الاثنين، نوفمبر 12، 2012

دردشة بعد خمسين عاماً .... أحمد بن موسى

تمهل وافتح عقلك وقلبك وعلبتين من السردين الجيد .. وخبّرني ما الذي حل بما ألقينا في صحرائنا من خلافات؟ .. أحُلّت أم تناسيناها بحجة من حججك المصطنعة؟ .. أطفقنا نطعم الشعب خبزاً وشعارات وما ضاع من آمال الجيل الذي مضى؟ .. أم أن الأحلام الثقيلة لا تتحقق إلا بمغادرة حدود الواقع الليبي بأي وسيلة؟ .. أغسلنا دموعنا على الشاطئ المحموم بالألغام والشظايا وحكايات العشق القديمة الملقاة على الرمل؟ .. أم أن الحال هو الحال؟ .. وأن اليأس أنبت في جيوب الأطفال ثقوباً تتساقط منها الأمنيات الصغيرة وبعض الكرامة؟ .. لك يا سيدي أن تختلق ما شئت من الأكاذيب لكن غربالك المثقوب لا يصلح لتغطية شيء في الواقع .. فماذا أنت بفاعل؟
 
أتترك بقايا الوطن يتوضأ في مائك القذر هذا؟ .. أتستمر في بيع الأكاذيب بثمن باهظ لكل ساذج يدمن الوهم ويحترفه؟ .. أم تنوي إعداد حقيبة السفر والموت ثراءًا وفسقاً وفساداً؟ .. أم أنك يا سيدي أتقنت تغليف الحقائق ونشرات الأخبار بما يحب المتملقون والمرددون على الدوام؟ .. أنت تعرف أن شعبنا الشديد الطيبة يتعلق بأي قشة .. وربما يرميها على ظهرك يوماً ما .. لعلك تصلح شيئاً ما .. لسبب ما ..
أنت تعرف كل هذا واستفدت من كل هذا جشعاً واستغلالاً وعهراً .. فجمعت من حولك بعض العجائز والـ”شياب” ولقنتهم ما يتوجب عليهم قوله وفعله في تجمعاتهم الواسعة .. علمتهم سلوك الببغاوات التي تردد فقط ما يقال لها وما يتوقع منها .. دونما فهم حقيقي لأصول الأمور وأسباب المشاكل ومواطن الحلول .. أنت فرضت أغنية النفاق والشعارات الثورية الصدئة على دفاتر التلاميذ .. فتعلموا غصباً أن “دم الشهداء .. ما يمشيش هباء” ..و داومت في الوقت ذاته على سلخ الوطن بعد صلاة العصر من كل يوم ..
هل لديك أقوال أخرى؟ .. هل لديك أفعال أخرى؟ .. هل لديك أقنعة أخرى تبدلها حسب احتياجات المرحلة وضروراتها؟ .. أنا – يا سيدي – تركت شاطئ الصابري منذ خمسين عاماً يعج بروائح المجاري والحشيش والشرمولة .. أغيّرت في الحال أي شيء؟ .. أم أنك ظللت تتقن نوم الظهيرة وهداريز منتصف الليل الماجنة غالباً؟ .. هل علمت أطفالي وأحفادي أن“الدنيا كفاح للوطن”؟ .. أم أنهم صاروا مثلك يمارسون الشكوى و “دق الحنك” مع طاسات الشاي التي لا تنتهي ؟؟
أنت ككل شيء في وطني ظللت على هذا الحال لنصف قرن وستظل .. لم تتعلم حتى الآن صيد السردين.. بل ظللت تشتري علبه الإماراتية الصنع بنفط ينقص ولا يزيد .. في جهل يزيد ولا ينقص .. ترقب سفينة أبنائك تتشرب مياهاً ستغرقها .. فلا يزيدك ذلك إلا خمولاً وشكوى .. وأشياء أخرى ..
لعنك الله واللاعنون .. وربما الملائكة أيضاً بعد أن تفرغ من الصلاة على شهدائنا .. وتأكد أن جدتي ستخلص في الدعاء عليك طوال اليوم وليلهِ .. وبين غفواتها القصيرة .. وسنجمع لك ما تبقى من حروف مشققة ومعلقة بأشواك الصحراء .. ونكتب لك بها تاريخ عار سيذكره أحفادك بعد قرن ونصف .. فيزيدون على عذاباتك لعنة أخرى ..
ها أنا أقولها .. خذ نفطك وغبائك وساديتك .. خذ ما شئت من السلاح والعتاد والثارات القديمة .. خذ سخافاتك وضيق أفقك .. خذ فسقك وفجورك ورقاعتك .. خذ المال وسوء الحال .. خذ كل شيء .. واترك لنا ليبيا ..
 حفظ الله ليبيا
أحمد بن موسى
 



 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق