الجمعة، فبراير 11، 2011

ما هذا العناد؟

غريب جدا موقف أولئك الذين يحرصون على «تاريخ قائد المؤسسة العسكرية المصرية» على حساب مصر كلها. هل هو فقط موقف أخلاقى تجاه واحد من قادة أكتوبر؟ بل ماذا عن موقف هؤلاء تجاه جموع المصريين الذين نضحى بمستقبلهم من أجل الحفاظ على ماضى الرجل؟ السيد عمر سليمان يزعم أن الطلب من الرئيس الرحيل يتناقض مع أخلاق المصريين! هذا كلام غير منطقى، لأن المصريين قد قالوها ويستمرون فى قولها بالكلمة وبالصورة وبالدم. إذن هى من أخلاقهم وبكامل وعيهم.

هناك من يعتقد أن الأمور تتخطى حدود «الموقف الأدبى» تجاه قائد كبير فى القوات المسلحة إلى الحديث عن شبكة مصالح خاصة بين الرجل وكبار رجال حكمه داخل المؤسسة العسكرية وخارجها. وهناك من يشبه علاقة قيادات المؤسسة العسكرية بالحزب الوطنى كعلاقة جيش الشعب الصينى بالحزب الشيوعى، وكأن شبكة المصالح الخفية أهم من مصالح الوطن المعلنة؟ إن استمرار دعم شخص على حساب وطن يلقى بظلال كثيفة من الشك على موقف مؤسسة عظيمة نكن لها كل الاحترام.

أين التزام هؤلاء القيادات بمصالح مصر التى أقسموا على أن «يرعوا مصالحها رعاية كاملة»؟. إقناع شخص واحد فرد بترك السلطة أوقع من إجبار شعب (أو على الأقل عدة ملايين) بقبول قهره لهم.

عند كثيرين من المصريين، وعند أغلب الناشطين السياسيين الذين خرجوا إلى الشوارع فى استفتاء حر ومباشر، حسنى مبارك لم يعد رئيس مصر لأن الشعب أسقط شرعيته، وهو أثبت عدم التزامه بالقسم الذى يلزمه بأن يرعى مصالح الوطن رعاية كاملة.

يتساءل كثيرون: أى شرعية لهذا الرجل ونظامه الذين يسمحون لجنود الشرطة بأن يقتلوا شباب مصر؟ شرطة مصر تقتل شباب مصر!!! أليس هذا ما فعلته حكومة إسماعيل صدقى حين فتحوا كوبرى عباس على أجدادهم الذين كانوا يطالبون بالاستقلال فى عام 1946؟ مجموعة من البوليس السياسى قتلت حينذاك أجدادنا، لأنهم طالبوا بحرية الوطن (الاستقلال)، وها نحن نرى من يأمر رجاله بقتل شبابنا اليوم، لأنهم طالبوا بحرية المواطن (الديمقراطية). لقد عاقب المصريون إسماعيل صدقى بأن أسقطوه من ذاكرتهم إلا بما اقترف من خطايا فى حق شعبه. ويبدو أن العناد سيقودنا إلى نفس النتيجة.

أى شرعية لهذا الرجل ونظامه الذين تجاهلوا كل مطالب بل توسلات الجميع لإصلاح النظام قبل الانفجار؟ ولكنهم أصروا أن مبارك «صمام الأمان» وكأنه هرم يقف على قمته، فكان «كمن أسس بنيانه على شفا جرف هار فانهار به».

لقد ظن المصريون أنهم كانوا فى الماضى يعارضون قرارات خاطئة من أشخاص أرادوا الحق فأخطأوه، ولكن المصريين الآن أمام أشخاص أرادوا الباطل فأصابوه.

«فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين» صدق الله العظيم.
 
بقلم معتز بالله عبد الفتاح

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق