الأحد، أبريل 06، 2014

قـدوم أفـغـانـسـتـان إلى ليبـيا.... عمر أبو القاسم الككلي

لن أخوض، هنا، في مناقشة تتعلق بأصول الفقه حول الفارق المفهومي بين "مقاصد الشريعة" أو ما يعرف بـ"المقاصد الكلية" و"نصوص الشريعة"، وحول ما إذا كانت نصوص الشريعة من الثوابت، مثل المقاصد، أم أنها ظرفية لارتباطها بواقع متحرك ومتغير، ولن أدخل في الدلالة المترتبة على كون نصوص الشريعة الإسلامية -والكلام هنا حول ما يمكن أن يسمى بقوانين العقوبات- تتناغم مع التقاليد العقابية السائدة في العرف العربي قبل الإسلام و"الرؤية العقابية" التي كانت سائدة في عصور غابرة في حضارات المنطقة، وبالذات شريعة حمورابي، كما أنني لن أحاجج بدلالة الناسخ والمنسوخ في القرآن(الذي هو عمليًا تعديل قوانين)، ولا ما يفرضه المنطق من أنه إذا نَسخ القرآنُ نفسُه أحكامًا خلال أقل من ربع قرن فكيف يكون الأمر بعد حوالي خمسة عشر قرنًا، ولن أتساءل حول نزول القرآن مُنجَّمًا(متفرقًا) بدلاً من نزوله دفعة واحدة، كما أنني لن أستدل بالاجتهادات الرائدة والمبكرة التي قام بها الخليفة عمر بن الخطاب، والتي عطل فيها بعض الأحكام، ومنها ما هو" قطعي الثبوت قطعي الدلالة"، الأمر الذي ينم على أن عمر بن الخطاب في اجتهاده هذا كان يفرق، حتى وإن غابت المصطلحات، بين المقاصد والنصوص، وكان يعتبر الأخيرة ظرفية، أي قابلة للتعديل والإلغاء.

لن أخوض في كل ما أسلفت، لأن ليس هذا مجاله، ولكنني سأخوض في دلالة وتبعات "الفخ" الذي يمثله قرار وزير العدل الحالي رقم 1621 لسنة 2013"بتشكيل لجنة لمراجعة وحصر التشريعات المعمول بها واقتراح تعديلها بما لا يتناقض مع الأحكام القطعية والقواعد الأساسية للشريعة الإسلامية"، والتي بدأت اجتماعاتها، فعلاً، يوم الخميس 27 مارس 2013، ومما جاء في كلمة وزير العدل الحالي صلاح المرغني أمام اللجنة: "إننا على يقين تام من أن تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية على جميع القوانين والتشريعات المعمول بها في ليبيا هو ما يريده جميع أبناء الوطن، وهو ما سيحمي جميع حقوق الإنسان وفقًا لأعلى المستويات"، ولست أدري من أين استمد الوزير يقينيته هذه، التي لا تأتيها أدنى زعزعة لا من أمامها ولا من خلفها ولا بين يديها، حول ما يريده "أبناء الوطن كافة"، وكأنه يقول إن أبناء الوطن، جميعًا، يريدون الماء والطعام والعلاج والنقود، الوزير ينسى أن الأمن، مثلاً، وهو مطلب حيوي، لا يريده أبناء الوطن جميعًا، بدليل وجود عشرات الآلاف من الليبيين العابثين بالأمن، وينسى أن مسألة القوانين والتشريعات ترتبط بشكل الدولة المنشودة في علاقتها بالديمقراطية والحرية وحق المواطنة، وهذه المسائل ليس مما "يريده جميع أبناء الوطن" على خلاف ما أكد لنا السيد الوزير.
تشكيل هذه اللجنة يمثل فخًا نُصِب في عملية استباقية يقوم بها تحالف الإسلام السياسي بهدف إقامة دولة استبداد ديني، إنها تحاول أن تنشئ أمرًا واقعًا على الأرض يتعذر، أو على الأقل يعسر، التراجع عنه، من خلال بدعة" المواد فوق الدستورية" ومن خلال التلاعب بالمشاعر الدينية للناس ووضعهم في مناخ "رُهاب الشريعة" إذا ما فكروا في معارضته، إنها مكيدة، مخطط لها بدقة ومحبوكة بمهارة(والحق يقال) ستدفع بالبلاد إلى مزيد من الاحتقان والتوتر وتقضي على احتمالات الأمن والأمان والتناغم مع إيجابيات التقدم، شخصيًا لست قانونيًا، ولكن لا أعتقد أن المرء يحتاج إلى أن يكون قانونيًا كي يدرك أن القوانين توضع وتعدل بعد وضع الدستور، وليس العكس، فجذع الشجرة هو الذي تنبثق منه الفروع وليس العكس، والعكس هو، تمامًا، ما يسعى إلى عدم عكسه قرار السيد وزير العدل بتشكيل هذه اللجنة.

أريد أن أختم هنا بإيراد تعليق بخصوص هذا الموضوع قام به أحدهم في أحد المواقع الإلكترونية وأورده دون تصحيح أخطائه البسيطة:
" لم افكر يوما بالهجره لأفغانستان ولكن أن تأتينى أفغانستان في ليبيا انا مضطر للرحيل من هده البلاد وليبيا قد انتهت فلن ادخل الدين الأفغانى الجديد ".

عمر أبو القاسم الككلي

الخميس 3 أبريل 2014

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق