"الحاجب الأصم والبّاق والطبّال
فرسان جيل العار
يلطخون راية الثوار
بالدم والأوحال"
عبدالوهاب البياتّي
يا كتّاب السلطان..
مرت علينا فترة من الزمن، قاحلة رتيبة، كنا نشاهدكم فيها ترتكبون ألاف الحماقات والأكاذيب المليئة بالعار.. كنتم تنهضون مع الفجر و(أمام الله والفريق) تتجشئون في وجوهنا وتضحكون علينا.. تفعلون الأعاجيب والخوارق وتطلعون الأرانب من قبعاتكم وتزينون أعمال (المفكر المبدع) و(الصقر الوحيد) وتتغزلون في نظامه وعباءته وكتابه الأخضر ونظريته العالمية وإنسانيته أيضا على حد زعمكم وخرائكم أيها الأقزام التنابلة!
كنتم، ودون أن يقودكم من أنوفكم، أويضغط عليكم تهرعون إلى الخيمة المنتفخة كما تهرعون إلى خيام المآتم وتتمسحون بمؤخراتكم فوق الأرصفة انتظاراً لصدقة و(قرقدة لعظم) واستجداء لهبة وطمعاً في مهمة ونشراً لكتاب رديء، وتتلقفون الفتات فيما تعدّون الجلسات آخر الليل للأزلام وتنادمون االمخانيث وأشباه الرجال وحفنة من المسئولين التافهين بأشعاركم الفاسقة وتدغدغونهم بنفاقكم ودجلكم.. وتبتهجون عندما يرافق بعضكم (القايد) في رحلاته الأسطورية من اجل (ورقتي يورو) بائستين على حساب عرق الشعب المكلوم خلف الأسوار..
وأنتم بكل بلاده تصطفون مع السلطان ومخانيثه.. تتغزلون فيه وفي أحذيته وفي سيرته وفي طلته البهية وتهتفون حتى يغمى عليكم من فرط النفاق ويرشون في وجوهكم ماء الزهر!
كنتم يا عار التاريخ تتغزلون في عيون الجماهيرية ومبدعها الأوحد، الذي حارت البريّة فيه، فيما هو.. يا عارنا يا أشباه الكتّاب ينثر نقودنا في أدغال أفريقيا ويشنق أبناءنا في الجامعات والساحات الرياضية ويقتل شرفاءنا برصاصه مثل (جاري كوبر) ودون أن يرف له جفن، ويُحكم الخناق علينا ويكمم أفواهنا ويسمم مياهنا ويشوه تاريخنا ويزور تفاصيله ويُبعد أبطاله نحوالمجاهل ويمنهج تعليمنا وفقاً لرؤاه الفاسدة ويسّد أمام وجوهنا كل المنافذ الرزق الذي أتاحه الله لنا، ويقتحم بيوتنا ويشّرد مواطنينا في وجه الريح ويكذب علينا ويسيء إلى وطننا وينشر رعب لجانه الثورية في أزقتنا وأحيائنا.. ويحرق مستقبلنا ويجعلنا بعد ذلك كله مسخرة أمام الدنيا، يا كتّاب السلطان التنابلة!
كنتم يا عارنا.. تفعلون بكتاباتكم الصفراء كل شيء.. اعني هكذا (أمام الله والفريق).. تمدحون العقيد وتصفقون له وتبررون تصرفاته الخرقاء،وهوأمامكم (يا أشباه الرجال).. (يُدرجحنا) في حبال مشانقه على طول المدن والواحات وتتعلق عصاباته بأقدام شهدائنا ساعة الصيام وتبصق في وجوههم بعد خروج الروح وتركل مؤخراتنا بأرجلها وأعقاب بنادقها في معسكرات الرعب وأقبية المباحث والمثابات وتطفي سجائرها في أجسادنا وتجيد إدماء أقدامنا (بفلقاتها) وتحرم لحظات هنائنا وتخطفنا في وضح النهار وتقطع أصابع صحفيينا من اجل كلمة حق في وجه سلطان جائر، وتأسر نسائنا في الغرف المظلمة وتقتلنا على الدوام علي حين هويصطاد السجناء مثل البط عبر أسوأ عملية اغتيال جماعي مفعمة بالخسة والغدر.
وانتم يا عارنا.. يا أيها التنابلة، بعد هذا وغيره، تتقنون كتابة التقارير و(تدربكون وتحجلون وتزمرون) وتتغزلون في عيونه وفي عشق كتابه الأخضر وفي قصصه الرديئة وكذا في عيون (الباش مهندس).. والتوريث وتتوقعون لنا غداً سعيداً على يديه وعبر مشروعه البائس الذي باركتموه مثل القساوسة.. فيا للعار، يا عارنا الذي لطخ وجه الحرف والوطن وكل الأشياء المقدسة والنبيلة.
ويا كتّاب العقيد..
الآن.. الآن فقط بعد أن طلع النهار وطار الغراب (واتضح سلاّخ الحمار).. تريدون أن تنطوا على الحبال.. أن تذبحوننا جميعاً (على غير قبله).. ان( تداعكوننا) في مسيرتنا الجديدة.. أن تركبوا في غفلة فوقنا (بلا بردعة).. تريدون أن تقلبوا في لحظة ظهوركم للسلطان وتولون أقفيتكم لجوائز الفاتح.. ولخطابات السيف المسلط على رؤوسنا المليئة بالفشر ومشاريع إصلاحه الطموحة !!.. وتنسوا ما فعلتم يا عارنا على مدى الأعوام الكئيبة وتودون في هذه اللحظة التنكر في غمضة عين لما ارتكبتموه.. لما تقيأتموه في الندوات والمناسبات المتخمة بالعطايا والذهب عن القرية والأرض والانتحار. تريدون أن تشوهوا وجه فبراير بسبتمبر بلا خجل أوحياء.
فلماذا أيها الأقزام تفعلون هذا..
لماذا تغيرون جلودكم ووجوهكم وأقنعتكم وتضعون الآن العلم الزاهي الألوان على صدوركم.. لماذا لا ترحلوا عنا إلى الأبد و(تخلّونا لحالنا).. لماذا تتلونون مثل الحرباوات القذرة وتنتهزون الفرص محاولين النفاد ثانية والهتاف ثانية في الجوقة نفسها ومع فرقة (حسب الله نفسها) وتلهثون مقطّعي الأوصال والأنفاس في سبيل صنع البطولات الوهمية وتتجمعون في المحكمة وتتحدثون في الإذاعة والفضائيات وتكتبون في الصحف الجديدة بوجه صفيق قديم جديد.. لماذا تكذبون علينا ساعة ميلادنا، ساعة أن فتحنا أعيننا المطفأة في وجه الشمس المجيدة التي مددنا نحوها أيادينا وتمنعون وصول خيوطها المشرقة إلينا، لماذا تغتالون في هذه الساعة التي باركها الله أحلام أطفالنا وتقتلوا عصافيرنا وتسرقوا خبز تنورنا وعبق حبقنا ونكهة نعناعنا ونسيم بحرنا وبرنا وعرائس قعمولنا وزغاريد عجائزنا وابتهالات شيوخنا واشراقة وجوه حرائرنا وتلعقون، ساعة الميلاد، دماء عيالنا التي سالت في (الكتيبة والزنتان ومصراته والزاوية وزوارة والجيل الأخضر واجدابيا ونالوت.... وسواها)، لماذا ترتكبون هذه الخوارق، أيها الأقزام ساعة ميلادنا العظيم.. ساعة تنفس صبحنا.. ساعة نهوضنا من كبوتنا.. من الهم والإحزان وتحجبون عنا شمسنا وهوائنا وتخفون عنا قمرنا الزاهي الجميل في ليلته الثانية عشرة وتحاولون خنقنا بحبل المشيمة ووأدنا في التراب وإعادتنا إلى الجاهلية والركوب فوقنا من جديد . لماذا لا تتركوننا وشأننا أيها الأقزام التنابلة!
إنكم يا عارنا.. يا أوراق النعي الأسود الذي يلصق مثل (القراد) بجدراننا.. لا تختلفون تماماً في هذه اللحظات عن أولئك المرتزقة الذين دفع بهم ( قايدكم ) في ارتال مخيفة باتجاهنا لقتلنا.. لدّك بيوتنا فوق رؤوسنا.. لهتك أعراضنا وهم مدججين بالراجمات والدبابات والدولارات والأطعمة والفياجرا . إنكم مثلهم سواء بسواء.. تغتصبون منا اللحظة العظيمة وتسرقون كما هي عادتكم الكلمة الشريفة وتخطفون وقت الفرح والبهجة من عيون أطفالنا وتحجرون على عقولنا وتطلقون سيقانكم للجري من جديد وبشكل مزر.. بنفاقكم وزيفكم وبقية عاهاتكم وأمراضكم وتشوهاتكم.
فلماذا لا تتوقفون عن الهراء . لماذا لا تموتون وتتركوا لنا الطريق كــي نمر . إن ما قمتم به يا عارنا طوال عقود من الزمن القبيح كشفته شمس فبراير ومسحت صدأه تضحيات البسطاء الذين استيقظوا من الرماد واطلوا من وراء الجدران العالية في لحظة فاجأتكم وأصابتكم بالبرص فأردتم القفز ثانية أيها العور القوادون الطبّالون الحجّالون الردّاحون ياحجّاب السلطان وكتّابه . لقد قطعتم مسيرتكم الرتيبة بكل نذالة ولن ينسى لكم تاريخنا ذلك على الإطلاق وعليكم أن تدركوا بأن كل كلماتكم الميتة لم تكن لتخرج إلا من موتى مثلها.
فماذا تريدون الآن؟
لقد مللنا رؤيتكم وانتم تشدون الرحال إلى الخيمة والى الندوات والى الصحف الباهتة والمجالس الصفراء.. مللنا من كتاباتكم المغموسة في دم الليبيين على امتداد الوطن.. سئمنا أقاويلكم وتنظيركم في المهرجانات الكاذبة بينما كان الشعب يعاني الهوان وكان الشرفاء من المثقفين والكتّاب ينزوون بعيداً عن هذا (العرس الرابّخ).. عن المال الحرام ودون أن يسقطوا مثلكم في المستنقعات، وبعد هذا كله تسعون الآن للإطلالة علينا بوجوهكم المجدورة وتحاولوا إقناعنا بأنكم في منتهى البطولة، ووجه الحق إنكم يا عارنا يا عار التاريخ، أبطال الاندحار والهزيمة ولا يعدوالأمر بكل بساطة في أنكم مجرد مرتزقة تجيدون اللعب على كل الحبال ونحن كلنا أيها الأقزام ببساطة اشد مللنا رؤياكم من جديد!
فماذا تريدون الآن؟
يا عارنا في هذا الوطن.. في ساعة ميلادنا الجميل تبادلوا أنخاب هزائمكم وعاركم (بالدور) بعيداً عنا ودعونا نصنع مستقبل أطفالنا من دونكم ومن دون أن تكتموا أنفاسنا بروائح فساءكم فحيثما ظللتم معنا سيظل التشويه ينتاب أولى خطواتنا نحوالنور في الدرب البعيد، ونحن نريد أن تكون تلك الخطوات المقبلة خالية من القبح والتشويه.. خالية من وجودكم بالمرة.
إن الكلمة الشريفة ينحتها الشرفاء لا المرتزقة، وان مقدمة مشوارنا الناجح أن تبتعدوا عنا – فارحلوا.. ارحلوا إلى الجحيم أيها الكتّاب المرتزقة قبل أن تحل بكم لعنة وتترككم جثثاً نافقة على قارعة الطريق!!
الكاتب سالم حسين الكبتى
الكاتب سالم حسين الكبتى
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق