انتقلت الى رحمة الله سبحانه وتعالى، السيدة الكريمة الحاجة صالحة الكبتي، والدة الشهيد الشاب المناضل الصادق حامد الشويهدي، الذي وهب حياته فداء للوطن، وذلك عندما كان النظام القمعي في ليبيا، في اوج بطشه وقوته وارهابه، مما يجعل من عطاء الصادق، والفئة المؤمنة معه من الشباب، الذين وهبوا حياتهم معه، في سبيل الله، ثم في سبيل الوطن، عطاء خاصا.
فقد حطم الشهيد الصادق الشويهدي، واخوانه الشهداء الشباب، جدار الخوف، وزلزلوا اركان النظام القمعي في ليبيا. وهكذا، لم تضيع دماء الشهيد الصادق، ورفاقه، من شهداء مايو ويونيو 1985م، هباء منثورا، بل كانت دمائهم، وقودا متواصلا للثورة المباركة.
وقد لد الشهيد الصادق حامد الشويهدي، في 25 مايو عام 1954م، في مدينة بنغازي. وتلقى تعليمه الابتدائي والثانوي، في مدينتي بنغازي وطرابلس. ثم التحق بمعهد سبارتن، للطيران، بمدينة تلسا - ولاية اوكلاهوما- بالولايات المتحدة الامريكية. وتحصل من نفس المعهد، على دبلوم ميكانيكا الطيران. وكان الشهيد، من المعارضين الاوائل، لنظام القذافي، بل كان من ابرز الناشطين بينهم.
اقتيد الشهيد الصادق، في يونيو 1985م، وعقب عملية 8 مايو، من عام 1985م، الى المدينة الرياضية يمدينة بنغازي، حيث كان في انتظاره، جمع غريب من الغوغائيين الذين كانوا يهتفون بموت العملاء، والامبرياليين، والصهيونيين، وغيرها من القائمة المحفوظة في ارشيف النظام. وكانت المدعوة هدى بن عامر، بالذات، عضوة اللجان الارهابية، تغني وتنشد وترقص وتهتف وتصرخ، بحماس غريب، مطالبة باسكات الشهيد، والمباشرة في عملية اعدامه فورا. وذلك اثناء ما يسمى بالمحكمة الثورية العلنية، التي كانت وقائعها تُبث، من المدينة الرياضية. لقد كانت المدعوة هدى، تهتف على شاشات التلفزيون، وعلى الهواء، وقد سمعتها ليبيا باكملها، وهي تقول:(منبوش كلام خواني، نبوا شنقا في الميداني)، اي لا نريد ان نسمع كلام الخائن، ودفاعه عن مواقفه، بل نريد الاسراع في شنقه، في الميدان (اشارة الى الشهيد الصادق).
كما يروى ايضا، انها ذهبت، هي، او ربما غيرها، من اعضاء اللجان الارهابية، الى والدة الشهيد،، وطلبت منها تشغيل جهاز التلفاز، لمشاهدة برنامج عن ابنها، سوف يغمرها، ذلك البرنامج، فرحا وسرورا، وعندما استجابت الام المسكينة، والتي لا تدري، حتى تلك اللحظة، مصير ابنها، بعد اعتقاله، من قبل مجموعة من الكلاب المسعورة، عندما استجابت ام الشهيد، وادارت الجهاز، رأت مباشرة، وعلى شاشة التلفزيون، ابنها، اما اثناء ما يسمى بالمحاكمة، او اثناء جريمة الشنق، فاصابها ما يصيب، ام، ترى ابنها، في موقف لا يحسده عليه، الد الاعداء والكفرة والمجرمين، فما بالك بفلذات الاكباد.
ليس ذلك فحسب، بل امعانا في التعذيب النفسي والمعنوي، مُنعت العائلة الكريمة، من استقبال المعزين، وتواترت الاخبار، بان الشهيد، لم ينتقل الى جوار ربه، نتيجة الشنق، بل تم قتله، بعد ذلك، اثر حقنه بالسم في المستشفى.
كما اود ان اذكر القاريء الكريم، الى ان المدعوة هدى بن عامر، هي التى امرت باطلاق الرصاص، على المتظاهرن في 17 فبراير من عام 2008م، في مدينة بنغازي، بناء على اوامر من معمر، وذلك عندما خرجوا، لنصرة الحبيب صلى الله عليه وسلم.
وبعد ما يقارب من ثلاثة عقود، من الصبر، ومن الثقة بالله، والدعاء والرجاء والاحتساب، والانتظار لساعة العدل والحق والقصاص، بعد كل ذلك، رأت السيدة الفاضلة، ام الشهيد، مملكة الشيطان، التي حرمتها من فلذة كبدها، تنهار امام ناظريها، ورأت عضوة اللجان الارهابية، التي كانت تتغني طربا لقتل الصادق، رأتها ام الشهيد، خائفة مترقبة منهارة هاربة مهانة، يلفها الرعب، مما اقترفت يداها، ومما اقترف لسانها، في حق الصادق، وفي حق الوطن.
بل يشاء الله، سبحانه وتعالى، ان ترى هدى بن عامر، بنفسها، كيف اصبح، 17 فبراير، اليوم الذي امرت فيه، باطلاق النار، على انصار الرسول الكريم، اسما للثورة التي دمرت عرش سيدها الطاغوت معمر.
ولابد في الختام من التنويه، الى ان لهذه العائلة الكريمة، باع طويل في النضال، من اجل اسقاط النظام الطاغوتي في ليبيا. فبالاضافة الى الشهيد الشاب السيد الصادق الشويهدي، يبرز الاخوين، زهير ومحمد الشويهدي، كمعارضين اساسيين لنظام القذافي، حيث تتواصل جهودهما ضد النظام المنهار، ودون انقطاع، الى يومنا هذا. ناهيك عن الجيل الجديد من ابناء هذه العائلة من الجيل الجديد، من احفاد ام الشهيد، والذين يواصلون هم ايضا، المعركة، من اجل حرية المواطن والوطن. ولنا، عودة مع شهداء مايو، وشهداء يونيو 1985م، بشيء من التفصيل، باذن الله، والله المستعان على امره.
وهكذا، رأت السيدة الفاضلة، الحاجة صالحة، كل ذلك، قبل ان تنتقل الى جوار ربها، ثم الى جوار ابنها، في جنة الخلد، باذن الله، مما يدل، على حب الله سبحانه وتعالى، لهذه السيدة الكريمة، ولهذ العائلة المباركة، ففرحة في هذه الدنيا، وفرحة اخرى، تنتظرها، ان شاء الله، في الاخرة، بعد ان تلتقي بابنها، شهيد الشباب، والله يمهل، ولا يهمل.
د. فتحي الفاضلي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق