الثلاثاء، سبتمبر 27، 2011

The Libyan Oil Tap

How to Get the Country's Production Back Online 
}Getting Libyan crude oil back to market will not be easy, however. Security, law and order, and political stability must be ensured before international companies return. The NTC has largely pacified Tripoli, but there is continued resistance in Muammar al-Qaddafi's hometown of Sirte and in areas bordering Tunisia. Although Libya's tribes and factions came together to rise up against Qaddafi, they could fracture after the fighting is over, leading to renewed bloodshed. Indeed, there are already tensions. In July, Abdel Fatah Younes, a rebel commander, was assassinated, supposedly by another rebel faction.
On the technical side of resuming operations, even where oil fields and facilities were relatively untouched there remains the danger of mines, which Qaddafi's forces laid around the rigs as they retreated. Less concerning, but still cause for delay, is the physical deterioration of the wells, which have been neglected for months now. For instance, electrical submersible pumps that sit at the bottom of wells deep underground must be lifted to the surface and cleaned regularly, which is especially important in Libyan wells, given the waxier nature of the crude there. Having been left offline for months, certain wells could require significant workovers before production can be restarted.~  Edward L. Morse and Eric G. Lee – Foreign Affairs




رئيس صندوق الثروة الليبى السيادى الجديد يلتمس مجسات

بقلم صموئيل روبنفيلد
23 سبتمبر 2011

من احد المتطلبات الأولى للعمل فى ليبيا بعد معمر القذافى هو تنظيف الخشب المتعفن.
يتصدر تلك القائمة التحقيق فى الفساد بهيئة الاستثمار الليبية، صندوق الثروة الليبى السيادى.  قال رفيق النايض، الرئيس التنفيذي المكلف للصندوق ، في حديث صحفى مع صحيفة وول ستريت جورنال، أن العمليات الاستثمارية فى حالة معلقة بينما الهيئة تنظر خلال ألـ 65 مليار دولار من الاستثمارات لفحص تعاملات الهيئة مع أناس مرتبطة بالقذافي.
"نحن غير مهتمين بمعاملات جديدة" وأضاف النايض للمجلة "تفويضى... هو فك التشابك فى ارث نظام القذافى وتثبيت" الثروة الوطنية للبلاد.
كما قال النايض أنه يريد إنشاء لجنة مستقلة، يعمل بها محاسبين عدليون وخبراء ماليون، لإجراء التحقيق في محاولة للحيلولة دون إدراك أو الوقوع فى ما يطلق عليه "مطاردة الساحرات[1]".
وقال النايض للمجلة "ستبقى معنا ولفترة طويلة الغيمة المظلمة للحكم والفساد السيئ فى النظام السابق ما لم يكن هناك مراجعة شاملة" للاستثمارات السابقة. "يجب أن يكون هناك بنية [للمراجعة]. فكل استثمار خاسر لا يشير إلى الفساد، وكل صفقة فاسدة لا تعني أن [الاستثمار] مال مفقود."
(هناك حديث صحفى لصحيفة فاينانشال تايمز الشهر الماضي مع  الشخص المعين لتعقب الأصول الليبية في الخارج).
من بين الصفقات التى يريد النايض أن يفحص بشكل محدد هي 4 مليارات دولار في الاستثمارات المشتقة والبديلة ، بما فيها تلك التى تمت مع مجموعة جولدمان ساكس وشركة سوسيتيه جنرال.
خسرت هيئة الاستثمار الليبية 1.3 مليار دولار امريكى في خيارات التداولات مع جولدمان في عام 2008. عرضت غولدمان دفع 50 مليون دولار لشركة استشارية خارجية يملكها ابن رئيس شركة ليبيا للنفط المملوكة للدولة لتغطية الخسائر. جولدمان لم تدفع المبلغ أبدا ونفت ارتكاب أي أخطاء كما رفضت التعليق للمجلة.
تقوم لجنة الأوراق المالية والبورصة بالتحقيق في ما إذا انتهكت غولدمان أو شركات مالية أخرى "قانون ممارسات الفساد فى الخارج" في تعاملهم مع صندوق الثروة الليبية السيادى.
وذكرت المجلة مستشهدة بمستندات ووثائق اطلعت عليها، أن شركة سوسيتيه جنرال دفعت مبلغا غير محدد لشركة Leinada ، وهي شركة مسجلة في بنما، للمساعدة فى تنظيم وتقديم المشورة بشأن استثمار  1 مليار دولار في عام 2008  لصالح الصندوق الليبى. المجلس الوطني الانتقالي، السلطة الليبية الحاكمة حاليا، يبحث فيما إذا الدفعات التى نفذتها سوسيتيه جنرال انتهى بها المطاف في أيدي أشخاص على صلة بنظام القذافي.
وامتنع متحدث باسم بنك سوسيتيه جنرال التعليق للصحيفة يوم الجمعة. هذا وصرح البنك سابقا انه "يذعن لجميع القواعد واللوائح القابلة للتطبيق"  فيما يخص صناديق الثروة السيادية.





[1]   مطاردة السحرة تعنى لغويا: البحث عن السحرة أو الأدلة على السحر، وكثيرا ما تنطوي على الذعر الأخلاقي، الهستيريا الجماعية والإعدامات بدون محاكمة قانونية. واصطلاحيا تعنى: إجراء تحقيقات لكشف أنشطة تخريبية ظاهريا ولكنها في الواقع تستخدم لمضايقة وتشويه سمعة أولئك الذين يحملون وجهات نظر مختلفة.




الاثنين، سبتمبر 26، 2011

المبادئ القرآنية وبناء النموذج المعرفي الإسلامي

أ.د. علي جمعة - مفتي الديار المصرية

المتدبر في القرآن يجد طائفة غير قليلة من الآيات القرآنية أو بعض الآيات يمكن أن تعد مبدأ عاماً يمثل مكونا أساسياً من عقلية المسلم. وهذه المبادئ العامة إذا جمعت في نسق واحد ودرس ما بينها من علاقات بينية، لمثّل ذلك منهجاً واضحاً وأساساً متكاملا لتفكير المسلم، سواء في الجانب الفقهي والتشريع القانوني، أو في مجال الفكر والنظرة الكلية للإنسان والكون والحياة، أو كان في مجال القيم والأخلاق على كافة المستويات.. وتتبع هذه المبادئ يساعد أيضاً على بناء النموذج المعرفي الإسلامي بصورة لافتة للنظر.

المقصود بالمبدأ العام
والمقصود بالمبدأ العام هنا حقيقة تهيئ الإنسان للتكليف. فالمبدأ يختلف عن مطلق الحقيقة التي كثيرا ما ينبه عنها القرآن في مثل قوله تعالى: ﴿وَكَانَ اللهُ غَفُورًا رَحِيمًا﴾(الفتح:14)، أو قوله: ﴿وَتَرَى الأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا المَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ﴾(الحج:5)، أو غيره من الحقائق الإيمانية أو الكونية حيث لا تشتمل على تكليف ولا تهيئ الإنسان لذلك التكليف مباشرة.
والمبدأ يختلف أيضاً عن الحكم الشرعي الذي يشتمل مباشرة على التكليف مثل قوله تعالى: ﴿أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا﴾(الإسراء:78)، فـ"أقم الصلاة" تكليف، وجملة "إن قرآن الفجر كان مشهودا" حقيقة إيمانية.
والمبدأ يختلف أيضاً عن القاعدة الفقهية أو الأصولية من حيث المنشأ. فالقاعدة الفقهية نشأت بعد تفريع الفروع في الفقه الإسلامي، وكأنها قد جردت فروعاً كثيرة وأخذت المشترك بينها وصاغته في صورة قاعدة مثل "لا ضرر ولا ضرار"، "الأمور بمقاصدها"، "الشك لا يرفع اليقين"، "العادة محكمة".. إلى آخر ما اهتمت به كتب القواعد الفقهية والأشباه والنظائر.
وكذلك القواعد الأصولية التي نشأت من تتبع اللغة العربية أو المصادر الشرعية مثل "الاستثناء معيار العموم"، "الأمر للوجوب ما لم تصرفه قرينة تدل على غير ذلك" أو "النهي يقتضي الفساد" أو "المشترك لا يعم"... إلخ، مما نراه يرد في علم أصول الفقه.

المبدأ ووجود الإنسان
والمبدأ يشتمل على حقيقة، وعلى تكليف مباشر، ولا معنى لوجوده من غير وجود الإنسان، فالإنسان هو موضوعه. والمبادئ القرآنية التي نوردها إنما هي على سبيل المثال تنبيه لهذا الجانب العظيم من القرآن الكريم، وهي تحتاج إلى تتبع واستقصاء مستقل وبحث خاص يقوم بعد استقرائها بإيراد كلام أهل التفسير عنها، ثم يبين عناصر كل مبدأ وما يلزمه من مقدمات وما يترتب عليه من نتائج، ثم يقوم ببيان العلاقة البينية بين كل هذه المبادئ لبناء النموذج المعرفي، ثم بيان كيفية تشغيلها في المجالات المختلفة: السياسة، والقانون، والاجتماع البشري، والتربية، والفكر، والعبادة، والعقيدة، والدعوة... إلخ. فمن تلك المبادئ:

﴿لاَ إِكْرَاهَ فِى الدِّينِ﴾(البقرة:256)
فهذه عبارة تبين حقيقة، لكنها حقيقة تهيئ الإنسان للتكليف فتمنعه من فرض العقائد بالقوة وترشد إلى الدعوة والحوار والتعددية الدينية، وأن الإسلام لا يريد منافقين يؤمنون بألسنتهم وتأبى قلوبهم الإيمان بل: ﴿فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ﴾(الكهف:29)، و﴿ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾(النحل:125)، و﴿لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ﴾(الكافرون:6)، و﴿إِنَّ المُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ﴾(النساء:145).
وهذا المبدأ يقرر حقيقة يترتب على تنفيذها عدة تكاليف وإجراءات، وفي نفس الوقت يعد شعاراً للإسلام وأساساً يمثل النموذج المعرفي الإسلامي الذي يعتبر معياراً للقبول ورفض الأفكار والآراء في الإسلام.

﴿كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ﴾(الإسراء:70)
ورد في قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي البَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا﴾(الإسراء:70).والحمل في البر والبحر، وزرق الله للناس من الطيبات حقائق مشاهدة، ولكن التكريم حقيقة تهيئ الإنسان لتكليف وتلزمه بإجراءات، ومن هنا حق لها أن توصف بالمبدأ. ومن عناصر هذا المبدأ أن الله فضل بني آدم على كثير ممن خلق، وأكد ذلك باستعمال المفعول المطلق الذي يعد استعماله هنا تأكيداً للتفضيل، وبياناً أنه تفضيل حقيقي لا يدخله المجاز، كما تقرر في علوم العربية من أن استعمال المصدر كمفعول مطلق يدل على الحقيقة، وينبه لها ويمنع دعوى المجاز.
تكريم بني آدم يلزم منه أنه سيد في هذا الكون، حتى وإن لم يكن سيداً له. فسيد الكون وخالقه هو الله، أما الإنسان فهو المخلوق المكلف الذي أسجد الله له الملائكة تكريماً له، وإعلاناً لهذا التكريم بين الخلائق، وجعل الامتناع عن السجود إليه علامة بدء الشر وخراب الدنيا، وعدها معصية إبليسية طرد إبليس من أجلها وجعله رجيماً.
وتكريم بني آدم يمكن أن يكون أساساً لاعتباره حامل الأمانة كما في قوله تعالى: ﴿إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا﴾(الأحزاب:72)، وهو أساس تكليفه بالعمارة: ﴿هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا﴾(هود:61)، وأساس الخلافة: ﴿إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً﴾(البقرة:30)، ويمكن اعتباره أساساً لحقوق الإنسان التي هي جزء من حقوق الأكوان عند المسلمين، حيث يرون للجماد والنبات والحيوان حقوقاً متسقة مع حقوق الإنسان في منظومة كلية هي حقوق الأكوان.

﴿أَلاَ لِلهِ الدِّينُ الخَالِصُ﴾(الزمر:3)
وهو مبدأ قررته السنة في الحديث الذي افتتح البخاري به صحيحه عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى..". وهو الذي صاغه الفقهاء بعد تتبع الفروع الفقهية وتجريد المشترك بينها في صورة قاعدة "الأمور بمقاصدها"، وهي قاعدة واسعة مما يبين شدة اتصال الفقه الإسلامي بمصادره، ونتبين من هذه القاعدة الفرق بين المبدأ والقاعدة. فالمبدأ منصوص عليه في النص المقدس (القرآن الكريم) فهو أصل هذه القضية، أما القاعدة فهي من تتبع الفروع وتجريدها للبحث عن المشترك الساري فيها. وهذا المبدأ يلزم منه تكاليف وإجراءات مبثوثة في أكثر من سبعين باباً من أبواب الفقه الإسلامي.

﴿القِصَاصِ حَيَاةٌ﴾(البقرة:179)
في قوله تعالى: ﴿وَلَكُمْ فِي القِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُوْلِى الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾(البقرة:179). وهو مبدأ يبنى عليه الفقه الجنائي والضبط المجتمعي، وله تأثير في علم النفس وعلم نفس التربية، وهو يمثل حقيقة واقعة في الحياة، وأنه يجب القضاء على الشر حيثما كان.

﴿أَلاَّ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى﴾(النجم:38)
وهو مبدأ يتعلق بالعقيدة حيث لا يقر الإسلام الخطيئة الموروثة، ولا يقر مبدأ الجاهلية "الجار يؤخذ بجريرة الجار"، ويؤكد المسؤولية الشخصية في كل المجالات؛ في القانون وفي الدين والعبادة، وعلى مستوى الأفراد والجماعات والدول.. فهو مبدأ كبير جداً ومهم وله أثره في كل المجالات.

﴿وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنْسَانِ إِلاَّ مَا سَعَى﴾(النجم:39)
مبدأ يمكن أن تقوم عليه قوانين العمل، وهو في نفس الوقت شعار ديني واجتماعي وسياسي.

﴿عَفَا اللهُ عَمَّا سَلَفَ﴾(المائدة:95)
وهو مبدأ يؤكد فورية القوانين، وأنها لا تكون بأثر رجعي، وأنه يجب البدء في تنفيذها فوراً حتى مع عدم المؤاخذة على ما وقع في الزمن الماضي.

﴿مَا يُرِيدُ اللهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ﴾(المائدة:6)
وهو مبدأ رفع الحرج ويؤكده قوله تعالى: ﴿وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ﴾(الحج:78)، ويرتبط مع مبادئ أخرى في الأخذ بالعرف، والمشقة تجلب التيسير وذلك في قوله: ﴿خُذِ العَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الجَاهِلِينَ﴾(الأعراف:199)، وفي قوله: ﴿إِنَّ مَعَ العُسْرِ يُسْرًا﴾(الشرح:6). وفي البحث عن المبادئ العامة ينبغي البحث عن العلاقات البينية بين تلك المبادئ، للوصول إلى منظومة يمكن أن تمثل أساس النموذج المعرفي الإسلامي الذي به التقويم.
والمبادئ العامة كثيرة لا يمكن حصرها في هذه المقدمة، وإنما أردنا أن ننبه إليها ومن أمثلتها أيضا:
﴿وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ القَتْلِ﴾(البقرة:191)، و﴿وَعَسَى أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ﴾(البقرة:216)، و﴿الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ﴾(النساء:34)، و﴿مَن يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ﴾(النساء:123)، و﴿وَالصُّلْحُ خَيْرٌ﴾(النساء:128)، و﴿لاَ يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا﴾(البقرة:286)، و﴿وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ﴾(النحل:126)، و﴿إِنَّ العَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا﴾(الإسراء:34)، و﴿وَالسَّلامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الهُدَى﴾(طه:47)، ﴿وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ﴾(الأعراف:157)، و﴿وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الخَبَائِثَ﴾(الأعراف:157).
هذه هي المبادئ العامة القرآنية، والتي يمكن أن نجعلها أساساً لكل التشريعات والقوانين في حياتنا الخاصة والعامة. ونلاحظ من تأملنا في كتاب الله أنه يشتمل على منظومة للقيم الأخلاقية العليا، والتي يمكن أن نجعل أسماء الله الحسنى هي محورها الأساسي. وبهذا نكون قد تعرفنا على القرآن الكريم وعلمنا عنه الكثير باعتباره كتاب هداية، وباعتباره محور حضارة المسلمين.

الخميس، سبتمبر 22، 2011

وول ستريت جورنال : مسئولون سابقين فى نظام القذافي يبقون في مناصبهم بصندوق الثروة السيادى الليبي

-- يقال إن الحكومة الليبية الجديدة تدرس الهيئة العامة للاستثمار الليبى  وتعاملاتها مع البنوك الأجنبية.
-- ولكن الرجل المسئول يعرب عن مخاوفه من إمكانية عرقلة التدقيق فى حالة التواجد المستمر لمديري الصندوق في عهد القذافي.
-- قال أحد قادة الثوار: ينبغى على الحكومة أن تعين لجنة مستقلة لمراجعة الحسابات وتعطى لها سلطة توجيه تهم احتيال.

بقلم  بنوا فوشون
عندما ينقشع الغبار عن شوارع طرابلس بعد سقوط العقيد معمر القذافي الذى حكم البلاد لفترة طويلة، فإن الحكومة الجديدة لديها الكثير لتفعله حتى تفصل نفسها عن الماضي، فالعديد من المسئولين فيها حاليا خَدَمَ في عهد القذافي الذى استمر 42 عاما.
في حين أن استمرارية الحكومة السابقة يمكن أن يساعد على تحقيق الاستقرار في البلاد التي تُمزقها المعارك، هناك العديد من التساؤلات حول الكيفية التى  استثمرت حكومة القذافي ثروة البلاد النفطية الهائلة. الدكتور محمود بادى، المكلف من قبل الحكومة الجديدة (المكتب التنفيذى) لفحص  هيئة الاستثمار الليبى التى يقدر رأسمالها بـ 65 مليار دولار امريكى، يقول انه يتم وبدقة فحص التعامل مع البنوك الأجنبية، مثل سوسيتيه جنرال (Societe Generale) أوغولدمان ساكس  (Goldman Sachs Group Inc.  ).
الاستثمارات التي تولاها البنك الفرنسي سوسيتيه جنرال بالنيابة عن  ليبيا خسرت نحو 700 مليون دولار في حين المعاملات التي يحملها غولدمان ساكس خسرت 1.4 مليار دولار. هذا وامتنع كلا المصرفين عن التعليق.
وذكر الدكتور بادى أن "خسائر هيئة الاستثمار الليبية لا تقل عن 3 مليارات دولار وربما تصل إلى 6 مليار دولار خلال الآونة الأخيرة". وذكرت صحيفة وول ستريت جورنال في وقت سابق أن لجنة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية تدقق فى عملية دفع مبلغ 50 مليون دولار عُرِضتْ من بنك جولدمان ساكس على هيئة الاستثمار الليبية عن طريق شركة استشارية خارجية يملكها أحد أقارب رئيس المؤسسة الوطنية للنفط. المبلغ لم يتم دفعه ونفت غولدمان ارتكابها أى مخالفات قانونية.
أعرب بادى عن مخاوفه من أن التدقيق فى مثل هذه الأمور قد يتعرض للعرقلة برجوع المدراء السابقين.  وفقا لتقارير صحفية نقلا عن مسئولين في الحكومة الجديدة، بأن كلا من محمد لياس ورفيق النايض اللذان كانا يشغلان منصبى رئيس مجلس الإدارة والمدير التنفيذى عندما كانت هيئة الاستثمار تحت سيطرة القذافى ، قد أُعيد تعيينهما  على رأس الصندوق فى أواخر شهر أغسطس الماضى.
قال  بادى بان هذا الإعلان المتداول يوحى بأن الحكومة الجديدة "تحاول إيقاف التحقيق".  لياس لم يرد للتعليق وتعذر التواصل بالنايض.
لم يكن بادى الوحيد الذى أعرب عن قلقه. عبد الحميد الجدى، ناشط فى مكافحة الفساد لمدة 10 سنوات فى عهد القذافى، دعى الحكومة الجديدة بطرد لياس والنايض من هيئة الاستثمار الليبية.
قال الجدى، الذى كان يستعمل الاسم الحركى "تامر الزيات" ليتفادى انتقام النظام، قال يتعين على الحكومة أن تشكل لجنة مراجعة مستقلة لها سلطة وصلاحيات توجيه تهم احتيال وإعادة هيكلة الصندوق.
أعرب الجدى أيضا عن مخاوفه من أن إعادة التعيينات قد تدل على توجهات قبلية فى الحكومة الجديدة بما أن  كل من محمود جبريل، رئيس الحكومة الانتقالية الفعلى، والنايض من قبيلة ورفلة ومن نفس المنطقة زيادات.
تظهر الوثائق التى عاينتها صحيفة وول ستريت بان الدكتور جبريل، والذى كان رئيسا للتنمية الاقتصادية الوطنية فى ليبيا فى عهد القذافى، كان أيضا عضوا فى مجلس أمناء هيئة الاستثمار الليبية وان هذا المجلس كان مكلف بمهمة الإشراف على استثماراتها.
هذا وقد أكد الدكتور بادى على صحة هذه المعلومات بدون مزيد من التعليق. احد مساعدى جبريل لم يتمكن من التعليق على الفور، وتعذر الوصول إليه بعد ذلك.
يقول مسئولون سابقون في الهيئة العامة للاستثمار بأن جبريل فى حقيقة الأمر لم يحضر أبدا أى اجتماع لمجلس الأمناء.
يقول الجدى انه يعتقد بان " لا يجب على جبريل أن يتدخل بأى شكل من الإشكال فى أعمال هيئة الاستثمار سواء مباشرة أو غير مباشرة.... حيث انه كان عضوا فى مجلس الأمناء لهيئة الاستثمار الليبية خلال الحقبة التى خسرت فيه الهيئة مليارات الدولارات".
مما لا شك فيه ، أن نهاية نظام العقيد القذافى قد فتحت لليبيين باب لحريات لم تكن معروفة سابقا وجلبت المواهب جديدة للحكومة، مثل وزير النفط والمالية المناوئ السابق الدكتور على الترهونى. دافع المسئولون عن إعادة تعيين لياس والنايض بأنه وسيلة لضمان سلاسة التحول لتشغيل الصندوق لأنهم على دراية بطرق عمله.
لكن المنتقدين يقولون بان وجود رئيس الوزراء الحالي على لائحة الأمناء ، جنبا إلى جنب مع عودة المدراء الذين كانوا مسئولين فى الهيئة عندما تعرض الصندوق لخسائر موجعة، هو تذكير بان ليبيا تواجه صراعات لقلب الصفحة بما فى الكلمة من معنى.
يقول الجدى: إعادة التعيين للمدراء  " تحد للقضية التي مات من أجلها 50000 شهيد".





-- ساهمت مارغريت كوكر فى مادة المقال.
 
 



(النهاية) وكالة داو جونز الإخبارية
الساعة 16:40 بالتوقيت الشرقى – 09/09/2011
تمت الترجمة بمساعدة غوغل 

للمزيد حول الموضوع انظر..

الأربعاء، سبتمبر 21، 2011

WSJ: Ex-Gadhafi Officials Remain At Libyan Sovereign Wealth Fund

--The new Libyan government is said to be examining the Libya Investment Authority and its dealings with foreign banks
--But the man in charge fears his scrutiny could be hindered by the continuing presence of Gadhafi-era fund managers
--One rebel leader said the government should create an independent audit commission with the power to bring fraud charges
By Benoit Faucon
As the dust settles in the streets of Tripoli after the fall of longtime Libyan ruler Col. Moammar Gadhafi, the new government will have much to do to disentangle itself from the past because many of its officials served during the 42-year Gadhafi era.
While the government continuity can be help to stabilize the battle-scarred country, there are many questions about how Gadhafi's government invested the country's vast oil wealth. Mahmoud Badi, the person put in charge by the new government to examine the $65 billionLibya Investment Authority, says he is scrutinizing dealings with foreign banks, such as Societe Generale SA or Goldman Sachs Group Inc. The investments undertaken by the French bank on behalf of Libya lost about $700 million while transactions carried by Goldman Sachs lost $ 1.4 billion. Both banks declined to comment.
"Losses of the [Investment Authority] were not less than $3 billion and might go to $6 billion," he said recently. The Wall Street Journal previously reported the U.S. Securities and Exchange Commission was examining a $50 million payment offered by Goldman Sachs to the Investment Authority for an outside advisory firm owned by a relative of the head of Libya's state-run oil company. The payment was never made, and Goldman has denied any wrongdoing.
Badi fears his scrutiny of such matters could be hindered by the return of old managers. According to news reports quoting officials in the new government, Mohamed Layas and Rafik Nayed, who had been named as chairman and chief executive, respectively, of the Investment Authority under Gadhafi, were reappointed at the helm of the fund in late August.
That reported announcement suggests the new government "is trying to stop the investigation," Badi said. Layas didn't return a call for comment, and Nayed couldn't be reached.
Badi isn't the only one to voice concerns. Abdelhamid Eljadi, an anti- corruption activist for 10 years during the Gadhafi era, called on the new government to dismiss Layas and Nayed from the investment authority.
Eljadi, who previously used the nom de guerre Tamer al-Zyat to avoid regime reprisals, said the government should create an independent audit commission with the power to bring fraud charges and the authority to restructure the fund.
Eljadi also expressed fears that the reappointments may indicates some tribalism in the new government since both Mahmoud Jibril, the de facto prime minister of the Libyan interim government, and Nayed come from the Warfalah tribe and from the same area of Zyadat.
Documents reviewed by The Wall Street Journal show Jibril, who was head of Libya'sNational Economic Development under Gadhafi, was a member of the board of trustees of the Investment Authority and that this board was tasked with overseeing its investments.
Badi confirmed the information but didn't comment further. An aide to Jibril couldn't immediately comment and couldn't be reached thereafter.
Former Investment Authority officials say that Jibril never actually attended a meeting of the board of trustees.
Eljadi says he believes that Jibril "should not intervene in any way with the Investment Authority directly or indirectly...as he was a member of the board of trustees of the Investment Authority during the era where it lost billions of dollars."
To be sure, the end of Col. Gadhafi's regime has opened the door to freedoms previously unknown to Libyans and brought new talent to government, such as oil and finance minister and former opponent Ali Tarhoni. Officials have also defended the reappointments of Layas and Nayed has a way to smooth the transition for the running of the fund because they are familiar with its workings.
But critics say the presence of the current prime minister on the trustees' list, along with the return of managers who were in charge when the fund was racked by losses, is a reminder of the struggles Libya faces to fully turn the page.
Says Eljadi, the reappointments of managers "defy the cause that 50,000 martyrs died for."
--Margaret Coker contributed to this article.
  (END) Dow Jones Newswires
  09-09-11  1640ET




الثلاثاء، سبتمبر 20، 2011

بيان ائتلاف ثورة 17 فبراير الزاوية بخصوص الحكومة والمرحلة الانتقالية القادمة

بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على رسول الله وبعد الحمد لله....
بيان بخصوص الحكومة والمرحلة الانتقالية القادمة

الإخوة فى مختلف أرجاء مدن ليبيا الحبيبة... السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إن ائتلاف ثورة 17 فبراير بالزاوية والقوى السياسية والفعاليات الشبابية تنظر بعين قلقة لما يحدث فى الواجهة السياسية فى وطننا الحبيب ليبيا، إن التحديات جسام والمرحلة مرحلة تأسيس وبناء وتتطلب توحيد الصفوف وشد الأيادى لإيصال الوطن إلى شاطئ الأمان.
إن المرحلة الحالية تتطلب شفافية فى الطرح وعرض جميع القضايا بوضوح على شرائح المجتمع الليبى وخاصة فى ما يتعلق بتعيين أعضاء الحكومة الانتقالية المناط بها قيادة البلاد فى هذه المرحلة التاريخية.
رغم إننا نرحب بكل من أنشق عن النظام السابق، إلا إننا لا نؤيد وجودهم فى الصف الأمامى لقيادة هذه المرحلة. إننا نطالب بتعيين الكفاءات الوطنية التى ليس لها اى تاريخ مع النظام السابق.
فى الوقت الذى نحترم فيه مجهودات الدكتور محمود جبريل بما ساهم به فى إيصال ليبيا إلى المرحلة الحالية، إلا إننا نرى أن المرحلة القادمة فى حاجة ماسة إلى شخصية ذات تاريخ نضالى وخصائص قيادية تأخذ بعين الاعتبار التاريخ الجهادى منذ انطلاقة ثورة 17 فبراير المباركة.
إن ائتلاف 17 فبراير والقوى السياسية والفعاليات الشبابية تقدر التاريخ النضالى للدكتور عبد الرحمن السويحلى ودوره ومساهمته فى ثورة 17 فبراير، وإننا نزكى ترشيح الدكتور عبد الرحمن السويحلى لقيادة المرحلة القادمة لما رأينا فيه من كفاءة علمية وحنكة سياسية.
هذا ونسأل الله لنا ولكم التوفيق وان يقيض الله لامتنا أمر رشيد يعز فيه الحق وأهله ويزيل عنا الباطل وأنصاره.

ائتلاف ثورة 17 فبراير الزاوية

الاثنين، سبتمبر 19، 2011

بيان ائتلاف 17 فبراير طرابلس بشأن التشكيل الوزارى المقترح

بسم الله الرحمن الرحيم
بيان بشأن التشكيل الوزارى المقترح
حرصا على مستقبل بلدنا ووفاءا لدماء الشهداء ومشاركة منا فى الحراك الوطنى المصاحب لأصداء الاعلان عن تشكيل حكومة انتقالية من قبل رئيس المكتب التنفيذى خلال الأيام المقبلة. فإننا نود أن نسجل الاتى:
1.      يأتى الإعلان عن تشكيل حكومة انتقالية قبل الإعلان عن التحرير وهو أمر مخالف لما نص  عليه الإعلان  الدستورى، مما يثير تحفظنا وقلقنا من مخالفة واضحة وسابقة غير حميدة فى عدم احترام نصوص الإعلان.
2.      المجلس الوطنى الانتقالى لم يكلف رئيس المكتب التنفيذى بتشكيل حكومة انتقالية وإنما أصل التكليف هو إعادة تشكيل المكتب التنفيذى. بالإضافة لتحفظنا على أداء رئيس المكتب التنفيذى طيلة فترة الثورة الليبية حيث تميز بالغياب الشبه كامل عن البلاد وعدم معايشة المعاناة الكبيرة التى عاناها شعبنا مما أدى إلى ضعف شديد فى أداء  المكتب التنفيذى عموما وفقدان القيادة كان الشعب فى أمس الحاجة إليها فى أحلك الظروف.
3.      صاحب أداء المكتب التنفيذى فى الفترة السابقة غياب كبير للشفافية واستمر هذا حتى إثناء تشكيل الحكومة الانتقالية المزمعة مما يضعف الثقة فى طريقة الاختيار والتكليف. خاصة أن بعض الأسماء التى تسرب خبر اختيارها تثير شكوكا فى مقصد اختيارها عند كثير من الوطنيين الصادقين.

لذلك فإننا ندعو المجلس الوطنى الانتقالى إلى إعادة النظر فى  تكليف د. محمود جبريل بتشكيل حكومة انتقالية ونطالب بان تكون الخطوات القادمة ذات شفافية عالية دفعا لأى التباس أو ريبة قد تعترى الصف الوطنى وتخل بوحدته المطلوبة فى هذه المرحلة كما ندعو إلى إشراك الشباب والثوار فى المرحلة القادمة فى  شؤون الدولة تحقيقا لأهداف ثورة 17 فبراير المجيدة

والله الموفق

المكتب السياسى
ائتلاف 17 فبراير طرابلس
19/9/2011

السبت، سبتمبر 17، 2011

ليبيا.. معطيات في المرحلة الانتقالية، تحليل ورأي

مقدمة

ها وقد حرر ثوار ليبيا الأشاوس طرابلس، وهم ألان يطهرون الوطن من بقايا ديكتاتورية القذافي المقيتة. ملحمة الستة أشهر ويزيد ستكون خالدة في وجدان الشعب الليبي البطل بما شهدته من تضحية وفداء وإقدام من اجل تحرير الوطن واسترداده كريما عزيزا.
وستكون نبراسا للشعوب المضطهدة ومعلما في درب الحرية والتحرر.
واليوم، وليبيا مقبلة على مرحلة حاسمة في تاريخها تعبر بها إلى طور الاستقرار والسلام والوئام وازدهار التشييد والتعمير، نحو بناء دولة دستورية ديمقراطية يعمها العدل والشفافية وتظللها العدالة الاجتماعية والرفاه، وتسودها قيم حقوق الإنسان والمواطنة والتعايش.
هذه المرحلة الحاسمة هي المرحلة الانتقالية التي بدأت مقدمتها بتحرير طرابلس وإتمام تطهير الوطن. المرحلة الانتقالية حرجة ومؤثرة في صياغة مستقبل الوطن وشكل الدولة المنشودة. وما ستشهده من تفاعلات وإحداث سيؤثر بالتأكيد على المستقبل، ولكنها متأثرة بفترة الانتفاضة والتحرير. وبالتالي، وكأي عملية سياسية تاريخية، فالمرحلة الانتقالية مرتبطة بما سبقها ومتصلة بما يعقبها، مما يتطلب الفحص القريب والدراسة الواعية والتحليل المتأني للوصول إلى استنتاجات وخيارات وبدائل ترشد صناعة القرار الاستراتيجي والتكتيكي. وهذا يستدعي تفكيك حالة فترة التحرير إلى عناصرها، لبيان تطورها ودورها وتأثيراتها المحتملة.
وكتوطئة تاريخية، فانتفاضة 17 فبراير بدأت سلمية لتتحول إلى مواجهات عسكرية لردع ومقاومة استخدام القذافي للقوة المفرطة لإخماد الثورة والانتقام من الثوار ومناطقهم، مما استدعى التدخل الدولي والإقليمي لحماية المدنيين. فكان خيار عسكرة الانتفاضة الوسيلة الأوحد لإتمام جهد التحرير، تحت إدارة المجلس الوطني الانتقالي والمكتب التنفيذي والمجلس العسكري وتفرعاتهم الثورية والمحلية والإدارية. ونتج عن حرب التحرير سقوط ألاف الضحايا كشهداء وجرحى ومعاقين، وتشريد ألاف الأسر في الملاجئ بالداخل والخارج، وتدمير ألاف المساكن والمحال، وتقويض البنية التحتية المتهالكة أصلا في مناطق كثيرة. إضافة، إلى توقف عجلة الاقتصاد شبه الكامل، وانعكاسه على مستوى معيشة الأهالي وقدرتهم على تلبية حاجياتهم الأساسية.
فترة التحرير شهدت وأفرزت عدة ظواهر وعناصر في المعادلة السياسية والاجتماعية. ولان العملية السياسية، عملا وتحليلا ومتابعة، عملية مركبة ومتداخلة المستويات، فتجزئتها تفكيكا مطلوبة للاقتراب من فهمها، ليعاد تجمعيها في شبكة فكرية متناسقة نسبيا، وفق رؤية وتفضيلات وحسابات تتراوح حسب منهجية المتعاطي معها. وهكذا، فتفكيك المرحلة إلى عناصرها وشواهدها سيكون في نقاط.

انتقائية الهوى والإنصاف


اسم المسجد: المسجد الحرام.

اسم الخطيب: فضيلة الشيخ سعود الشريم.

عنوان الخطبة: "انتقائية الهوى والإنصاف".

تاريخ الخطبة: 01- 04-2011م.

الخطبة الأولى:

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهدِه الله فلا مُضِلَّ له، ومن يُضلِل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبد الله ورسوله.

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} (آل عمران: 102).

{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} (النساء: 1).

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} (الأحزاب: 70، 71).

أما بعد، فيا أيها الناس:

مقولةٌ مشهورة، تناقلها الماضون الغابرون، وسارَت بها الرُّكبان في المشرق والمغرب، وحكاها اللاحِق عن السابق بالوراثة العلمية الخبرية، حتى صارت عبارةً حاسمةً في محل النزاع، وسياجًا منيعًا أمام أي سطوٍ أو تجاوُز، ضاربةً بالأهواء والشُّبهات والشهوات عُرْض الحائط، لها وقعُ المطارِق على كل ذي ميلٍ وحَيْدة، ويُسمَع لها رجعُ الصدَى في ساحات الباحثين عن الحق والعدل، والتوازن والاعتدال.

إنها كلماتٌ يسيرة المبنى واسعةُ المعنى، إنها تلكم الكلمات المشهورة التي أُثِرت عن ابن عباس - رضي الله عنهما -، وعن مجاهدٍ والإمام مالك - رحمهما الله -، وهي قولهم: "ليس أحدٌ بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا يُؤخَذ من قوله ويُترَك إلا النبي - صلى الله عليه وسلم -".

إنها لنعمَ الميزان - عباد الله -، ولنِعم القِسط والحكم.

أيها المسلمون:

إننا نعيشُ زمنًا مُلتهبًا من أبرز معالمه: الفورة الإعلامية الظاهرة التي قرَّبَت البعيد، وأدنَت النائي، وبلغَت مبلغًا أضحَت به منظارًا أو حلبةً للمُطارَحات الفكرية، والعلمية، والسياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، وغيرها.

وعند النظر الثاقِب والعقل المُتيقِّظ يتَّضِح جليًّا ما يكتنِفُ تلك الفورة من الدور البارِز في التأثير الآنِيّ في المُتلقِّي، وإثارة المشاعر، والاعتماد على التعبيرات العاطفية، حتى وإن كانت عاريةً عن الأدلة الشرعية الصحيحة، والمُقدِّمات العقلية الصريحة، وهي مبنيةٌ - في الغالب - على الظن الكاذب، والتهويل الزائف، والهوى والتحيُّز الجازِمَيْن على أفئدة جملةٍ من ذوي الأقلام السيَّالة، والمُطارَحات الميَّالة، والكرِّ والفرِّ الصُّحُفيّ.

رائدُهم في ذلك: السبق في الطرح، وكسبُ القرَّاء والمُشاهدين والمُستمعين، والتلبيس وخلطُ الأوراق على العامة، وذلكم من خلال تمثيل وجهة نظرٍ واحدة، وهي وجهة نظر الغالب أو المُسيطِر في حين إنها انتقائيةٌ مُوجَّهة لا تخضع لقوةٍ مُنصِفة، ولا لوازعٍ مهيب.

وهذا ما يُؤسِفُ ذوي الألباب، وأصحاب الفِطَر السلمية، وقديمًا قيل: "ويلٌ للشجِيِّ من الخلِيِّ".

ومن هنا - عباد الله - تبرُزُ الانتقائيةُ الباطِشة فتنهَشُ العدلَ والإنصافَ والوسطية، نعم؛ الوسطية التي هي الحق أيًّا كان، لا الوسطية التي هي وسطٌ بين طرفين، كما يفهم ذلك بعضُ من لم ترتقِ أفهامُهم لحقيقة الوسطية والمراد بها.

نعم - أيها المسلمون- إنها الانتقائية السائدة إبَّان فترةٍ من الإنصاف والقِسط ونُشدان الحقيقة، ولا غَرْوَ على أحدٍ يريد أن يحكُم على مجتمعٍ ما في ثقافته وفكره وعلمه أن ينظر موقِع مُثقَّفيه وكتَبَته من الانتقائية قُربًا أو بُعدًا، فعلاً أو قولاً.

الانتقائية التي نعنيها هنا - عباد الله - هي: تضخيمُ الجانب الأقل خطرًا على حساب القيمة الحقيقية عن الجانب الأخطر، أو بعبارةٍ أخرى: هي التمسُّك بالحقيقة فيما يُوافِق هوى النفس، والنأْيُ عنها وتحميسُها فيما لا يُوافِقُ ذلك.

وقد تكون أحيانًا أخرى في التمسُّك بما يُوافِقُ الهوى والمصلحة الذاتية وإن كان لا قوة له في الشرع والمنطق، أو التهويل لما يُخالف الهوى والمصلحة، وإن كان قويًّا في الدلالة، صريحًا في المنطق.

وهذه الصفة - عباد الله - هي سببُ مقت الله لأممٍ تدثَّرَت بها، كما قال تعالى: {أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ} (البقرة: 85)، وهي التي أرادها الله بقوله: {وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ * الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ * وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ} (المطففين: 1- 3).

نعم، إنها الانتقائية التي تصرِفُ الاختيار والانحياز لما تميلُ إليه الشهوة، وتتطلَّبُه المصلحةُ الشخصية دون اكتراثٍ بالقيمة المطلقة للحق، ووجوب الأخذ به، وإن كان له مرارةٌ على النفس، وهذا ما نقرأه في كتاب ربنا عمن قال الله فيهم: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ فَإِنْ أُعْطُوا مِنْهَا رَضُوا وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ} (التوبة: 58).

قال ابن القيم - رحمه الله -: "وقد ذمَّ الله تعالى من يردُّ الحقَّ إذا جاء به من يُبغِضُه، ويقبَله إذا جاء به من يُحبُّه، فهذا خُلُق الأمة الغضبية".

ويشتد الأمر خطورةً - عباد الله - حينما تكون الدعوة إلى الله ورسوله ليحكُم بين الناس فيما اختلفوا فيه من الحق بإذنه، فتبرُز الانتقائية المَشينة، حتى في حال تواجُد هيبة الحق الشرعي، وطلب الرجوع إليه، كما قال تعالى واصفًا أمثالهم: {وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ * وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ * أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} (النور: 48- 50).

ولقد أحسن الإمامُ الدارمي - رحمه الله - حين ردَّ على بعض أهل الأهواء الذين ردُّوا النصوص المُثبِتة رؤية المؤمنين ربهم، ثم تمسَّكوا بأثرٍ ضعيفٍ عن مجاهدٍ - رحمه الله - فسَّر فيه قوله تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} (القيامة: 22، 23) أي: تنتظر ثوابَ ربها، فقال الدارمي: "أوَ لستم زعمتم أنكم لا تقبلون هذه الآثار ولا تحتجُّون بها؛ فكيف تحتجُّون بالأثر عن مجاهد إذ وجدتم سبيلاً إلى التعلُّق به لباطلكم على غير بيان، وتركتم آثار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه والتابعين إذ خالفَت مذهبَكم إلا من ريبةٍ وشذوذٍ عن الحق؟!".

إنها الانتقائية - عباد الله -، نعم؛ إنها الانتقائية بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، وهي عدم قبول الحق إلا إذا كان يخدم القضية الشخصية، والمصلحة الفكرية؛ بل حتى في تهذيب النفس حال التلبُّس بالمعصية؛ حيث لا تستحضِر بعض النفوس المُبتلاة بالانتقائية إلا أن الله غفورٌ رحيم، ويغُضُّون الطرفَ عن كونه شديدَ العِقاب.

نرى المُلتاثين بالانتقائية يستحضِرون الأدلة على وجوب الأمر والنهي في الإصلاح والاحتساب على الوُلاة، ويغُضُّون الطرفَ عن أدلة السمع والطاعة في المعروف، ولزوم جماعة المسلمين وإمامهم، ولا ينظرون إلا إلى قول الله لموسى - عليه الصلاة والسلام - حينما قال: {وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا فِرْعَوْنُ مَثْبُورًا} (الإسراء: 102)، ونسوا قول الله - جل وعلا - لموسى: {فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا} (طه: 44)، ونراهم كذلك يُمارِسون الإسقاط الذهني فيما لو سرق شخصٌ في المسجد بأنه ينبغي أن يُهدَم هذا المسجد، وفيما لو أن مُحجَّبةً غشَّت وخدَعَت بأنه يجبُ نزعُ الحِجاب، فلا هم دعوا إلى قطع يد السارق، ولا تعزير تلك التي غشَّت وخدَعت، وإنما دعَوا إلى هدم المسجد ونزع الحِجاب، وهنا مكمن الانتقائية المُتسلِّطة.

ولذا كان من سِمات الانتقائيين: أنهم يقتلون النفسَ التي حرَّم الله، ويسألون عن قتل الذباب في الحَرَم! ولسان حالهم يقول:

أصُمُّ عن الأمر الذي لا أريده
وأسمع خلقَ الله حين أشاء

ومن سِماتهم أيضًا: أنهم لا يرون إلا القذاة ويغُضُّون الطرفَ عن الورم، فيُمارِسون الازدواجية، وخِداع الذات، والتنويم الفكري للنفس والمجتمع، من خلال أسلوب الإسقاط الذهني والأخلاقي؛ لأجل ما تهواه النفس وتميلُ إليه، لا لما يجبُ أن يكون وفقًا لما أمر الله به وأمر به رسوله - صلى الله عليه وسلم -، أو نهى عنه الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم -.

{إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ} (النور: 51، 52).

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، قد قلتُ ما قلت، إن كان صوابًا فمن الله، وإن كان خطأً فمن نفسي والشيطان، وأستغفر الله إنه كان غفَّارًا.

الخطبة الثانية:

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده.

وبعد:

فاعلموا - يا رعاكم الله - أن الانتقائية صفةٌ مذمومة، وعوارٌ مشين؛ إذ هي تُفقِدُ المصداقية والتوازن، وحينما يتَّصِفُ بها شخصٌ ما فكأنما يحكُم على نفسه بالسقوط والحِطَّة من أعين ذوي الأفهام السليمة، فلن ينجح أو يُفلِح والدٌ انتقائي ولا صديقٌ انتقائي ولا مُعلِّمٌ انتقائي، وقولوا مثل ذلكم في طالب العلم والمُفكِّر والكاتب والناصح والسياسي.

ومَن حالُه مُلتاثةٌ بالانتقائية فستكشِفُه الصروف لا محالة؛ لأن من استطيَر وراء لهب الانتقائية، فقد يُصدَمُ غدًا بنقيض حاله حينما يحتاج إلى ضد انتقائيته الأولى، ولات ساعة استطاعة.

ولأجل هذا كان مما أوصى به رسولُنا - صلى الله عليه وسلم - أحدَ صحابته أن قال له: "ولا تكلَّم بكلامٍ تعتذر منه غدًا"؛ رواه أحمد وابن ماجه.

ولأجل أن نرفع الانتقائية عن واقعنا فإنه يجبُ علينا استحضار أمرين مهمين:

أحدهما: توفير المنظور السليم في العرض.

وثانيهما: شمول الرؤية في العرض.

وقد حرِصَ سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم - على تأكيد هذين الأمرين في الشاب الذي جاء إليه - كما في الحديث الصحيح الذي رواه أحمد - وطلبَه أن يأذَن له بالزِّنَا، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أتُحبُّه لأمك؟"، قال: لا والله، جعلني الله فِداك، قال: "ولا الناسُ يُحبُّونه لأمهاتهم"، ثم سأله بعد ذلك: هل يحبُّه لابنته، ولأخته، ولعمته، ولخالته.

ومن هذه القصة يُؤصِّلُ موقفُ النبي - صلى الله عليه وسلم - في نفوسنا منهجًا في الحكم على الأشياء والتعامُل معها، وذلك من خلال توفُّر عنصرين أساسين، وهما: عنصر العدل، وعنصر العلم؛ لأنه ينبغي علينا في جميع شؤوننا أن نستهدِف الهداية لا الإغاضة، والتوجيه لا الإثارة، والنُّصحَ لا التعيير، والتبيين للناس لا التنفيس عن المشاعر الذاتية، والغيرَة للحق لا الانتصار للنفس.

ولا شك أن أثر النفع من أثر القصد، وإذا اختلَّ القصد فإنها الانتقائية ما منها بُدٌّ.

قال وكيع بالجراح: "أهل العلم يكتبون ما لهم وما عليهم، وأهل الأهواء لا يكتبون إلا ما لهم".

وقد وصف أبو الفرج ابن الجوزي - رحمه الله - بعضًا ممن وقع في الانتقائية التي نعني من أهل زمانه؛ حيث قال عنهم: "فإذا جاء حديثٌ ضعيفٌ يُخالفُ مذهبَهم بيَّنوا وجه الطعن، وإن كان موافقًا لمذهبهم سكتوا عن الطعن فيه، وهذا يُنبِئ عن قلة دينٍ وغلبَة هوى".

ومن أراد القبول عند الله وعند الناس - عباد الله - فليشحَذ همَّته إلى الوضوح والمصداقية واتقاء الانتقائية الحالِقة الفالِقة، ولله ما أحسن ما وُصِف به البخاري - رحمه الله - صاحب "الصحيح"؛ حيث إنه ذكر مسألةً في الزكاة في كتابه "الصحيح"، فقال عنه شُرَّاحُ "صحيحه": لقد وافق البخاري في هذه المسألة الحنفية مع كثرة مخالفته لهم، لكن قادَه إلى ذلك الدليل.

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا} (النساء: 135).

هذا؛ وصلُّوا - رحمكم الله - على خير البرية، وأزكى البشرية: محمد بن عبد الله بن عبد المطلب صاحب الحوض والشفاعة، فقد أمركم الله بأمرٍ بدأ فيه بنفسه، وثنَّى بملائكة المُسبِّحة بقُدسه، وأيَّه بكم - أيها المؤمنون -، فقال - جل وعلا -: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} (الأحزاب : 56)، وقال - صلوات الله وسلامه عليه -: "من صلَّى عليَّ صلاةً صلَّى الله عليه بها عشرًا".

اللهم صلِّ وسلِّم وزِد وبارِك على عبدك ورسولك محمد صاحب الوجه الأنور، والجبين الأزهر، وارضَ اللهم عن خلفائه الأربعة: أبي بكرٍ، وعمر، وعثمان، وعليٍّ، وعن سائر صحابة نبيك محمد - صلى الله عليه وسلم -، وعن التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنَّا معهم بعفوك وجودك وكرمك يا أرحم الراحمين.

اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، واخذُل الشرك والمشركين، اللهم انصر دينك وكتابك وسنة نبيك وعبادك المؤمنين.

اللهم فرِّج همَّ المهمومين من المسلمين، ونفِّس كرب المكروبين، واقضِ الدين عن المدينين، واشفِ مرضانا ومرضى المسلمين، برحمتك يا أرحم الراحمين.

اللهم وحِّد صفوف المسلمين، اللهم وحِّد صفوف المسلمين، وألِّف بين قلوبهم يا ذا الجلال والإكرام.

اللهم آمِنَّا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، واجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك، واتبع رضاك يا رب العالمين.

اللهم وفِّق وليَّ أمرنا لما تحبه وترضاه من الأقوال والأعمال يا حي يا قيوم، اللهم أصلِح له بطانته يا ذا الجلال والإكرام.

{رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} (البقرة : 201).

سبحان ربنا رب العزة عما يصفون، وسلامٌ على المرسلين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.