الخروج من مأزق قضائي والدخول
في مأزق اللا شرعية
إذا كانت
فكرة الانتخابات قد ظلت مجهولة المعنى ومعدومة الممارسة في الحقبة الانقلابية، فإن
فكرة القانون والشرعية ظلت هي الأخرى، بلا معنى وبلا مضمون في هذه الحقبة المظلمة
التي استمرت زمنا طويلا، وهو زمن جعل الناس ينظرون إلى هاتين الفكرتين أو
الممارستين على أنهما يشكلان وضعا منبوذا، بل وغير مستساغ!! ومن هنا عانت ليبيا،
حالات من أسوا أنواع الاستبداد، وكان الأسوأ في كل ذلك، إن هذا الاستبداد كان
يمارس على اعتباره أمرا طبيعيا!! وكل شيء كان يسير في هذا الإطار، بل وكان يجب أن
يسير في هذا الإطار!! ومن ثم كانت الحالة الليبية في العبث والاستبداد، لا نظير
لها في أي دولة من دول العالم الثالث، وبصرف النظر عن طبيعة النظام السياسي في أي
منها، ذلك لأنه وحتى في الدول ذات النظام الشمولي، حرصت هذه الدول على وجود حد
أدنى من نظام الدولة القانونية، ولهذا تجد بها مؤسسات الدولة الحديثة أما في ليبيا
فلم يكن فيها أي من هذه المؤسسات، ولم يكن أيضا متصورا وجود مثل هذه المؤسسات في
ظل نظام عبثي فوضوي.