السبت، يناير 12، 2013

حديث للوطن الجريح.... مفتاح بوعجاج

نجاح الثورة الليبية يعزى الى شيئان.. تصميم الثوار ومعظم الشعب الليبي على التخلص من نظام الطاغية وبأي ثمن... والى وجود هدف رئيسي صاحب تلك الثورة من بدايتها وهو.. التخلص من ثقافة ونظام الاستبداد واستبداله بنظام ديموقراطى عادل على رأسه مطلب الحرية الذى لا يتوفر الا فى نظام ديموقراطى به مبادئ الديمقراطية الحديثة مثل حق المواطنة وحرية التعبير والتعددية والتداول على السلطة واحترام حقوق الإنسان... نادى به ذلك الثائر عندما ردد صيحة (مطلبنا الحرية) مترافقا مع شعار البطل شيخ الجهاد (ننتصر او نموت).. ورددها من ورائه كل الثوار... وكل الليبيين.
الاول قام به الليبيون واصرّو عليه ونجحوا رغم التضحيات والدمار الذى صاحبه.. والثاني مع اتضاح اصرار الليبيين على الثورة والانتصار جعل الكثير من دول العالم بما فيها الامم المتحدة تساعدنا وتقف الى جانبنا...
ثورة الشعب السورى ورغم مرور سنتان على اندلاعها.. مازال الاسد الصغير فى جزء من سوريا وليس كلها مما جعل بعض الساسة الدوليين يطلقون عليه لقب (عمدة دمشق) وليس رئيس سوريا.. لان أغلبية السوريين تحولوا الى.. حيارى.. بين نظام استبدادي دموي كاذب.. ونظام استبدادى اخر بدأ يطل برأسه وبدأت تعلن عنه القوى المتطرفة المحلية والخارجية التى دخلت على الثورة السورية الاصلية.. فتحقق الجزء الاول ولم يتحقق الجزء الثانى الذى هو شرطا من شروط نجاح الثورات فى هذا العصر.
فى ليبيا انتصرت الثورة وتخلصت من نظام (عقيد ليبيا).. الا ان الافكار المتطرفة والغير مدنية وغير ديموقراطية والتى لا تحب حتى كلمة ديموقراطية والتى استحضرت معارك الماضي السياسية المغلفة بغلاف دينى وجزء كبير منها كان يساند ذلك المعتوه فى افكاره ورؤياه الجاهلة فى معنى الاصلاح بعد ان اصرّت عليه بعض القوى الوطنية والخارجية بأصلاح نظامه جذريا.. والذين غابت عنهم تماما ان فكرة الاصلاح فى نظام فاسد ايديولوجيا وواقعيا وشرعيا لايمكن عمل اى اصلاح او حتى ترقيع له وخاصة وان كل مقولاته المدمرة كانت ضد التطور والحرية والاقتصاد الحر وحرية التملك والتنمية الصحيحة والملكية والاستثمار الخاص والتعددية الفكرية والثقافية والسياسية وحرية التعبير والعلاقات الدولية المحترمة والذى لا يماثله اليوم الا( نظام كوريا الشمالية والذى جعل الجزأ الشمالى من كوريا دولة فاشلة بكل المقاييس).. فقّدم مشروعا إصلاحيا مهلهلا به (دستور) يقول فيه وبصياغة من التابعين والمستفيدين من نظامه ان (معمر القذافى هو الاب الروحى والتاريخى لليبيا).. الشىء الوحيد الايجابى من تلك المصالحة هو حفظ ارواح ليبيين كانو سيقهرون بألته الجهنمية كما حصل لضحايا مجزرة بوسليم.. رغم اننا دفعنا ثمنا اكبر من ذلك عند قيام ثورة 17 فبراير للتخلص منه ولا زلنا... تلك القوى قفزت على ظهر الثورة من جديد رغم اننى لااعرف كيف لثقافة وقبول فكرة اصلاح نظام القذافى الفاسد تاريخا وذمة وفسادا وسلوكا وفكرا،ان تلتقى مع اهداف الثورة ومنها التخلص من ذلك النظام من جذوره.. وحتى لااظلم تلك الفئات فأن ايضا كثير من الأكاديميين المحبين للمال والبهرجة والمظاهر الكاذبة وبعض من محبى المال والسلطة الادارية والاجتماعية ساعدو ايضا فى ذلك... فأن وجدنا عذرا للفئة الاولى.. فما العذر للفئة الثانية التى تشتمل على كثير من حاملى الشهادات الاكاديمية العليا ومن بعض الجامعات المرموقة محليا ودوليا ومن اقل واجباتها هو حفظ الامانة العلمية والجهار بها... الا من فاق واعتذر فى اخر ايام النظام..
ثورة ليبيا لا يمّن عليها احدا فهى التى جاءت بالانشقاقات ولم تأتى الانشقاقات بالثورة.. وهذا مبدأ يجب ان بكون جليا وواضحا لدى الجميع.. كما ان ثورة ليبيا لم تبدأ بفتوى من احد.. كما لم تلتفت الى فتاوى الكثيرين بضرورة (عدم الخروج على ولى الامر) كما انه لا يجب ان يمن علينا احد بثروة ليبيا.. انها ثروة اعطاها الله من ثرى هذا الوطن ممزوجة بدماء وعرق الاولين والاخرين من مجاهدى وثوار ومؤسسى هذا الوطن الجريح..
مرجوع كلامى كما يقول اهلنا الطيبين.. هو ان اهداف الثورة وبناء الدولة الحديثة لن يكتمل بأطلالة الافكار المتطرفة والشعارات والحكايا والقصص والعبر من ماضى الزمان.. بل بتأكيد هدف بناء الدولة الديموقراطية المدنية التى تسع الجميع.. ومن خلال برنامج سياسى واقتصادى وعلمى وتخطيطى ملموس نستطيع ان نلمسه ونحسّه ونقيسه ونقيّمه.. فقد شبع الليبيين من التنظير والكلام والمواعظ التى لا كعب بلغت ولا كلابا فى ماضى الزمان وحاضره.. ولنضع ايدينا فى ايدى الدول المتقدمة التى ساعدتنا من خلال برنامج المصالح المشتركة وان نبتعد لتحقيق ذلك عن مصطلحات مثل.. الامبريالية.. الاستعمار.. دول الكفر.. فهم ليسو اكفر ممن صرفو الاموال فى غير طاعة الله والوطن رغم رفعهم لكثير من تلك الشعارات والقصص والمواعظ التى نوهت عنها.. وان لم نقم بذلك وبأسرع وقت سينطبق علينا مثلنا الشعبى الذى يقول:(عندما يلتّم المال والاهبال.. يريح المال ويقعد الاهبال) وهنا نضيف مع الاهبال.. شوية مكاتب واثاث وبقايا قرطاسية وسيارات واوراق وتوصيات مؤتمرات وندوات وفواتير فنادق وسفريات والكثير من.. الشعارات الفارغة من محتواها فهى لاتخرج ابعد من حناجرهم لانها استحضرت الكثير من المعارك التاريخية والتى لاتصلح لان تكوم نموذجا لمعارك الحاضر والمستقبل فى بناء الدولة الليبية الحديثة فى القرن الواحد والعشرين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق