السبت، أبريل 19، 2014

سفيرة التهريج..... رمضان الفراوي

المتتبع لظهور السيدة (ديبورا جونز) العام، يكتشف سريعا أنه قد تحول من مجرد ظهور تغطيه لقطات مصورة طريفة إلى نشاط اعلاني منظم، وهو الظهور الذي تراوح بين شرب الشاي مع المفتي وشراء الكالاماري من سوق السمك  في شارع الرشيد مرورا بتناول البازين مع السيد عبدالله ناكر.
وتجولها راجلة في شوارع طرابلس، ورحلاتها المكوكية إلى المدن المجاورة للقاء أهل الحل والعقد فيها، ليس المقصود منه اثبات ان الحالة الأمنية في ليبيا مستقرة إلى درجة ان تلك السفيرة العجيبة يمكنها تناول العشاء في الهضبة الشرقية دون يصيبها خدش، فهذا كلام فارغ، وهي ورئيسها اوباما ودولتها يعرفون ان ليبيا هي اكثر الأماكن رعبا في العالم، وهو ما يفسر انها لا يمكن، ولا تفكر في، ولا تجروء على المجيء إلى بنغازي وإذن فإن سعادتها تبث رسالة اخرى.
تلك الرسالة بدت اوضح من خلال المقابلة المطولة التي اجرتها معها احدى فضائياتنا رفقة السفير البريطاني في حضور مزدوج كان يقصد منه ان بريطانيا توافق وتبصم بالأصابع الخمسة على كل ما تريده امريكا، ففي تلك المقابلة شرحت تلك السيدة المريبة انها مكلفة رسميا بأن تلتقي مع جميع (مراكز القوى والشخصيات الفاعلة) في ليبيا، ومن خلال استعراض قائمة لقاءاتها يتبين أولا إنه لا المؤتمر ولا الحكومة يقعان ضمن ذلك التصنيف  ويتبين ثانيا ـ وهو المهم ـ أن سعادتها تؤسس برنامجا عميقا للتحكم فيما تعتقد إنه يشكل التوجه العام لليبيين بهدف اعادة صياغة ذلك التوجه بما يتماشى مع مصالح وسياسة دولتها في المنطقة.
لكن، ومع كل تلك الحصافة (الديبورية) يبدو ان تلك السيدة غارقة في الوهم إلى قمة باروكتها ذات اللون الأشقر، فمن تظنهم مراكز قوى وشخصيات فاعلة ليسوا في الحقيقة اكثر من شخصيات كرتونية بالنسبة لليبيين، وكونهم يمتلكون منصبا ما او مليشيا ما، لا يعني ان لهم اي وزن ايديولوجي او سياسي، ومن ثم فإن محاورتهم او تناول الغذاء معهم ليس سوى تهريج وعمل هزلي يتندر عليه الليبيون عبر صفحات التواصل الإجتماعي.
في استطراد ضروري، يذكر ان العقلية الأمريكية والغربية رغم قدراتها المذهلة تقع دائما في خطأ صغير ولكنه قاتل، هو عدم القدرة على ادراك الفحوى الدقيق لذهنية المجتمعات العربية المسلمة، وهي ذهنية تشتمل ـ ضمن معطيات كثيرة ـ على ان اي امرأة، حتى ولو كانت رئيسة امريكا ذاتها، هي مجرد مخلوق محدود التفكير والإمكانيات..
لذا، فإن سعادتها لا تزيد بالنسبة لنا عن كونها مجرد امرأة (متخوخمة) بدرجة سفير لديها هواية غريبة هي النسرفة في الشوارع وبين المدن، وانه لا ضير في تركها تقوم بذلك حتى يختطفها احد ما، مثلما اختطف نظيرها الأردني في وضح النهار، وهو امر نأمل أن لا يحدث حتى لا ترسل لنا امريكا فرقة من فرق الكوماندوس الذائعة الصيت لإفتكاكها.
ان هذه المقاربة لا تهدف بالقطع إلى النيل من مكانة او احترام السيدة السفيرة، انها فقط محاولة لتحليل تصرفاتها غير المسبوقة في المجال الدبلوماسي، وهي تصرفات قد تحاول  السفيرة خداعنا بتبريرها في ضوء نص المادة الثالثة من إتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية 1961م التي هي المرجع القانوني المنظم لعمل واختصاص البعثات الدبلوماسية، وهي مادة توحي بتوفر هامش واسع للسفراء فيما يتعلق بتحقيق مصالح دولهم  لكن هذا التبرير مردود عليها في ضوء نص المادة (41) من ذات الإتفاقية وهو نص نورده هنا حرفيا لأهميته القصوى في دعم الطرح الوارد اعلاه: (( مادة 41: مع عدم المساس بالمزايا والحصانات، على الأشخاص الذين يتمتعون بها احترام قوانين ولوائح الدولة المعتمدين لديها، وعليهم كذلك واجب عدم التدخل في الشئون الداخلية لتلك الدولة. وكل المسائل الرسمية المعهود بحثها لبعثة الدولة المعتمدة مع الدولة المعتمد لديها يجب أن تبحث مع وزارة خارجية الدولة المعتمد لديها عن طريقها أو مع أي وزارة متفق عليها)).
وإذن فإن قفز سعادتها فوق نص هذه المادة وتدخلها المباشر في شؤوننا الداخلية وتجاهلها لوزارة خارجيتنا ما هو سوى تهريج ضمن كرنفال الأحداث غير المعقولة التي نعيشها.
أما إذا كانت سعادتها مصرة على حل مشاكلنا بطريقة الحاوي والثلاث ورقات، فإن عليها أن تأتي إلى بنغازي ودرنة وتستخدم مهاراتها الإستثنائية في التحاور مع الذين يفجرون ويرعبون خلق الله وتقنعهم بأن يتخلوا عن ايديولوجيتهم وعن اسلحتهم وترسلهم إلى امريكا لتلقي دورات تخصصية في بيع الورود. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق