الشمس تطلع، والشمس تغرب، والأرض من حولها
تدور، والحياة تنبثق من هنا ومن هناك ... كل شئ الى نماء ... نماء فى العدد
والنوع، نماء فى الكم والكيف .... لو كان الموت يصنع شيئا لوقف مد الحياة! ...
ولكنه قوة ضئيلة، حسيرة بجانب قوى الحياة الزاخرة الطافرة الغامرة ...!.
من قوة الله الحي ... تنبثق الحياة وتنداح
!!.
*****
بذرة الشر تهيج، ولكن بذرة الخير، تثمر، إن الأولى
ترتفع فى الفضاء سريعا ولكن جذورها فى التربة قريبة، حتى لتحجب عن شجرة الخير
النور والهواء ولكن شجرة الخير تظل فى نموها البطئ، لان عمق جذورها فى التربة
يعوضها عن الدفء والهواء ...
مع أننا حين نتجاوز المظهر المزور البراق
لشجرة الشر، ونفحص عن قوتها الحقيقية وصلابتها، تبدو لنا واهنة هشة نافشة فى غير
صلابة حقيقية! ... على حين تصبر شجرة الخير على البلاء، وتتماسك للعاصفة، وتظل فى
نموها الهادئ البطئ، لا تحفل بما ترجمها به شجرة الشر من أقذاء وأشواك! ...
*****
إننا نحن إن "نحتكر" أفكارنا
وعقائدنا، ونغضب حين ينتحلها الآخرون لأنفسهم، ونجتهد فى توكيد نسبتها إلينا،
وعدوان الآخرين عليها! إننا إنما نصنع ذلك كله، حين لا يكون إيماننا بهذه الأفكار
والعقائد كبيرا، حين لا تكون منبثقة من أعماقنا كما لو كانت بغير إرادة منا حين لا
تكون هي ذاتها أحب إلينا من ذواتنا!.
إن الفرح الصافى هو الثمرة الطبيعية لان نرى
أفكارنا وعقائدنا ملكا للآخرين ونحن بعد أحياء، إن مجرد تصورنا لها أنها ستصبح –
ولو بعد مفارقتنا لوجه هذه الأرض- زادا للآخرين وريا، ليكفى أن تفيض قلوبا بالرضا
والسعادة والاطمئنان!.
"التجار" وحدهم هم الذين يحرصون
على "العلاقات التجارية" لبضائعهم كى لا يستغلها الآخرون ويسلبوهم حقهم
من الربح أما المفكرون وأصحاب العقائد فكل سعادتهم فى أن يتقاسم الناس أفكارهم
وعقائدهم ويؤمنوا بها الى حد أن ينسبوها لأنفسهم لا الى أصحابها الأولين!.
إنهم لا يعتقدون أنهم "أصحاب" هذه الأفكار
والعقائد، وإنما هم مجرد "وسطاء" فى نقلها وترجمتها ... إنهم يحسون أن
النبع الذى يستمدون منه ليس من خلقهم، ولا من صنع أيديهم. وكل فرحهم المقدس، إنما
هو ثمرة اطمئنانهم الى أنهم على اتصال بهذا النبع الأصيل! ...
*****
الفرق بعيد ... جدا بعيد ... بين أن نفهم
الحقائق، وأن ندرك الحقائق ... إن الأولى: العلم .. والثانية هى: المعرفة!.
فى الأولى: نحن نتعامل مع ألفاظ ومعان مجردة
... أو مع تجارب ونتائج جزئية ...
فى الثانية: نحن نتعامل مع استجابات حية،
ومدركات كلية ...
فى الأولى: ترد إلينا المعلومات من خارج
ذواتنا، ثم تبقى فى عقولنا متحيزة متميزة ...
وفى الثانية: تنبثق الحقائق من أعماقنا. يجرى
فيها الدم الذى يجرى فى عروقنا و أوشاجنا، ويتسق مع نبضنا الذاتي !..
فى الأولى: توجد "الخانات"
والعناوين: خانة العلم، وتحتها عنواناته وهى شتى. خانة الدين وتحتها عنوانات فصوله
وأبوابه ... وخانة الفن وتحتها عنوانات منهاجه واتجاهاته !..
فى الثانية: توجد الطاقة الواحدة، المتصلة
بالطاقة الكونية الكبرى ويوجد الجدول السارب، الواصل الى النبع الأصيل ! ..
*****
من الصعب على أن أتصور كيف يمكن أن نصل الى
غاية نبيلة باستخدام وسيلة خسيسة !؟ إن الغاية النبيلة لا تحيا إلا فى قلب النبيل:
فكيف يمكن لذلك القلب أن يطيق استخدام وسيلة خسيسة، بل كيف يهتدي الى استخدام هذه
الوسيلة حين نخوض الى الشط الممرع بركة من الوحل لابد أن نصل الى شط الملوثين ...
إن أوحال الطريق ستترك آثارها على أقدامنا وعلى مواضع هذه الأقدام كذلك الحال حين
نستخدم وسيلة خسيسة: إن الدنس سيعلق بأرواحنا، وسيترك آثاره فى هذه الأرواح، وفى
الغاية التى وصلنا إليها!.
إن الوسيلة فى حساب الروح جزء من الغاية. ففى
عالم الروح لا توجد هذه الفوارق والتقسيمات! الشعور الانسانى وحده إذا حس غاية
نبيلة فلن يطيق استخدام وسيلة خسيسة ... بل لن يهتدي الى استخدامها بطبيعته!
"الغاية تبرر الوسيلة!؟" : تلك هى حكمة الغرب الكبرى !! لان الغرب يحيا
بذهنه وفى الذهن يمكن أن توجد التقسيمات والفوارق بين الوسائل والغايات!.
*****
لم أعد أفزع من الموت حتى لو جاء اللحظة! قد
أخذت فى هذه الحياة كثيرا أعنى: لقد أعطيت !!.
أحيانا تصعب التفرقة بين الأخذ والعطاء لأنهما
يعطيان مدلولا واحدا فى عالم الروح! فى كل مرة أعطيت لقد أخذت لست أعنى أن أحدا قد
أعطى لى شيئا إنما أعنى أننى أخذت نفس الذى أعطيت لان فرحتى بما أعطيت لم تكن أقل
من فرحة الذين أخذوا!.
لم أعد أفزع من الموت حتى لو جاء اللحظة لقد
عملت بقدر ما كنت مستطيعا أن أعمل! هناك أشياء كثيرة أود أن أعملها لو مد لى فى
الحياة ولكن الحسرة لم تأكل قلبى إذا لم أستطع، إن آخرين سوف يقومون بها إنها لن
تموت إذا كانت صالحة للبقاء فأنا مطمأن الى أن العناية التى تلحظ هذا الوجود لن
تدع فكرة صالحة تموت...
لم أعد أفزع من الموت حتى لو جاء اللحظة! لقد
حاولت أن أكون خيرا بقدر ما أستطيع أما أخطائي وغلطاتي فأنا نادم عليها! إني أكل
أمرها الى الله وأرجو رحمته وعفوه، أما عقابه فلست قلقا من أجله فأنا مطمأن الى
أنه عقاب حق وجزاء عدل وقد تعودت أن أحتمل تبعة اعمالى خيرا كانت أو شرا ... فليس
يسوءني أن ألقى جزاء ما أخطأت حين يقوم الحساب!.
*****
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق