الثلاثاء، مايو 14، 2013

قـالوا الحكومة مؤقتة.. "فهل الوزراء دائمون!!!" .... إبراهيم محمد الزغيد


فى منتصف خمسينيات القرن الماضي كانت وزارة التربية والتعليم تـُسمى وزارة (المعارف) ويبدو أن شاعر ليبيا الكبير المرحوم رفيق المهدوى كان ممتعضاً من حالها آنذاك فقال:
ما فى المعارف عارف بمصيرها........  منذ غدت كالإخطبوط ذيولا
ولم  أجد وصفاً أكثر تعبيراً عن وضع ليبيا اليوم (إذا وضعنا ليبيا بدل المعارف) عن هذا البيت الذى هو فى الواقع أكثر انطباقاً على وضعنا العام من حال المعارف التى خـّرجت كوادر من المتعلمين ساهموا فى إدارة الوطن حتى بداية السبعينات ومع ذلك لم تـُعجب شاعرنا رحمه الله.
الكل يقول بأن حكومة على زيدان حكومة مؤقتة وهذا ما يعنى عقلاً أن أعضائها كذلك مؤقتون.... ولكن واقع الحال وتصريحاتهم تدل على خلاف ذلك.... كيف؟..

مثلاً معالي وزير النفط عبد البارى العروسى دعى المستثمرين فى دول الخليج إلى الاستثمار فى قطاع النفط فى ليبيا ووعد بأن سيكون هناك إعفاء من الضرائب لمدة ثمان سنوات بشرط أن يـُشارك الليبيون هؤلاء المستثمرين الخليجيين ولست أنا الوحيد الذى يعتقد بأنه منذ أن صادر بو منيار أملاك الليبيين وحرمهم من التجارة (الحاج عمر والحاج مفتاح) لم تبقى فى أيدي الليبيين أموال نظيفة فكل ثروات الليبيين الموجودة الآن مصابة بفيروس بالإيدز (رشاوى واستغلال نفوذ) فهل يريد سيادته أن يـُتيح لهم باب غسل أموالهم؟؟؟ وتصعد إلى أعلى فئة كبار المتمولين... ويتسع الفرق بين الليبيين فقراء وأغنياء؟؟؟
علماً بأن أغلب الخليجيين الذين يسعون إلى الاستثمار فى كل ما يسمى (زوراً) الربيع العربي هم القطريون الذين يقال بأن كثيرون منهم أشتروا الكثير من الأراضي فى الجبل الأخضر خاصة على الساحل لأننا لا نملك قناة كقناة السويس أو الأهرام  وأبو الهول فى مصر الذين سعوا إلى الاستثمار فيهن فيصبح البديل هو نفطنا وأراضينا وأنا متأكد من أن أموال القطريين ليست كلها خالصة لهم فى ضل حركة الأموال العالمية التى يتحكم فيها اليهود.
وغاب عن ما يسمى مجالس محلية خاصة فى شرق ليبيا منع هذا البيع للأراضي وأن من يّدعون ملكية هذه الأراضي هى ملكية ليست قطعية على وجه اليقين وأن حيازة غير الليبيين للأملاك يجب أن ينظمها القانون الذى لم يصدر بعد.
السيد عبد البارى العروسى يريد تصدير مستقبل النفط الذى لا ولاية له عليه لأنه مؤقت يريد طرح عقود امتياز وتوقيع عقود قبل أن تـُغادر حكومة زيدان التى هو عضواً فيها المسرح،  يريد دفن قطاع النفط (بالعروسية) ولمن لا يعرف (العروسية) هى تواشيح ذكر لبعض الطرق الصوفية تنشدها عند نقل جنازات موتاهم....
السيد وزير النفط هذا تصرفه مع الخارج أما بالنسبة للداخل عندما خاطبه المجتمع المدنى فى بنغازى بإعادة المؤسسة الوطنية للنفط إلى موقع إنشاءها أصدر مكتبه بيان يقول... (ليس من صلاحيات الوزير نقل المؤسسة) فى هذه الحالة يصبح منطق عبد البارى العروسى لا يختلف عن منطق عبد البارى عطوان!!! الذى يريد أن تبقى ليبيا كالعهد السابق... النفط هو دخل كل الليبيين لا يجب أن يترك فى يد وزير أو مؤسسة وحدها مهما كانت...
وزير الدفاع (نسأل الله دفع البلاء) مشكلته فى أنه لا يمكن توريد سلاح لأن ليبيا لازالت محكومة بالفصل السابع عند مجلس الأمن ولا أعتقد أننا فى حاجة شديدة للسلاح حالياً لأننا لا نقابل عدو خارجي ولكن عدونا من أنفسنا والقليل من السلاح الخفيف يحل المشكل لو كان هناك عقل رشيد... لا صراعات بين أحزاب وكتل لا قانون ينظمها وأشخاص يجترون ماضي أجدادهم.....
هذا الوزير يـُقال بأنه يتبعه رئيس أركان الجيش و... و... و... المفروض بأنه يعرف بأن  هناك جميع أنواع الأسلحة من دبابات وصورايخ لدى جمهورية مصراته التى يفترض أنها جزء من ليبيا حتى الساعة وأنها تقع عسكرياً تحت مسئوليته.... قبل أن يفكر فى شراء السلاح – حتى ولو لم يكن الفصل السابع – عليه وضع هذه الأسلحة فى مصراته والزنتان تحت يد الجيش... هذه الأسلحة إذا لم تـُسلم للجيش يعنى التسليم بتمكن مليشيات من البقاء كما هى.
أما وزير المواصلات فهو مستعجل على تنفيذ مشروع السكك الحديد الذى قال عنه – لله وللتاريخ – بو زيد دورده بأنه مشروع فاشل تبديد لأموال ليبيا قالها علناً فى مؤتمر الشعب العام.... ما الذى سينقله هذا القطار بين مدن ليبيا وكل ما نستهلكه يأتي من البحر وعندنا أكثر من ثماني موانئ بحرية على طول الساحل وليس هناك إنتاج ليبي – سوى العجاج – يحتاج سكك حديد والمنتج الوحيد النفط لعِلم الوزير لا ينقل بالقطارات والأنابيب متكفلة بذلك.... وكان الأجدر به أن يطلب إعادة تقييم الموضوع برمته من قبل من يفهم فى اقتصاديات النقل وبالاستعانة بخبراء الأمم المتحدة  ومحاولة التخلص من العقود السابقة بأقل الخسائر... إما إن كان يعتقد بأنه صالح لنقل الركاب فنحن ليس كالهند ومصر.
قد لا يعلم معاليه وسيادته بأنه كان هناك خط للسكك الحديد بين كلاً من بنغازى المرج وبنغازى  سلوق من العهد الايطالي أُلغيت فى نهاية الخمسينات لأن خسائر التشغيل أكبر من الإيرادات ولأنه لم تعد هناك محاصيل زراعية (قمح وشعير) فى المرج وسلوق وكثرة الشاحنات الحديثة.
ثالث الوزراء فى هذه الحكومة المؤقتة هو وزير الإسكان الذى أعلن بأنه سيتم توقيع عقود إنشاء مائة وعشرون ألف وحدة سكنية وكنت أعتقد أن مثل هكذا مشروع لابد وأن يكون جزء من خطة تنمية مـُدرج بميزانية تنمية  لا يتم بسنة واحدة .... وهذا يقتضى أن هناك قانون معتمد تشريعياً لخطة تنمية سواء خمسيه أو ثلاثية مثلاً أما تصريح  دون العبور لخريطة الطريق هذه فهو أمر لا وصف له عندي ويا ليته ينجح فى تفعيل العقود الواقفة الآن لعقود الإسكان التى توقفت بسبب الثورة ويكفيه ذلك إنجازاً.
أما وزير الاقتصاد – المؤقت كذلك – لم يجد سوى أن يـُغير القوانين المتعلقة بالشركات والقطاع  التجارى وغاب عن نظره أن القوانين الدائمة محتاجة إلى مجلس نيابي مستقر أما المؤتمر الوطني العام فهو ناقص الأهلية والمفروض بأنه مخول لما تقتضيه المرحلة الانتقالية لا الدائمة وما تنطبق على قوانين الاقتصاد كذلك العمل والنفط....الخ. أما تفصيل قوانين دون رؤى شمولية فهو عبث بمنظومة القوانين كافة لترابط بعضها ببعض.
أما رئيس الحكومة (المؤقتة) السيد على زيدان فهو يتعامل بلين غير مقبول مع شراذم ممن يحاصرون الخارجية والعدل والداخلية بأنه لا يريد أن يقتل الليبيون مما شجعهم على التمادي فى هدم الوطن ومعلوم بأنك لن تكون مسلماً إلاّ (بالطهارة) وليست هناك (طهارة) بلا دم ويقال بأن فناء البعض (الضار) لمصلحة الكل هى أكثر من جائزة بل قد تكون واجبة ولا ضرر أكبر من دمار ليبيا الذى سيلحق الجميع من أجل أهواء حفنة ونحن نعلم – بدون فقيه – أن من يحاصرون أجهزة الدولة هم مدفوعون من المستهترين بالوطن وإن كان  منهم من هو فى وسط المؤتمر لأنه لا يـُعقل أن يقوم أفراد عاديون مدججين بالسلاح المتوسط  والثقيل من هذا العمل لو لم يكن هناك من يرعاهم ويؤمنهم .... ولن يكون هؤلاء ثوار حقيقيون ولو كانت الكعبة فى أيديهم لأن الثوار الحقيقيون يعلمون بأن أخوانهم الذين استشهدوا ماتوا لتعيش ليبيا وتستقر لا أن توزع بين تحالف وإخوان وجبهة عائلات و ... و ... و ....
الصادق الغريانى – المسمى مفتى تجاوزاً – كان يجب أن يـُفتى بأن هؤلاء كحال بنى وليد الذين وصفهم بالفئة المارقة ولكنه فى هذه الحادثة لم يتكلم رغم أنها أمام ناظريه.
أكد تأجيل محاكمة سيف القذافى فى الزنتان إلى سبتمبر القادم والمؤتمر الصحفي الذى جرى  فى (المركز الإعلامي للزنتان) الذى تحدث فيه وزير الدفاع السابق أسامة اجويلى...... أكد كل ذلك بأن من دعوا إلى وضع فيدرالي فى ليبيا هم ناس بسطاء يرضيهم القليل لأن حقيقة الوضع القائم الآن فى ليبيا وجود جمهوريات شبه مستقلة جمهورية مصراته لها علاقة مع إيطاليا زارها سفير إيطاليا وتفقد المصانع واجتمع بالمجلس المحلى مصراته وبالطبع لم يطـّلع على المعسكرات حفظاً للأسرار العسكرية وهناك جمعية صداقة إيطالية مصراتيه... الخ.
جمهورية الزنتان التى ليس لها اتفاقيات تسليم مجرمين مع جمهورية (طرابلس الكبرى) – العنوان الجديد لليبيا -  وإلاّ لأمكن تسليم سيف ليحاكم فى طرابلس التى يصر البعض باعتبارها العاصمة الأبدية لليبيا (كالقدس عند نتنياهو).... انقلاباً على أسس وحده ليبيا بأن بنغازى عاصمة كما طرابلس عاصمة.

أما الجنوب الذى أصبح ملاذ آمن لكل أحد غير الليبيين التعساء وهو الوضع الذى بالتأكيد تقول الجزائر فيه للغرب (فرنسا وأمريكا) أنا كنت متمسكة بالقذافى وداعمة له مخافة هذا الوضع الذى ترونه فأنتم السبب – الحكومة الجزائزية – لا الشعب الجزائرى – لا يهمها الشعب الليبي طبعاً ... وزير خارجية الجزائر مراد مدلسي هو فى الواقع (يـُدلس) علينا عندما يقول الجزائر تقف إلى جانب ليبيا.
وقادنا الإخطبوط إلى مجال الإعلام حيث طلعت علينا قناة (ليبيا تى فى) بمقابلة أجراها الإعلامي المناضل (القح) فى كل الأزمنة سليمان دوغة مع الحاج مصطفى عبد الجليل الذى قضت المقادير بأن يكون رئيساً للمجلس الوطني الانتقالي عند قيام ثورة 17 فبراير 2011 والرجل لم يكن مناضلاً سياسياً دفعت به سياسته لموقع القيادة مثل عبد الله أجولان الكردى أو أحمد بن بلا الجزائرى ولكن هذا هو الموجود.....
المقابلة مصممة من قبل (الأخ) سليمان دوغة للرد على هيئة النزاهة والوطنية لما قامت به حياله وليستخرج من الرجل المنتهية مهمته صكوك غفران للأفراد – وللأوقات - وللتوجهات وبالفعل جاءت المقابلة (كالشرمولة  بكل اسم فيها) الأكلة الشعبية المعروفة عند الليبيين وأن ما يبديه عبد الجليل فى أول الحديث يتبدل فى وسطه قبل أن يتغير فى آخره كذلك....
تنصل عبد الجليل من إطلاق سراح بشير صالح الذى وصفه بأنه رجل طيب كما حمد دوغة الله أن محمد القذافى لم يصاب بسوء وإلاّ لشوه ذلك الثورة معتقداً (سيادته)  أن الليبيين قد نسوا انزعاجه وحُمرة وجهه تلك الليلة التى قال فيها (أننى أعطيت الرجل الأمان) مما يؤكد أنه كان على اتصال به ثم ليتراجع ثانى يوم ويقول بأن الاتصال كان مع قريب الرجل.
عبد الجليل قال من بين ما قال بأن الأصل هو إنشاء دار الإفتاء تحوى العلماء (يملكون حق الإفتاء) ولكن الصادق الغريانى رفض إلاّ أن يكون بذاته مفتى مما يعنى أن الغريانى كان فوق المجلس الوطني الانتقالي بقدرة قادر ودليلى على ذلك قيام الشيخ تميم ولى عهد قطر بتقبيل رأس الغريانى (وما يعلم جنود ربك إلا هو).... لا يسمح الظرف بالتعليق على كل ما ورد فى تلك المقابلة التى كانت كالإعلان المدفوع الأجر....!!!
المؤقت يفترض أنه مربوط بالجدول الزمنى بالإعلان الدستوري الذى كان كالابن غير الشرعي للثورة للأسف....  وما ينطبق على الحكومة المؤقتة ينطبق على المؤتمر الوطني العام  كذلك لكن إذا أمعنا النظر فى إجراءات المؤتمر نجد أنه سيكون المؤقت (طويل الأجل)  على الأقل حتى يسدد كل عضو أخذ خمسة وأربعون ألف دينار ليشترى سيارة (فخمة) تليق بالعضوية تـُسترد على أقساط شهرية ولا أتصور بأن القسط سيكون أكثر من ألف دينار مما يعنى أننا نحتاج خمسة وأربعون شهراً أى أربع سنوات..... فلا داعي للعجلة لإصدار دستور وكنا أغبياء لما لم نصر على تفعيل دستور 1951/1963 خــُدعنا فانخدعنا.
المجلس المحلى بنغازى والمؤتمر الوطني العام كشفا عن حقيقة أن صندوق الاقتراع لا يعطيك الأكفأ  والأخلص بل على العكس فى الغالب الأعم.... رغم نزاهة العملية الانتخابية لأن الإعلانات والمؤهلات على اختلافها والوعود تبخرت وانكشف السراب عندما لمسنا ثمرة المجلسين من ناحية الواقع المــر وهكذا نرى أن هذا الوضع الذى أصبح يشعرك بالحموضة كلما ذُكر... ثوار... مجلس منتخب.... اعتصام مسلح..... عزل..... عزل تحت التهديد وغاب عن هؤلاء أن عزل من كانوا بالأمس بالإكراه سيقتضى حتماً عزل من هم اليوم يمارسون جرائم السابقين أى هم السابقون وانتم اللاحقون لأن 17 فبراير إن كانت لا تجـُبْ ما قبلها... لن تـُحصّن إهدار حقوق المواطنين بعدها.
العجب العجاب تم إقرار قانون العزل السياسى تحت التهديد – المسلك الذى سيتبناه بكل تأكيد الانتهازيون لفرض الدستور الذى يريدونه حتماً وهناك سيكون على ليبيا السلام.
قال رفيق المهدوى ذلك البيت فى وقت كان خيراً من يومنا فلو كان حياً ما عساه قائلاً.. يا ترى...؟
ولله الأمر من قبل ومن بعد (وما الله بغافل عما تعملون).
إبراهيم محمد الزغيد
التاريخ : 05/05/2013
i_elzughaid@yahoo.com 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق