السبت، أكتوبر 23، 2010

يهود ليبيا و المواطنـة... جبريل سعد العبيدى

2010-08-16
بقلم: جبريل سعد العبيدي*

المواطنة هل هو أحقية العيش في الوطن وتحمل كل أعباءه أم هو هجرة من بلد لآخر بحثا عن الوطن المصلحة  والمنفعة وألا فلا يصلح وطننا إذ تعرض لوباء  كالطاعون  .   فالوطن هو الوطن وكما قال الشاعر: (( بلدي وان جارت علي ...  )) . اليهودية هي ديانة وليست عرق وهناك مغالطة كبيرة في الخلط بين الدين والعرق قد يكون ساهم في هذا الخلط  اليهود أنفسهم .  اليهود لقوا معاملة حسنة أيام الإسلام (( لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي )) [1]  فكتب الرسول الكريم لهم المواثيق إلا أنهم نكثوها  وقالوا (( الرب رجل حرب )) [2]  فاليهود لم يعانوا في ظل الإسلام الاستشهاد في سبيل العقيدة ولم يرغموا على الدخول في الإسلام أو الموت كما حدث للمسلمين واليهود في أسبانيا المسيحية [3] ,  واليوم   القوانين في البلاد العربية تعامل اليهود كمواطنين أصليين ووطنيين وليس كجالية أو أقلية بل وتمنحهم جوازات سفر بجنسية عربية. تشير المصادر التاريخية إلى أن اليهود جاءوا ليبيا مع الفنقيين [4]   وكان مجيئهم إلى إقليم قورنيايئة في العام 322 ق.م  [5]  ولكنهم لم يأتوا أرضا خاوية بل كان الليبيون القدماء يعيشون في أرضهم وكانت القبائل الليبية مثل قبيلة الاذروماخيداي وقبيلة الاسبوسيتاي وقبيلة الاسخيسياي  وقبيلة الجيلجاماي  تقطن الأقاليم الليبية  قبل مجيئي اليهود إليها [6]  وكان لها الدور في محاربة الاستعمار البلطيمي والروماني  في حين سعى البطالمة في توطين اليهود  الإقليم بينما عمل اليهود مع الجيش البطليمي كمرتزقة[7]  وكان لهم دور في بسط النفوذ و الاستيطان البطليمي والروماني والسعي في  مهاجمة القبائل الليبية التي تسكن الإقليم  وزرع الفتنة والصراع بينها وكذلك فعلوا إبان الغزو الأسباني والاستعمار الإيطالي فيما بعد  ,  حيث عمل بعض اليهود على تكريس الاحتلال والعمل على بقاءه  ويرجح بعض المؤرخين إلى أن بعض اليهود جاؤوا إلى ليبيا عبر هجرات متتالية جراء الاضطهاد الديني في البلدان الأخرى ورغم هجرة اليهود إلى ليبيا كانت جراء البحث عن ملاذ امن إلا أن بعضهم سرعان من بدأ العمل على عرقلة الاستقرار بين السكان الأصليين في الأقاليم التي سكنوها كإقليم قورنيايئة  . وفي العصر الحديث عمل بعض اليهود في ليبيا  على تأسيس الحركة الصهيونية   كما أن يهود طرابلس وعلى يد إيليا النحايسي أسس أول جماعة صهيونية [8] لدعم الكيان الصهيوني  وكما ذكرت جريدة معار يف أن المنظمة احتفلت  بمرور 100 عام على بدء النشاطات الصهيونية ليهود  ليبيا ومرور 50 عاما على أول هجرة لليهود من ليبيا إلى مغتصبة فلسطين ( إسرائيل )  بل أن اليهود في ليبيا خططوا لإقامة وطن قومي في ليبيا في الجبل الأخضر [9] . ورغم ذلك فلم يضطهد اليهود في ليبيا عبر التاريخ  بل كانوا دائما في أحسن حال , سواء في العصر الفينيقي أو الروماني أو الأسباني أو العثماني أو الإيطالي وحتى  القانون الليبي الصادر عام 1952 في المادة 21 والمادة   192 منح الجنسية الليبية لليهود في ليبيا ونص على احترام جميع الأديان  وحرية العقيدة وحق إقامة الشعائر الدينية  لا يفرق بين المواطنين فالجميع سواسية وحق المواطنة مكفول للجميع . فالطبيعي المواطن لا يبتز وطنه ولا يكذب أهله  ففكرة الوطن اليهودي كما نادى بها هرتزل هي التي دعت يهود أميركا لدفن موتاهم في فلسطين فهل دعوة يهود ليبيا للعودة  هي عودة لوطن تركوه طواعية (( وتشير الدراسات إلى أن أكثر من 90 % منهم غادروا ليبيا ما بين عامي 1945 _1948 [10] مما يشكل تساؤلا ,  لما كانت الهجرة الجماعية تلك ؟ وإلى أين ؟   الواضح أنها كانت إلى  مغتصبة فلسطين.   أم محاولة ابتزاز للوطن تحت مسمى التعويض  , فالسؤال تعويض عن ماذا  عن ممتلكات باعها أصحابها قبل رحيلهم !!!  أم نحن من يحق له أن  يطلب التعويض والقصاص في مقتل 92 شاب ليبي قتلهم اليهود عام 1948 في طرابلس  عندما احتج الشباب الليبي على احتفال اليهود في ليبيا   بقيام دولة إسرائيل باعتراف رئيس الجالية اليهودية في حينها  ليلو أربيب [11] . إن كان (( يهود ليبيا  )) يعتبرون أنفسهم وطنيون و ليبيون  فعليهم  أولا تحديد موقفهم من الدولة المغتصبة لفلسطين وإثبات عدم ارتباطهم بالدولة الصهيونية لان بارتباطهم بها تسقط عنهم الجنسية الليبية وفق القانون الصادر  عام 1962 أما القول بأنك ليبي وإسرائيلي  في وقت واحد فهذان أمران لا يستقيمان كما قال الله تعالى  : ((  ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه ))[12]     وهذا هو المحك إن كنت ليبياً فحب ليبيا  ولا تبتزها  و  نقول : عفوا سيد روفائيل لوزان :  ليس بتعليق صورة عمر المختار على جدار بيتك في تل الربيع أو لندن أو حتى في الكنيست !!!!   تكفى لتقول لنا انك ليبي و تحترم المواطنة فنحن لم نسمع أن يهوديا واحدا قاتل إلى جانب عمر المختار والمقاومة الليبية للاستدمار الإيطالي بل لم نعرف يهوديا واحد زج به في معتقلات المستعمر الإيطالي التي حشر فيها شعبا بأكمله في أكبر عملية اعتقال تاريخي لشعب بأكمله بل شهدنا من يقف إلى جانب الدوتشي وغرتسياني   . ليبيا وطناً ليس للبيع أو الابتزاز فليس بابتزاز ليبيا يحي اليهود وعلى جماعتي روفائيل لوزان و روفائيل فلاح  أن يحددوا موقفهم من الوطن الذي يقولون أنهم ينتمون إليه فأين هم من الوطن  ليبيا   لم نسمع أنهم بكوا على همه طيلة أعوام الحصار العجاف ولا أيام تساقط  قنابل الممثل  الخرف رونا لد  ريغان 1986 بل لم نسمع إدانة منهم لإسقاط الطائرة المدنية الليبية عام 1973 فوق سيناء المصرية بصواريخ صهيونية أليس لضحايا الطائرة الليبية  الحق في تعويض عادل ومحاكمة مرتكبي الجريمة !!!! وكذلك الاُسر الليبية المتضررة من عدوان  1967 أسر ليبية كانت تقيم في سورية [13] . ليبيا الوطن الذي يبكيه لوزان وأمه راحيل اليوم في مسرحية لندن التمثلية وكيف أن رحيلهم عن طرابلس سينسيهم  القهوة الطرابلسية , وكيف سيجدون جيراننا آخرين وهل سيجدون (( زنقة ))  في روما  , ليبيا الوطن الذي خرجوا منه طواعية بعد أن باعوا جل ممتلكاتهم التي ملكوها وبعضها كان مشاركة مع ليبيين آخرين  جراء تسامح ليبيا الوطن مع من عاش في ترابها وشرب مياهها أما الحديث عن مقابر الأجداد اليهود  التي دثرها الزمن فالمقابر الإسلامية والليبية هي الأخرى  بمرور الزمن يتم ردمها وليس هذا اضطهادا كما روج له لوزان و  روفائيل الفلاح في مؤتمر لندن الذي شابه المغالطات التاريخية والأكاديمية وتحول إلى تهريج وهرطقة تاريخية لا تبحث عن الحقيقة أنما الاصطياد في الوحل  . والسؤال المطروح حول حقيقة وجدية وصدق  المناداة بالعودة  اليوم هل هو حنين((  لوطن ))  لم نعرف لهم أخلاصا له أو موالاة أو حتى احترام المواطنة فيه حقيقة وكذلك فعل اليهود في البلاد العربية والسؤال المطروح هو : هل انتماء اليهود للبلدان التي استوطنوها وأعطتهم حق المواطنة أم لإسرائيل فانتماءهم لإسرائيل تحول جهد بلدانهم إلى جهد ضائع[14]   . (( اليهود العرب )) تعرضوا للاضطهاد في أرض الميعاد على يد يهود  النخبة (( الاشكناز ))  ووجدوا أنفسهم أسفل الهرم الطبقي الصهيوني  [15] فبدأ بعضهم المناداة بالعودة للبلدان التي جاؤوا منها وكانوا فيها مكرمين  أم  هي  معرفة للحقيقة  بأ ن اغتصاب ارض الآخر ما هو إلا وهم وان إسرائيل الوطن اليهودي ما هو إلا سراب  وعلى اليهود العودة من حيث أتوا  فليس جميع اليهود من سبط النبي إسرائيل عليه السلام   .  فنقول لهم إن ليبيا الوطن  يتسع للجميع ممن يحبونه في السراء والضراء  ويدافعون عنه أما من يريدون به الضرر  آو ابتزازه  فستكون صحراء ليبيا حارقة كما أحرقت الغزاة  منتوغمري   وروميل   وغرتسياني  وغيرهم الكثير .

* كاتب وباحث ليبي
نقلا عن صحيفة قورينا


  [1] القران الكريم .سورة البقرة  الايه 256
[2]    سفر الخروج   3:15
[3]  BERNARD LEWIS .The Jews of Islam
   [4]احمد صفر ,  مدينة المغرب العربي
[5]   الطيب , حمادي . اليهود ودورهم في دعم الاستيطان البطليمي والروماني
[6]  Herodotus 
[7]   عبد العليم , دراسات في تاريخ ليبيا
[8]   الشعباني . يهود ليبيا ( دراسة ) 
[9]    جريدة طرابلس الغرب عدد 282 بتاريخ 63.9.26
[12]   القران الكريم الايه 4 سورة الأحزاب .
 [13]   الشعباني . يهود ليبيا ( دراسة ) 
[14]   العبيدي ,جبريل . اليهود والمواطنة / جريدة العرب .لندن/ بتاريخ  2000.6.26
[15]   كيوان  , مأمون.  اليهود في  الشرق الأوسط
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق