشعرة من العجين..
وأكباش الفداء متوفرة لديه في كل المواسم..املح واقرن.. أو سامط بدون قرون.
ما تفوه به احمد قذاف الدم اختصره في جملة واحدة هو (الخطر القادم من الشرق)..
لا افهم منه إلا انه يمارس عملية التهديد.. التي مافتئ يرددها طيلة إقامته ذي الخمسة نجوم.. يركز في ذلك على شيئين:
 أولا: أعداد الليبيين الهاربة في الخارج.. زعم أنهم يفوقون المليون
 ثانياً: ترديد اسطوانة هشاشة الوضع الداخلي وانتشار بذور التفتت.. استغل أحداث الكفرة في تأكيد فرضيته..وأدلى بحديث عن المصالحة الوطنية حينها..
بدا لي الإصرار على التوقيت هو لإخافة دعاة الفيدرالية و “خربة سوق”..
بعد أن تكاثر أنصارها في غياب البديل عن المركزية..واكتظاظ العاصمة وفنادقها بأصحاب الحاجات القادمين من الجغرافيا الواقعة وراء تخومها.
وان إقليم برقة إذا ما ركب رأسه العناد.. وأصر على الفيدرالية.. فيدرالية لو طارت.. فلن يقو على مواجهة هذه المخاطر المحدقة بمفرده.
احمد قذاف الدم يا سادة هو احد المساهمين الرئيسيين في حقبة الرعب والعذاب والإذلال والسرقة التي مارسها القذافي على الشعب الليبي.. ومفوض بضوء اخضر.. ويتصرف في مليارات المال العام المنهوبة.. اسألوا المطربة التونسية لطيفة.. ومجلة روز اليوسف المصرية التي كشفت بعض من فضائح (منسق العلاقات).. “ابتاع كله”.
كاد أن يجهض ثورة السابع عشر من فبراير.. بدوره الخطير في إدخال قبائل (أولاد علي) إلى حلبة صراع إلى جانب كتائب القذافي.. لولا الوقفة المشرفة لزعماء هذه القبائل العريقة مع الشعب الليبي.. ورفضها القاطع للعرض السخي الذي أغراهم به.
ليست المرة الأولى التي يخوض السيد الصلابي فيها مارثون التفاوض داخل ضبابة قاتمة الإبهام.. فلا احد يجزم على وجه اليقين بمعرفة من فوضه.. ولا مع من تفاوض.. وما هي أجندة التفاوض لدى الطرفين.. وعلاما أسفرت نتيجة التفاوض.. وهل نجح في التفاوض السابق مع بوزيدة دوردة حسب ما تسرب من أخبار لم ينفها أو يؤكدها احد وقتها.. حتى توكل إليه مهمة مصيرية أخرى بهذا الوزن .. ليس هناك مؤتمر صحفي.. إذ نتوقع في قضية شديدة الخطورة والحساسية أن يقوم الناطق الرسمي باسم الحكومة والناطق الرسمي باسم المجلس وعلي الصلابي نفسه بتوضيح ما يجري.. ومن هي الشخصيات الأخرى التي شاركت في التفاوض؟.. وهل االسنوسي الوزري رئيس السفاحين في بنغازي من بينهم؟.. ومن هم رعاة المصالحة من الجانب المصري؟.. ومن طلب منهم الوساطة؟.. ومن هم أصحاب المصادر أو (المصالح) التي سربت الأخبار؟.
حسبما نقلت وكالة أنباء التضامن ~أن المقابلة تمت بتكليف من رئيس المجلس الانتقالي مصطفى عبد الجليل مع مجموعة من الليبيين المحسوبين على النظام السابق, لبحث كيفية الوصول للثوابت التي ترجع بالخير على الليبيين وتخفف المعاناة وتجمع شمل الليبيين في دولة العدالة والحرية والمساواة والقانون}..
أريد أن اعرف من قال أن لدينا مشكلة أو ثأر مع الليبيين الموجودين في الخارج؟..
نحن يا سادة نرغب في تطبيق أحكام ثورة 17 فبراير على المجرمين والقتلة واللصوص الذي أذاقوا الشعب الليبي سؤ العذاب وصنوف الهوان.. وجلبهم إلى مباني العدالة..
وعلى رأسهم الآن احمد قذاف الدم.. الذي يريد أن يترأس جنازة لائقة لسفاح العصر معمر القذافي..لم نسمع تعليقاً من السيد على حول هذا المطلب..بقية الليبيين الأبرياء سواء سكان الفيلات الفاخرة في (المهندسين).. أو الذين يفترشون الأسرة الصدئة..لا احد يمنعهم من العودة إلى بلادهم.. فدعونا من العجنة المسمومة.. بخلط العواطف بالحقائق بالجرائم “بالعباطة”.
~ إن  هذا القذاف الذي بدأ زيارة مفاجئة للقاهرة منذ أمس يجرى اتصالات مع مختلف شركات الطيران للحصول على طائرات نقل عملاقة لكي تقوم بنقل مرتزقة من عدة دول أفريقية تمهيداً لنقلهم إلى ليبيا وتحديدا إلى المعسكر 27 الذي يشرف عليه خميس ابن القذافى الضابط بالجيش الليبي. كما علمت أن قذاف الدم يحاول إغراء بعض القبائل المصرية خاصة في منطقة الحدود الليبية المصرية ومناطق أخرى كمحافظة الفيوم بالمال كي ينضموا إلى قوات المرتزقة التي يستعين بها القذافى لقتل شعبه بدم بارد على مرأى ومسمع من العالم}.
مقتطف من بلاغ الصحفي المصري خالد محمود الذي تقدم به إلى الحكومة المصرية زمن الثورة (من لا يملك يمنح من لا يستحق) عبارة شهيرة تنطبق بكليتها على المفاوض الطلسم.
ثم كيف يتسنى لمطلوب للعدالة أن يفرض شروطه.. ولا يستحي أن يجاهر بطلب جنازة فخمة لمجرم حرب من طراز فريد.. إذ لم يحدث أن استورد احد مرتزقة للاعتداء على أعراض مواطنيه.. ما صرح به قذاف الدم يعد مطلباً وقحاً.. وإهانة للشعب الليبي.. ولتضحيات الشهداء الأسطورية.. ولأهالي الضحايا.. وخاصة ضحايا سجن بوسليم.. وضحايا حرب تشاد.. الذين تناوبت على تمزيق جثثهم هوام البيد وتعاقب السافيات..
وذابوا في محرقة نزوات (القائد).
يصرح بهذا التهديد والسلاح ما يزال في يد الثوار..
ماذا لولاه؟..
اعني السلاح الذي يرغب السيد عبد الجليل من الثوار تسليمه في شهر رمضان..
وكل رمضان وليبيا وناسها بخير..

أسعد العقيلى



المصدر: شئون ليبية


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق